icon
التغطية الحية

فاتن الشايب.. سوريّة تُعيد إحياء حرفة النول اليدوي في مصر

2024.08.29 | 06:38 دمشق

آخر تحديث: 29.08.2024 | 13:58 دمشق

968
الحرفية السورية فاتن الشايب
تلفزيون سوريا ـ بثينة الخليل
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • بعد أن فقدت ورشتها ونولها اليدوي في سوريا بسبب الحرب، تمكنت فاتن الشايب من إعادة إحياء حرفة النول اليدوي في مصر.

  • بدأت فاتن منذ 14 عاماً في تطوير حرفة النول اليدوي في سوريا، وواصلت هذا التطوير بعد انتقالها إلى مصر، حيث أدخلت أفكاراً جديدة وابتكرت منتجات مبتكرة.

  • لم تكتفِ فاتن بإحياء الحرفة، بل دربت العديد من النساء المصريات على استخدام النول اليدوي.


في خضم الدمار الذي خلفته الحرب في سوريا، وجدت الحرفية السورية فاتن الشايب نفسها أمام تحدٍ جديد؛ فقد فقدت ورشتها الصغيرة ونولها اليدوي، اللذين كانا يشكلان أساس حياتها العملية وهوايتها المفضلة.

لكن من رماد تلك الحرب، حاولت فاتن بناء عالمها مجددا، مستفيدة من أبسط الأدوات وفي مساحة أصغر من ورشة صغيرة، لتعيد إحياء شغفها بالحرف اليدوية. قبل أن تجبرها الظروف على الرحيل إلى مصر.

في سوريا، وقبل 14 عاما، كانت فاتن قد بدأت في تطوير هذه الحرفة وإخراجها من إطار صناعة البسط التقليدية فقط، وجسدت أفكارا مبتكرة لصنع أعمال متنوعة باستخدام النول، مثل اللوحات الجدارية، وأغطية الطاولات، والوسائد، والحقائب، وأغطية السلال الخشبية، وأغطية وأطر المرايا.

في حديثها لموقع تلفزيون سوريا، قالت فاتن الشايب: "بدأت رحلتي مع هذه الحرفة عندما كنت عضوا في إحدى الجمعيات السورية التي تضم قسما خاصا بالنول التراثي، شدّتني هذه الحرفة النادرة وغير المنتشرة في ذلك الوقت، ولاحقا استطعت إطلاق مشروعي الخاص".

بعد أن نجحت في إنشاء ورشتها الخاصة وشراء نولين تراثيين من حلب، نقلت فاتن النولين إلى دمشق، حيث دربت 18 امرأة على استخدامهما، وتمكن الفريق من إنتاج كميات كبيرة من المنتجات شهريا، كما شاركت في عدة معارض بدمشق.

لكن مع تصاعد الحرب فقدت فاتن كل شيء. خسرت زوجها الذي كان أكبر داعم لها، وبيتها، وورشتها التي احترقت مع النولين ونصف طن من الخيوط. 

تصف فاتن ما حدث بالقول: "كل ما بنيناه انهار، وأصبحت كحال العديد من النساء السوريات اللواتي فقدن كل شيء بسبب الحرب".

الرحيل إلى مصر

ولم تجد فاتن بداً من اتخاذ القرار الصعب، فغادرت سوريا إلى مصر وهناك واجهت تحديات البداية، وأهمها أنها لم تكن تعرف أحدا في موطنها الجديد.

بدأت الشايب في بناء علاقات مع مجموعات مصرية متخصصة في الحرف اليدوية. ولعبت هذه المجموعات دورا كبيرا في مساعدتها على تخطي عقبات البداية من الصفر، والانطلاق من جديد.

تقول: "كلما شاركت في معرض، كنت أتعرف إلى فنانات مصريات يعملن في الحرف اليدوية، وكن متعاونات ومحترمات للغاية. ولولا مساعدتهن، لما عرفت كيف أتصرف".

ولاحظت الشايب أن الحرف اليدوية تحظى باهتمام كبير في مصر، لكن حرفة النول اليدوي تحديدا مهددة بالانقراض والزوال، وخاصة بين النساء، حيث تتقنها قلة من النساء، ويمتهنها عدد أقل منهن.

وتفتخر فاتن الشايب أنها ساهمت في إنعاش مهنة النسج على النول اليدوي في مصر، وإدخال أفكار وتطبيقات جديدة لم تكن معروفة في أم الدنيا. 

تتابع في حديثها لموقع تلفزيون سوريا: "وسائل التواصل الاجتماعي كانت أحد أبرز عوامل نجاحي في تطوير عملي، من خلالها، استطعت أن أطرح أفكارا جديدة وأبتكر منتجات مميزة. غالبية الناس يربطون النول بالسجاد التقليدي المخصص للأرضيات فقط، لكنني استطعت تقديم نماذج حية لاستخدامه لصنع لوحات فنية وحقائب عصرية وغيرها من المنتجات المبتكرة. صحيح أن هذه الحرفة هي من تراث الأجداد، ولكن من الممكن استخدام النول لابتكار أعمال فنية متعددة، حديثة".

وانتقلت الحرفية والفنانة السورية من عرض أفكارها وإبداعاتها على أكبر عدد من المصريين، إلى مرحلة جديدة، هي تمكين النساء المصريات من هذه الحرفة الفنية.

تقول فاتن: "أكبر متعة في عملي كانت في تعليم نساء مصريات وتدريبهن على حرفة النول. كنت أستمتع برؤية الشغف والسعادة على وجوههن عندما اكتشفن جمال هذه الحرفة الرائعة، في أثناء الدورات التدريبية التي قمت بها في مصر، ولقيت إقبالا نسائيا جيدا".

ورغم الخسائر والدمار الذي خلفته الحرب، استطاعت فاتن، مثل كثير من النساء السوريات، أن تحول محنتها إلى مصدر قوة وإبداع. وبإصرارها وعزيمتها، أعادت بناء حياتها وحرفتها في بلد جديد، مضيفة لمساتها الفريدة إلى تراثها.