يحتفل السوريون في مصر بقدوم شهر رمضان وفقاً لعاداتهم وعادات البلد المضيف، بتركيب الزينة وتعليق الفوانيس، وباتت بعض الأسواق كشوارع مصغرة من المدن السورية في الأعياد والمناسبات.
يظهر اهتمام السوريين بزينة رمضان تأثرهم بالمصريين من خلال وضع الزينة في الشوارع وعلى واجهات الأبنية والمحال، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أصبح أمر الزينة مصدر رزق لبعض العائلات السورية التي تنتظر الشهر الفضيل من عام لعام.
ورغم ارتفاع الأسعار بالآونة الأخيرة بسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي وغلاء أدوات وزينة رمضان إلا أن الإقبال عليها لم يتوقف.
كذلك، فإنّ بعض السوريين باتوا يصنعون الزينة يدوياً في منازلهم مستعينين بالمقاطع المصورة التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ فتح أمر الزينة أبواب رزق أمام بعض أصحاب المصانع مثل تلك التي تعمل بالمعادن.
زينة رمضان
يقول محمد ياسر، سوري وهو صاحب مصنع للديكورات والأثاث المنزلي في منقطة العاشر من رمضان بمحيط القاهرة، اتفقت مع شقيقي قبل عامين مع موعد قدوم رمضان على تصنيع الهلال والفوانيس والمجسمات الرمضانية مستعينين بمهندس.
نالت أعمال الشقيقين السوريين ومنتجاتهم إعجاب كثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفعهما إلى تطوير العمل واعتمداه مهنة موسمية لتصنيع الزينة.
ويضيف محمد، في البداية كنا نبيع بالتجزئة (المفرق) ومع ازدياد الطلب نتيجة التسويق الإلكتروني أصبح هذا العمل موسما رمضانيا يستفيد منه كثيرون مثل العاملين في تقطيع الليزر وتقطيع العلب البلاستيكية وزينة الورود والطلاء الذي يوضع على المواد المصنعة.
في هذا الموسم، بدأ محمد وشقيقه العمل منذ شهر رجب الهجري ويقول بأن الطلبيات المسبقة (الحجوزات) ازدادت هذا العام عما قبله، سواء للمحال أو للأشخاص الذي يعملون على تزيين الهلال والفوانيس التي يتم تصنيعها.
بدورها، تقول سهير عبد الصمد، شابة سورية من حمص تقيم في مصر، اتجهت إلى العمل بتصنيع زينة رمضان لأني أحبها واستمتع بها، على الرغم أنني تخرجت من الجامعة بتخصص اللغة الفارسية.
وتضيف، في موسم رمضان أجني من صنع الفوانيس والهلال أمولاً أكثر من عملي طوال العام بمهن أخرى.
وتشير الشابة السورية، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، إلى أنها لم تتوقع أن تبيع كمية كبيرة من منتجاتها الرمضانية هذا الموسم بسبب موجة الغلاء التي تعاني منها معظم دول العالم ومصر أيضاً.
ووفقا لرأي سهير، فإن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت كثيرا بازدهار عملها، لكون كثير من الأشخاص باتوا من محبي التصوير والنشر على المنصات.
وعلى الرغم من الغلاء وارتفاع الأسعار مقارنة مع الدخل المتواضع لكثير من العائلات السورية، إلا أنها لم تفوت اقتناء الزينة عبر إعادة تدوير نفايات المنزل وصنع الزينة يدوياً.
ولاء محمد، سورية تقيم في مدينة العبور قرب القاهرة، تقول لا أستطيع شراء زينة رمضان بسبب الغلاء، ولكن كنت مصرّة على تزيين المنزل لكي يشعر أطفالي بقدوم الشهر الفضيل.
وتضيف، أطفالي يرون منازل الجيران والأصدقاء مليئة بالأضواء والاحتفالات، فحاولت جاهدة أن تعيش مع أطفالها الأجواء ذاتها ولكن بتكاليف أقل.
الغلاء ورمضان
بدوره، عبد الستار الأحمد، سوري وهو صاحب محل تجاري في مدينة العبور، يقول إن الإقبال على الشراء منخفض نوعا ما مقارنة بالأشهر السابقة، وباتت الكميات التي يأخذها المواطن محدودة وقليلة، فعلى سبيل المثال كان البعض يشترون الزيت بالعبوات الكبيرة والآن يشترون العبوات الأصغر بسبب ارتفاع الأسعار.
ويضيف عبد الستار، الذي يبيع الألبان والأجبان السورية والبقوليات والتمور واحتياجات السوريين بشكل خاص في محله، إن الإقبال بات قليل مقارنة بالسنوات السابقة نتيجة ارتفاع الأسعار، مشيراً أن السوريين يجدون صعوبات في تأمين سداد إيجار المنزل الشهري وأقساط المدارس.
كذلك، رياض الأشقر، سوري يقيم في منطقة "ستة أكتوبر" ويعمل كسائق سيارة، يقول إنه اختصر كثيرا من المواد التي كان يشتريها سابقا واستبدل اللحم الأحمر بالدجاج فقط والذي يوضع على المائدة مرة في الأسبوع، سواء في رمضان أو قبله بسبب ضيق الأحوال المادية، حاله كحال أصدقائه.
أطعمة السوريين حاضرة في الأسواق وأساسية
رغم كل الصعوبات إلا أن هناك أصنافا اعتاد السوري على وجودها في مائدته الرمضانية، وما استطاع الاستغناء عنها في بلاد اللجوء وعمدت المحال إلى تحضيرها مثل "المعروك"، وخبز رمضان ذو القوام الهش والذي يوضع عليه دبس التمر، وأيضا الكنافة السورية وأصناف الحلويات المشهورة في بلاد الشام.
وليس فقط المحال، بات من المعتاد في رمضان أن تجد "البسطات" منتشرة في شوارع المدن التي تضم أعدادا كبيرة من السوريين، ويباع عليها عصير "التمر الهندي" و"العرق سوس" الذي يعتبر أساسيا على مائدة السوريين إضافة لعصائر أخرى.
ومع ازدياد أعداد السوريين في مصر وتجمعاتهم بشكل كبير في مناطق معينة، بات من الطبيعي أن تجد الشوارع مليئة بهم ومحالهم منتشرة في كل مكان، وأن تعيش شعور وكأنك في بلدك الأم قبل الإفطار فالاندماج بين السوري والمصري بات واضحا، وسط ترحيبات من الأخير بـ"الضيوف".