ملخص:
- إسرائيل تستخدم فرصة الحرب على غزة لاختبار منظومة دفاع جوي جديدة تعمل بتقنية الليزر "ماجن أور".
- تجريب "ماجن أور" يعتبر أول تجربة تشغيلية للمنظومة، والنتائج المبشرة قد تسرع من عملية تطويره.
- المنظومة تعتمد على تقنية الليزر متعددة القوة لاعتراض الصواريخ والطائرات من دون طيار.
- إسرائيل تعمل على تطوير أنظمة دفاعية متعددة الطبقات لمواجهة التحديات الأمنية.
- تطوير أنظمة دفاعية جديدة، مثل "مقلاع حاد"، يعزز قدرات إسرائيل في مواجهة التهديدات الصاروخية المتطورة.
- التحديات الأمنية تدفع إسرائيل إلى تطوير أنظمة دفاعية تستند إلى التكنولوجيا للتصدي لتهديدات متنوعة.
ترى المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية في الحرب على غزة فرصة لاختبار منظومة الدفاع الجوي "الاعتراض بالليزر" وتجريبها في أرض الميدان الأمر الذي قد يجعل المنظومة جاهزة للعمل في وقت مبكر من العام المقبل.
مع بداية الحرب في غزة، التي تم خلالها إطلاق أكثر من 10 آلاف صاروخ وقذيفة باتجاه الداخل الإسرائيلي، اعتبرت شركة "رافائيل" الحكومية وزارة الدفاع الحرب الحالية فرصة لـ اختبار منظومة الدفاع الجوي "ماجن أور Magen Or" (تعني بالعربية درع النور) في ظل ظروف ميدانية حقيقية.
ويعد تجريب "ماجن أور" جزءاً من الاختبار التشغيلي الأول من نوعه، ومن المتوقع أن تؤدي النتائج المبشرة إلى تقصير فترة عملية تطويره بشكل كبير.
ولكن المؤسسة الأمنية تلتزم الصمت بشأن التجربة المخطط لها.
في غضون ذلك، تعمل الهيئة الإسرائيلية لتطوير الأسلحة والتقنية العسكرية، المعروفة باسم "رافائيل" وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية على تسريع تطوير الأنظمة التي ينبغي أن توفر حماية متعددة الطبقات من الفضاء أيضاً.
يذكر أنه في شباط/فبراير 2022، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، نفتالي بينيت، أن الجيش الإسرائيلي سيطلق نظام الاعتراض بالليزر في غضون عام تقريباً.
وأضاف بينيت أن نظام الاعتراض بالليزر سيسمح بتطويق إسرائيل بجدار ليزر يحميها من الصواريخ وقذائف الهاون والطائرات من دون طيار وغيرها من التهديدات.
وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن أهمية هذا السلاح (منظومة دفاع جوي تعمل بالليزر) يسحب أوراق اللعب والتهديد ممن تعتبرهم إسرائيل أعداءها.
وتقول تقارير إسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي يسارع في الآونة الأخيرة إلى تفعيل منظومات دفاع جوي باستخدام الليزر.
ووفقاً للخطة، سيتم الانتهاء من إنتاج ثلاثة أنظمة أخرى بحلول عام 2024، وستتمركز جميعها في جنوبي صحراء النقب.
يذكر أن إسرائيل تمتلك منظومة دفاع جوي تعرف باسم "القبة الحديدية"، إضافة إلى منظومات "مقلاع داود" و"الباتريوت" و"أور" (حيتس/ السهم)، واليوم تعمل على تطوير ثلاث منظومات جديدة هي "ماجن أور" و"مقلاع حاد" و"السهم 2".
ونشرت مجلة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية تقريراً، الأسبوع الماضي، عن المنظومات الثلاث الجديدة، يترجم موقع "تلفزيون سوريا" أجزاء واسعة منه.
الحرب على غزة تسرع تطوير المنظومات الجديدة
إن الصواريخ والقذائف والطائرات من دون طيار التي تطلقها حماس وحزب الله والميليشيات الموالية لإيران في سوريا والحوثيون في اليمن على إسرائيل، دفعت الهيئات الأمنية والدفاعية في إسرائيل للتشاور والتنسيق فيما بينها وتوزع مهام الاعتراض فيما بينها وهي تمارس عملها في التصدي لهذه الصواريخ لإنشاء نظام دفاع جوي متعدد الطبقات الذي تم إنشاؤه خلال الـ 15عاماً الماضية باستثمار مليارات الدولارات.
دخلت إسرائيل حملتها العسكرية في قطاع غزة، والتي استمرت 48 يوماً قبل التوصل إلى هدنة يوم الجمعة الماضي، بنظام دفاعي هو الأكثر كثافة وتطوراً في العالم ضد الصواريخ والقذائف باستطاعته كشف واعتراض قذائف الهاون التي تطلق من مسافات قصيرة لا تتجاوز بضع كيلومترات إلى الصواريخ الباليستية بعيدة المدى المحملة بالرؤوس الحربية الضخمة، والتي قد يصل وزنها نحو نصف طن.
تعكف إسرائيل على تطوير ما لا يقل عن ثلاثة أنظمة اعتراض جديدة هي في مراحل التطوير، ويرتبط مستقبل هذه الصناعة جزئياً بالاستفادة من دروس الحرب الحالية.
"ماجن أور".. درع النور
المنظومات الثلاثة هي من أكثر أنظمة الاعتراض الجوي إثارة للاهتمام ورائدة على الإطلاق، وهي منظومة طورتها "رافائيل"، وتعرف باسم "ماجن أور" (تعني بالعربية درع النور) المصمم لاعتراض الصواريخ والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات من دون طيار باستخدام تقنية الليزر متعدد القوة.
ويعمل أكثر من مئة مهندس من قسم البحث والتطوير والهندسة في "رافائيل" على تسريع تطوير "ماجن أور"، الذي يعتبر أحد أهم التحديات التكنولوجية التي ظهرت في كل الأوقات لتطوير الصناعات الدفاعية الإسرائيلية.
ويعمل فريق رائد بقيادة المهندس الدكتور يوحاي، منذ 17 عاماً، على تطوير النظام الذي يسمح باعتراض الأهداف قصيرة المدى في أثناء الطيران بسرعة الضوء، بخرطوشة لا تنفد أبداً وبكلفة صفر.
وسيعمل "ماجن أور" جنباً إلى جنب مع منظومة "القبة الحديدية"، ولكن سيكون القرار بشأن إطلاق صاروخ اعتراضي (من القبة الحديدية) يكلف نحو 50 ألف دولار أو شعاع ليزر يكلف بضعة شواقل، على أساس نمط الإطلاق، وعلى القدرة على تقديم الاستجابة الأسرع والأدق لها. وفي أيام السحب والضباب والعواصف الرملية، سيكون من الصعب الثقة في "ماجن أور"، الذي يقتصر نشاطه في مثل هذه المواقف، وستقود القبة الحديدية الإجراءات المضادة.
وبعد سنوات طويلة من التجارب والأخطاء، سجل فريق تطوير رافائيل في السنوات الأخيرة سلسلة من الإنجازات التكنولوجية أفضت في بداية العام إلى نشر "ماجن أور" في منطقة تجريبية في النقب لاختبار قدراته.
وكانت نتائج التجربة مرضية، حيث تعاملت منظومة "ماجن أور" بنجاح مع وابل من الصواريخ وقذائف الهاون وأيضاً مع طائرة من دون طيار سقطت على الأرض بعد أن حرق شعاع الليزر أحد أجنحتها، وحول "ماجن أور" المسيرة من تهديد محتمل إلى قطعة خردة التي هوت من ارتفاع عالٍ على أرض الصحراء (النقب).
وتعتمد هذه المنظومة بشكل أساسي على توجيه ليزر كهربائي يركز على هدف محدد ويرسل له شعاعا قوته نحو 100 كيلووات وقطر عملة معدنية من فئة 10 شيكل. يتم إخفاء شعاع الليزر عن الأنظار سواء في النهار أو الليل، ولا يمكن رؤيته إلا من خلال الأجهزة المخصصة لذلك.
وهي صامتة، بحيث لا يصاحب الإطلاق على الهدف دوي إطلاق صواريخ اعتراضية شبيهة بأنظمة الدفاع الموجودة. كما أن اعتراضاتها هادئة وخالية من الانفجارات والشظايا المعدنية لأنها "تتوقف" على الجسم وتحرقه وتدمره نتيجة دراجات الحرارة المرتفعة.
ولكن الضجيج الوحيد في عملية اعتراض الليزر بكاملها يأتي فقط من المولد الذي يزود الدرع الضوئي بكمية الكهرباء اللازمة لإنتاج الشعاع القاتل.
في أول مقابلة شاملة مع "كالكاليست" تم نشرها في نيسان/ أبريل الماضي مع مطوري "ماجن أور"، قالوا إن التوقعات الضخمة من المنظومة الجديدة -والتي قيد التجريب- تسعى إسرائيل منها خلالها "العدو يائساً".
وفي المقابلة ذاتها، أشار أحد أعضاء فريق التطوير أيضاً إلى مشكلة إدمان إسرائيل على التقنيات والأنظمة الدفاعية التي جاءت على حساب حل المشكلات عبر ترتيبات سياسية أو قرارات عسكرية. وقال، على الأقل "ماجن أور" يخفف العبء المالي. أعتقد أن العلاج الرخيص للتهديدات التي يوجهها الليزر القوي سيسمح بتحويل العديد من الموارد إلى احتياجات أخرى في النظام الأمني أو خارجه، فالحروب شيء مكلف، وبعد كل جولة من القتال، يكتب أحدهم شيكاً وشخص آخر يقوم بالدفع. لقد أدخلنا متغيراً مهماً جداً في هذه المعادلة من شأنه أن يوفر كثيرا من المال.
منظومة "مقلاع حاد"
وفي الوقت نفسه، تعمل شركة "رافائيل" على تعزيز تطوير "مقلاع حاد"، وهو نظام دفاعي يعد الأول من نوعه في العالم مصمم لاعتراض الصواريخ التي تتجاوز سرعة الصوت وتنتقل بسرعات تتجاوز 10 أضعاف سرعة الصوت، والقدرة على المناورة بسرعات عالية وتحدٍ لأنظمة الدفاع الحالية، مثل منظومة السهم.
"مقلاع حاد" كشفت عنه "رافائيل" عن خطة تطويره في حزيران/يونيو الماضي، بعد أيام قليلة من كشف إيران عن صاروخها الجديد من نوع "فاتح"، وهو صاروخ بالستي فرط صوتي.
يذكر أن الصواريخ الفرط صوتية دخل أرض المعارك واستخدمت لأول مرة العام الماضي عندما هاجمت القوات الجوية الروسية بصاروخ "كيزال" أهدافاً في أوكرانيا.
منظومة "السهم 2"
وفي الحرب الحالية، تحصل منظومات صواريخ منظومة "السهم" (حيتس)، التي طورتها شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، على تحديث استثنائي بفضل الاعتراضات الناجحة للصواريخ الباليستية الإيرانية من طراز "هادار"، التي أطلقها الحوثيون إلى إسرائيل من اليمن من مسافة تقدر بنحو 1600 كيلومتر.
بالإضافة إلى صواريخ "السهم 2" (حيتس 2)، والمعروف بالإنجليزية باسم "آرو 2"، التي دخلت الاستخدام في سلاح الجو قبل نحو 25 عاماً، اعترضت صواريخ أطلقت من اليمن إلى جانب اعتراض صاروخ بعيد المدى، واعتراض صواريخ "عياش 250" التي أطلقتها حماس باتجاه وادي عربة (جنوباً)، ولكن ثمن الصاروخ الواحد من منظومة "السهم 2" يبلغ نحو مليوني دولار.
وخلال العامين الأخيرين، تعمل هيئات تطوير منظومات الدفاع الجوي بالتنسيق مع إدارة "السور" في وزارة الدفاع الإسرائيلية، على تطوير نظام "السهم 4" (حيتس 4)، الذي ينبغي أن يجمع كل القدرات والمدى والدقة الكامنة في نظام "السهم 2" و"السهم 3" معاً. ورفعهم إلى مستوى آخر أعلى. ومن المفترض أن يتعامل "السهم 4" مع صواريخ أرض-أرض التي تحمل رؤوساً حربية متشظية وتعترضها في الجو حتى قبل أن ينقسم الرأس الحربي الواحد ويصبح في الوقت نفسه عدة أهداف تتطلب الاعتراض.