عندما توقع السوريون نهاية للنزاع الذي امتد لسنوات في يوم من الأيام، لم يتخيلوا أن تكون معركتهم من الطقس من أعتى المعارك التي سيخوضونها وأصعبها، وماتزال تلك الصعوبة في ازدياد.
في محافظة الحسكة الواقعة شمال شرقي سوريا، المعروفة بأنها سلة الغذاء في البلد، يعاني الفلاحون من موجة جفاف شديدة.
إذ يقول عبد الله حسين وهو فلاح من الحسكة: "ابتلينا بالجفاف على مدار العامين الماضيين، وقبل ذلك كنا نعاني بسبب حرائق الغابات".
أما بالنسبة لكرمو علي وهو فلاح آخر كانت قريته تشهد نسبة أمطار أعلى، فقد ذكر بأن الوضع ساء هناك أيضاً بسبب ضعف الأمطار ما حطم آمالهم بموسم حصاد جيد، وأجبر الناس على ترك أراضيهم والبحث عن عمل في المدن، ويعلق على ذلك بقوله: "هذا واقعنا، ولقد نزح معظم الناس من بيوتهم بسبب عدم توافر عمل وحصاد جيد".
أعلنت الأمم المتحدة في شهر آذار الماضي بأن سوريا شهدت في عام 2021 أسوأ موجة جفاف منذ سبعين عاماً، وهذا ما أضر بقدرة الملايين من الناس على الوصول إلى مياه الشرب، وتوليد الكهرباء، ومياه الري.
اقرأ أيضا: الجفاف في سوريا.. أنهار تجف وسلة غذائية فارغة (2)
كما دمرت أزمة المياه محصول القمح في البلد، إذ هبط الإنتاج من 2.8 مليون طن في عام 2020 إلى 1.05 مليون طن في عام 2021.
ومن جانبها، أعلنت وزارة الإدارة المحلية والبيئة التابعة للنظام خلال شهر كانون الثاني الماضي بأن البلاد شهدت أسوأ موجة جفاف منذ سبعين عاما نتيجة لعدم هطول الأمطار في معظم المناطق، ما أدى لتلف المحاصيل، وسبب أضراراً للفلاحين، فضلاً عن موجات الحرارة المرتفعة التي شهدتها البلد.
في حين نقل عن رويدة النهار مديرة الأمن البيئي في الوزارة قولها لجريدة البعث الرسمية إن ظاهرة الجفاف من التحديات الكبيرة التي تقف في وجه التنمية في سوريا، وأضافت: "يمكن ملاحظة أثر الجفاف على الأنشطة كافة، لا سيما الزراعية والاقتصادية والاجتماعية.. بيد أن موجات الجفاف في سوريا أتت بشكل غير متوقع".
أضر الجفاف أيضاً بتجار المواشي، إذ يخبرنا أبو بشار وهو فلاح وتاجر مواشي من محافظة الحسكة، بأنه بسبب عدم توافر العلف والمياه، زادت نفقات تربية المواشي كثيراً، وقل عدد الراغبين بشراء المواشي اليوم، ولذلك هبط سعر الخروف إلى 100 ألف ليرة سورية (ما يعادل 39.8 دولارا)، بعدما كان يعادل مليون ليرة في السابق.
يخبرنا رائد حمزة، وهو رئيس قسم السياسات الزراعية في وزارة الزراعة التابعة للنظام بأن الجفاف تسبب بتراجع الإنتاج الزراعي بنسبة لا تقل عن 40%، وقال: "قبل الحرب في عام 2011، كانت نسبة الإنبات تتراوح ما بين 85-90%"، وأضاف بأن تراجع الهطولات المطرية وارتفاع درجات الحرارة بشكل أعلى من المعتاد، وصعوبة تأمين الأسمدة بسبب العقوبات الأميركية، ساهمت كلها في تراجع نسبة الإنبات.
تقدر خسائر قطاع الزارعة في سوريا بــ 16 مليار دولار ما بين عامي 2011-2016 وذلك بسبب موجات الجفاف والعقوبات الأميركية على حد وصف حمزة.
المصدر: Famagusta Gazette