عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين يوم الإثنين، عن موقف حازم بشأن القضايا التجارية خلال اجتماع في الإليزيه مع الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يقوم بزيارة دولة لفرنسا تستغرق يومين.
وشدّد ماكرون خلال الاجتماع على أهمية اعتماد "قواعد عادلة للجميع" مع تصاعد الخلافات التجارية بين أوروبا والصين.
من جهتها، أكدت فون دير لايين أن "أوروبا لن تتردد في اتخاذ قرارات حازمة" إذا لزم الأمر "لحماية اقتصادها وأمنها". وفق وكالة فرانس برنس.
وفيما يتعلق بالقضية الرئيسية الأخرى حاليا، دعا ماكرون إلى تنسيق "حاسم" بشأن الحرب في أوكرانيا على أمل ألا تزيد بكين دعمها لروسيا، في حين قالت فون دير لايين إن الاتحاد الأوروبي وباريس يعوّلان على الصين "لاستخدام كل تأثيرها على روسيا" لوقف حرب أوكرانيا.
وأضافت "لقد أدى الرئيس شي دورا مهما في الحد من التهديدات النووية غير المسؤولة لروسيا، وأنا واثقة من أنه سيواصل القيام بذلك".
وقال ماكرون في بداية اللقاء "مستقبل قارتنا سيعتمد بوضوح على قدرتنا على مواصلة تطوير علاقاتنا مع الصين بطريقة متوازنة"، مضيفا "الوضع على الساحة الدولية يحتاج بوضوح أكثر من أي وقت مضى إلى هذا الحوار الأوروبي الصيني".
وصل شي جينبينغ الأحد إلى العاصمة الفرنسية حيث كان في استقباله رئيس الوزراء غابريال أتال، في محطة أولى ضمن زيارة أوروبية ستشمل صربيا والمجر، وهي الأولى للرئيس الصيني للقارة العجوز منذ عام 2019 وتتزامن مع ذكرى مرور 60 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية الفرنسية الصينية.
في اجتماعه الأول في الإليزيه، حضرت فون دير لايين بغية إظهار جبهة قارية موحدة بشأن القضايا التجارية كما حدث قبل خمسة أعوام والعام الماضي في الصين.
وأوضح ماكرون أنه يريد أن يطرح "بكل ودّ وثقة (...) المخاوف" من أجل "محاولة التغلب عليها"، محذرًا من "منطق الفصل الذي سيكون ضارًا" على المستوى الاقتصادي، وداعيًا إلى "قواعد عادلة للجميع".
من ناحية أخرى، قالت فون دير لايين "لدينا مصلحة في إظهار أن تعاوننا يؤتي ثماره" متحدّثة عن "التحدي" المتمثل في "العلاقة الاقتصادية الجوهرية" بين بروكسل وبكين ومطالبة بـ"مساواة في الوصول إلى الأسواق".
وقالت قبل الاجتماع إن أوروبا لا يمكنها "أن تقبل" بـ"تجارة غير عادلة" ناجمة عن تدفق السيارات الكهربائية أو الفولاذ الصيني المصنّع بفضل "الإعانات الضخمة".
"هدنة أولمبية"
أمام المسؤولَين الأوروبيَين، لم يخض الرئيس الصيني في القضايا الحساسة أمام الصحفيين، مكتفيًا بقوله إنهما "كقوتين عالميتين رئيسيتين، على الصين والاتحاد الأوروبي أن يبقيا شريكين ويواصلا الحوار والتعاون ويعمّقا التواصل الاستراتيجي ويعزّزا الثقة الاستراتيجية المتبادلة".
وفي ظل المخاوف الأوروبية من التراجع اقتصاديا في ظل التنافس بين القوتين الأوليين في العالم، أي الولايات المتحدة والصين، فتحت بروكسل خلال الأشهر الماضية سلسلة تحقيقات بشأن حزم الدعم التي تقدمها الحكومة الصينية لبعض القطاعات الصناعية خصوصا السيارات الكهربائية.
ويخشى الأوروبيون والأميركيون من أن هذا الدعم الحكومي يقوّض المنافسة وقد يلحق ضررا بالاقتصاد العالمي.
وتتهم بكين أوروبا بـ"الحمائية" وتعتزم جعل موقفها واضحًا في باريس.
وفتحت الصين بدورها تحقيقا بشأن الدعم الحكومي لبعض المنتجات مثل مشروب الكونياك الفرنسي، وهو ما يتوقع أن يثير ماكرون تحفظات بشأنه.
وفي مقابلة مع صحيفة "لا تريبيون" نشرت الأحد، أقر ماكرون بعدم وجود "إجماع" لدى الأوروبيين بشأن الاستراتيجية الواجب اتباعها مع بكين، لأن "بعض الأطراف لا يزالون يرون الصين كسوق للبيع"، في حين أنها "تقوم بالتصدير بشكل هائل نحو أوروبا".
وحضّ على "حماية أفضل لأمننا القومي" والتحلي برؤية "واقعية أكبر بكثير في دفاعنا عن مصالحنا" و"نيل المعاملة بالمثل" في التبادلات مع الصين.
من المقرر أن يعقد منتدى اقتصادي صيني - فرنسي الإثنين في مسرح مارينيي.
ويعتزم الرئيس الفرنسي أن يطلب من الصينيين دعم "هدنة أولمبية" لتعليق "كل" النزاعات خلال دورة ألعاب باريس هذا الصيف.
وأكد الرئيس الفرنسي الإثنين أن "التنسيق" مع الصين بشأن "الأزمات الكبرى" في أوكرانيا والشرق الأوسط هو أمر "حاسم تماما".
تؤكد الصين رسميا أنها على الحياد في حرب أوكرانيا، إلا أنها تعرضت لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها الغزو الروسي. كما شهدت العلاقات بين موسكو وبكين تقاربا منذ اندلاع النزاع في شباط/فبراير 2022.
ويؤكد الإليزيه أن ما تريده فرنسا هو "تشجيع (الصين) على استخدام" نفوذها لدى روسيا "للمساهمة في حلّ للنزاع".