أكد وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، أن نظامه "سار مئات الخطوات فيما يتعلق بما هو مطلوب منه، في حين لم يتلق أي خطوة من الأطراف الأخرى"، مطالباً هذه الأطراف بـ "إبداء حسن النوايا".
جاء ذلك في تصريحات على هامش مشاركته في الاجتماع الوزاري الثاني المشترك بين الدول العربية ودول جزر الباسيفيك الصغيرة النامية في العاصمة السعودية الرياض، بشأن مخرجات قمة جدة العربية في 19 أيار الماضي، ومبادرة "خطوة مقابل خطوة"، وتطورات العملية السياسية، نقلتها صحيفة "الشرق الأوسط".
وقال المقداد إن "مُخرجات قمة جدة كانت جيدة ودقيقة، وفيما يتعلق بنا في سوريا أؤكد لكم أننا سِرنا مئات الخطوات، والتي لم نلق، مقابلها، أية خطوة من الأطراف الأخرى".
وفسّر المقداد "الأطراف الأخرى" بأنها "الأطراف التي كانت خلف الإرهاب والقتل وفتنة تقسيم سوريا وتفتيت سوريا، بدءاً من سوريا للانتقال للأقطار العربية الأخرى، بدأت كما تعرفون، وتتنقل الآن تبعاً لمصالح بعض الدول من بلد عربي إلى بلد عربي آخر"، وفق تعبيره
وقال المقداد إنه "لذلك، المطلوب الآن من الأطراف الأخرى أن تُبدي حسن نوايا، وأن تتوقف عن دعم الإرهاب وتجويع الشعب السوري وأطفال سوريا، وتساهم في نهضة الشعب السوري الجديدة".
افتتاح السفارات بأقصى سرعة ممكنة
وعن إعادة التمثيل الدبلوماسي وتعيين السفراء بين الجانبين، كشف المقداد أن النظام السوري والسعودية "يبحثان الآن في تسمية سفيري البلدين"، موضحاً أن "السفير الجديد يجب أن يضمن تنامي العلاقات السورية السعودية لتصل إلى مرحلة التكامل في مجمل السياسات العربية والخارجية".
وأشار المقداد إلى أنه زار مقر السفارة السورية في الرياض، مضيفاً أن "السفارة السعودية في دمشق جاهزة تقريباً، وكان هناك وفد من المملكة في دمشق مؤخراً، وهم مرتاحون للتعاون من أجل استعادة عمل السفارة فوراً، ونحن على استعداد للمساعدة من أجل فتح سفارتنا بأقصى سرعة ممكنة".
ما خطوات مبادرة "خطوة مقابل خطوة"؟
ظهر مصطلح "خطوة مقابل خطوة" لأول مرة في دراسة أصدرها "مركز كارتر" الأميركي للأبحاث في كانون الثاني 2021، تحت عنوان "الطريق نحو تحويل النزاع في سوريا: إطار عمل لمقاربة مرحلية"، استناداً إلى مقابلات مع مسؤولين أميركيين وأوروبيين وروس ومسؤولين من الأمم المتحدة، ومحللين وباحثين ومفكرين عالميين، وسوريين من مختلف الشرائح السياسية.
واقترحت الدراسة سبعة مسارات تفاوضية ملحة في سوريا، وعرضت إجراءات محددة لبناء الثقة في كل مسار، ترافقها خطوات أكثر صعوبة وفعلية على النظام السوري أن يتخذها، موضحة مقاربة متسلسلة من ثلاث مراحل للمساعدة في إعادة الإعمار وتخفيف العقوبات أو رفعها.
في 27 كانون الثاني 2021، أعلن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، عن مبادرة "خطوة مقابل خطوة"، وقال إنها "تهدف إلى بناء الثقة بين الأطراف في سوريا عبر القيام بخطوات تبادلية، والانخراط بمسار العملية السياسية وفق القرار 2254"، وصولاً إلى "القضايا الدبلوماسية".
وتشمل المبادرة الأممية ملفات المعتقلين والمختطفين والمفقودين السوريين، والمساعدات الإنسانية والتعافي المبكر، وشروط العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وترسيخ الهدوء في عموم سوريا وتحقيق الاستقرار، والتعاون في مكافحة الإرهاب.
وذكر بيدرسن حينذاك أن "خطوة مقابل خطوة" هي جزء من القرار 2254، الذي حصل على "دعم صلب" من مجلس الأمن، مؤكداً أن الولايات المتحدة وروسيا تؤيدان الانخراط بالمبادرة، في حين طلب الاتحاد الأوروبي الانخراط "تحت سقف الشروط الثلاثة، لا للمساهمة بالإعمار، لا لرفع العقوبات، لا للتطبيع قبل تحقيق تقدم سياسي".
وترفض المعارضة السورية مبادرة "خطوة مقابل خطوة" بسبب تجاهلها للهدف الرئيسي لقرارات مجلس الأمن بشأن سوريا (القرار 2118 وبيان جنيف، والقرار 2254)، وهو تحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل في سوريا.
وسبق أن شددت "هيئة التفاوض السورية" على أنه "لا يمكن القبول بإعطاء حوافز مادية أو سياسية أو دبلوماسية للنظام مقابل تنفيذ بنود إنسانية كان هو المتسبب الأساسي فيها، فضلاً عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان التي ارتكبها، وما زال يرتكبها".