خيّم الحزن على الوسط الفني في سوريا بعد الإعلان عن وفاة الفنانة القديرة ثناء دبسي، في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء، بعد عشرات السنوات الزاخرة بالفن في مسيرة طرقت بها خشبة المسرح من حلب في خمسينيات القرن الماضي، ثم كانت الأم الحنون في الدراما السورية، والأم الحنون لعائلة صبري حيث أمضت سنواتها الأخيرة متمسكة بدمشق ترفض مغادرتها، رغم قساوة الفراق عن ابنتها الفنانة يارا.
وأعلنت "نقابة الفنانين" التابعة للنظام السوري، في وقتٍ متأخر أمس، وفاة ثناء دبسي (زوجة الفنان سليم صبري ووالدة الفنانة يارا صبري) عن عمر يناهز الـ83 عاماً، بعد صراع مع المرض في أحد مشافي العاصمة دمشق.
فنانون ينعون "الأم الحنون"
تفاعل نجوم الفن السوري واللبناني مع رحيل ثناء دبسي، ونعوها بكلمات مؤثّرة معربين عن ألمهم العميق لرحيلها، إذ علّق الفنان السوري مكسيم خليل قائلاً: "كنتي دائماً نسمة دافية.. بالحياة و عالشاشة.. الله معك ياحنونة.. اسفين مارح نقدر نكون بوداعك.. قلبي معك استاذ سليم صبري ويارا وماهر وكل هالعيلة الأصيلة. الله يصبركم. السلام لروحك #ثناء_دبسي".
February 21, 2024
كذلك علقّت الفنانة السوريّة سوسن أرشيد على خبر الوفاة بحزن كبير، قائلةً: "ياكريمة يارقيقة يانسمة مرقتي بهالحياة وتركتي أثر حلو دافي مابموت بقلب كل حدا اتعرف عليكي السلام لروحك ألف السلام واالعمر إلكون ولصبر كل الصبر عمّو سليم ويارا وريم وثائر وماهر واحفادك وكل يلي بحبوكي".
وأعربت الفنانة السورية كندا علوش عن حزنها، قائلةً عبر حسابها في منصة "إكس": "إنا لله وإنا إليه راجعون، انتقلت إلى رحمة الله السيدة والفنانة العظيمة ثناء دبسي التي شكلت جزءً من ذاكرتنا ووجداننا.. خالص عزائي للصديقة الغالية الفنانة يارا صبري".
February 21, 2024
وعلّقت الفنانة اللبنانية كارمن لبس على خبر وفاة ثناء دبس، قائلةً: "الله يرحم الممثلة العظيمة #ثناء_دبسي، تعازيي الحارة لكل عيلتها وأحبابها وخاصة يارا صبري، الله يصبر قلبك عالفراق ما في كلام يعوّض".
February 21, 2024
وأكّدت الفنانة السوريّة أمل عرفة، أنه "لا عزاء يواسي قلبها لرحيل ثناء، مستذكرة العديد من اللقاءات التي جمعتها بها خلال الأعمال الدرامية، لتصفها بالنبيلة وصاحبة الأخلاق الرفيعة، علاوة عن امتلاكها مشاعر الحنية الحقيقية التي لا تخيّب ظن أي إنسان بها".
أمّا الفنانة نادين خوري فوصفت خبر رحيل ثناء بـ"المؤلم الذي يقبض على القلب"، مسترجعة كمية النصائح التي قدّمتها لها الراحلة في بداية طريقها الفني، وتوجيهها لها بمحبة وعناية فائقة، متمنية أن يمد الله عائلتها وزملاءها بالصبر.
"الأم الحنون".. ثناء دبسي
ولدت الممثلة السورية ثناء دبسي، بتاريخ 1 كانون الثاني 1941 في مدينة حلب، وأكملت دراستها الابتدائية والاعدادية فيها، قبل أن تنتقل إلى دمشق مع شقيقتها الفنانة ثراء دبسي، لتكمل دراستها الثانوية هناك، وتساهم في تأسيس المسرح القومي السوري خلال فترة الستينيات.
وبدأت مشوارها الفني في أواسط خمسينيات القرن الماضي، وشاركت مع أختها ثراء بالعروض التي كانت تقدمها فرقة مسرح الشعب على خشبة مسرح دار الكتب الوطنية في حلب.
وفي العام 1961، دخلت ثناء دبسي عالم الفن من خلال مشاركتها بمسرحية "شيترا"، ومسرحية "أبطال بلدنا"، قبل أن تتوالى أعمالها المسرحية، فشاركت عام 1962 بثلاث مسرحيات: "الأشباح، مروحة الليدي ويندرسير، رجل القدر".
وفي عام 1963، كان الظهور الأول لـ ثناء على مستوى الأعمال التلفزيونية، حيث شاركت في مسلسل "ساعي البريد"، كما شاركت في عدد من المسرحيات أبرزها: "مدرسة الفضائح، لو رآنا الناس معاً، الأخوة كارامازوف، هواية الحيوانات الزجاجية".
وانضمت إلى "نقابة الفنانين" عام 1968، حيث تعتبر الراحلة من فناني الجيل الأول في سوريا ومسيرتها حافلة بالأعمال الدرامية والمسرحية والسينمائية والإذاعية.
واصلت "دبسي" مشوارها الفني الحافل على خشبة المسرح خلال فترة السبعينات مثبتة نفسها كفنانة من الطراز الرفيع، قبل أن تبتعد عن الظهور المسرحي لمدة قاربت اثنين وعشرين عاماً، وتلتفت إلى التلفزيون.
وفي العام 1970، ظهرت ثناء دبسي في مسلسل "حارة القصر"، إلا أن حضورها المميز على مستوى الأعمال التلفزيونية كان عام 1977 من خلال المسلسل التاريخي الشهير "هارون الرشيد".
وكان فيلم "المخدوعون" عام 1973، الذي تطرق إلى تبعات نكبة 1948 في فلسطين والمستوحى من قصة للكاتب غسان كنفاني، أوّل عمل سينمائي للفنانة ثناء دبسي، حيث شاركت في بطولته إلى جانب: عبد الرحمن آل رشي ومحمد خير الحلواني وبسام لطفي.
عقب ذلك، ابتعدت ثناء عن الأعمال السينمائية لمدة 23 عاماً، قبل أن تعود من خلال فيلم "اللجاة وقيامة المدينة" عام 1995، وشاركت بعد ذلك في فيلم "حدودة مطر"، كما كان لها حضور مميز في الفيلم القصير "شوية وقت" عام 2008.
وشاركت خلال مسيرتها الفنية في العديد من المسلسلات والأعمال الدرامية، ومن أبرز أعمالها: "الشمس تشرق من جديد، سيرة آل الجلالي، قوس قزح، الفصول الأربعة، أولاد القيمرية، بنات العيلة، هارون الرشيد، عشاء الوداع، رحلة المشتاق، عصي الدمع، قوس قزح، غزلان في غابة الذئاب، زمن العار".
اشتهرت ثناء دبسي في معظم أعمالها التلفزيونية بدور (الأم الحنون)، وقد ساهمت شخصيتها وملامح وجهها بنجاحها بشكل مبهر في تلك الأدوار.
حياة ثناء دبسي الشخصية
على مستوى حياتها الشخصية، تزوّجت ثناء دبسي من الممثل السوري سليم صبري، وأنجبت منه ثلاثة أبناء يارا وريم وثائر.
وبعد اندلاع الثورة في سوريا، منتصف آذار 2011، صرحت ثناء دبسي بأنها لم ولن تغادر سوريا، موضحةً أنّها "ولدت وستموت في بلدها سوريا، ولن ترضى أن تهان في بلد آخر مهما كان الثمن".
وفي أكثر من لقاء، لم تستطع ثناء دبسي أن تتمالك دموعها عند سؤالها عن ابنتها يارا صبري، التي كانت من أوائل الممثلين السوريين المعارضين للنظام السوري، والموقعين على بيان فك الحصار الذي فرضه النظام على مدينة درعا في بداية الثورة السورية، عام 2011.
وأعربت الممثلة السورية في تلك المقابلات عن شوقها الكبير لرؤية يارا واحتضانها، موضحة أن لقاءها بها أصبح صعباً منذ أن هاجرت الأخيرة مع عائلتها إلى كندا، كما عبّرت عن اشتياقها لأحفادها أيضاً، قائلة: "ما بقطعوني.. على طول بحاكوني وبحاكيهم، بعايدوني بالأعياد.. بس بتمنى يكونوا حوالي، بس هيك الحياة".