ارتفعت حصيلة ضحايا طالبي اللجوء الغرقى في البحر المتوسط بشكل متسارع خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك بعد غرق قاربين يحملان العشرات على متنهما، بينهم مواطنون سوريون.
وبحسب آخر إحصائية، قضى 123 طالب لجوء منذ يوم الأحد الماضي إثر غرق قاربين، أحدهما أمام السواحل الإيطالية، والآخر قبالة السواحل اليونانية، في حين أنقذ قارب شراعي قبالة جزيرة كريت.
مقتل سوريين في غرق قارب قبالة اليونان
وقضى 78 طالب لجوء، يوم الأربعاء، في غرق قارب قبالة سواحل شبه جزيرة مورا اليونانية، انطلق من السواحل الليبية وكانت وجهته إيطاليا، بحسب وسائل إعلام يونانية.
وقالت مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا إن من بين الضحايا الغرقى سوريون معظمهم ينحدر من الجنوب السوري، وإن القارب انطلق من مدينة طبرق الليبية باتجاه إيطاليا.
ونُقل أربعة من الناجين إلى المستشفى بسبب تعرضهم لانخفاض حادّ في حرارة الجسم، وفق ما ذكرت السلطات اليونانية التي أشارت إلى أنه لم يكن بحوزة أي من المهاجرين سترات نجاة.
وحذّرت منصة "هاتف الإنذار"، التي تتلقى نداءات الاستغاثة من المهاجرين في البر والبحر، من أن ترتفع حصيلة ضحايا هذا القارب الذي تلقت منه نداء استغاثة وقال لهم المهاجرون إن القارب كان يحمل أكثر من 700 مهاجر.
وزعمت السلطات اليونانية أن طالبي اللجوء الذين كانوا على متن القارب رفضوا مساعدة عرضها عليهم خفر السواحل، وذلك بعد أن رصدتهم طائرة تابعة لوكالة حماية حدود الاتحاد الأوروبي وسفينتان كانتا على بُعد نحو 50 ميلاً (80 كيلومتراً) من الموقع، ليل الثلاثاء، إلّا أن طالبي اللجوء رفضوا المساعدة.
وكان القارب المكنوب يحمل، إلى جانب السوريين، طالبي لجوء فلسطينين وأفغاناً وباكستانيي الجنسية.
تسلسل زمني لغرق القارب قبالة اليونان
ونشر "هاتف الإنذار" تسلسلاً زمنياً لما حدث مع القارب الغارق، إذ قال إن نداء الاستغاثة الأول وصلهم، في الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الثلاثاء بتوقيت وسط أوروبا، بأن قارباً في محنة يحمل 750 شخصاً، إذ تم إبلاغ السلطات في إيطاليا واليونان ومالطا.
تلقى هاتف الإنذار في الساعة 14:17 أول مكالمة من القارب وقال المتصل إنهم لا يستطيعون البقاء على قيد الحياة في الليل، وأنهم في ضائقة شديدة. لم يستطع "هاتف الإنذار" الحصول على إحداثيات GPS للقارب لأن الاتصال كان ينقطع .
وبعد محاولات عديدة تمكن المنكوبون من إرسال إحداثيات القارب في الساعة الواحدة ظهراً، وأبلغ "هاتف الإنذار" السلطات اليونانية عبر البريد الإلكتروني بالإضافة إلى الجهات الفاعلة الأخرى، بما في ذلك فرونتكس والمفوضية في اليونان.
في الساعة 17: 20 قال المنكوبون إن القارب لا يتحرك وإن القبطان غادر المركب على متن قارب صغير، وإن المئات بحاجة للطعام والماء.
إنقاذ مهاجرين قبالة جزيرة كريت
وفي حادثة منفصلة، أعلنت السلطات اليونانية، يوم الأربعاء، عن إنقاذ قارب شراعي كان يواجه صعوبات في الإبحار ويحمل 80 مهاجراً قبالة جزيرة كريت، قادماً من السواحل التونسية متوجهاً إلى إيطاليا.
بحسب وسائل إعلام يونانية، ضمّ القارب أطفالاً ونساءً، إحداهن كانت حاملاً ونُقلت إلى المشفى، كما أشارت إلى أن المهاجرين يتحدرون بشكل رئيسي من سوريا والعراق وفلسطين، وجميعهم في حالة جيدة.
45 قتيلاً في غرق قارب قبالة إيطاليا
وتأتي كارثة غرق القارب قبالة اليونان بعد يومين من واقعة مشابهة حدثت على مقربة من السواحل الإيطالية، إذ قضى 45 طالب لجوء، بينهم رضيع، في غرق مركب فجر يوم الأحد قبالة مدينة كروتوني الإيطالية.
وقالت وسائل إعلام إيطالية آنذاك إن فرق الإغاثة أنقذت 81 شخصاً من مركب كان يقلّ 150 – 250 شخصاً (لم يحدد العدد بدقة).
وبحسب وكالة "إيه جي آي" فإن المركب المحمَّل بأكثر من طاقته انشطر إلى جزأين بسبب الأمواج، في حين ذكر مسؤول إيطالي أن المركب انطلق من تركيا وكان يقلّ مهاجرين من أفغانستان وباكستان والصومال.
وأعربت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني حينئذ عن "بالغ الحزن" إزاء الحادثة وتعهدت بالتصدي للهجرة غير النظامية عبر البحر حتى لا يحدث مزيدٌ من المآسي.
اتفاق أوروبي لـ "إصلاح نظام الهجرة"
وتزامنت كوارث غرق القوارب مع توصل دول الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي "لإصلاح نظام الهجرة" وتقاسم مسؤولية رعاية اللاجئين والمهاجرين، بعد مفاوضات طويلة وخلافات واعتراضات 10 دول، من بينها إيطاليا واليونان.
ووفق الاتفاق، سيتم تخصيص حصة من إجمالي 30 ألف شخص لكل دولة من دول الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تستوعب الكتلة في نظام الهجرة المشترك الخاص بها في أي وقت.
وسيتم احتساب ذلك بناءً على حجم الناتج المحلي الإجمالي لكل بلد، وعدد السكان وعدد المعابر الحدودية غير النظامية، بما في ذلك عمليات الإنقاذ البحرية وغيرها.
كذلك ستتمكن البلدان غير الراغبة في استقبال الأشخاص، بدلاً من ذلك، من مساعدة أقرانهم المستضيفين من خلال النقود، على الأقل 20000 يورو لكل شخص سنوياً، بالإضافة إلى توفير المعدات أو الأفراد للمساعدة في التعامل مع المهاجرين.
ويُلزم الاتفاق الدول الأعضاء بإنشاء مراكز على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، على الحدود البرية وفي المطارات على وجه الخصوص، للمهاجرين الذين لديهم فرصة ضئيلة إحصائياً للحصول على اللجوء.
والهدف من ذلك هو عدم دخولهم أراضي الاتحاد الأوروبي، على أن تخضع طلبات لجوئهم لفحص سريع من أجل تسهيل عودتهم إلى بلدهم الأصلي أو بلد العبور.
ويجب أن يستمر الإجراء، أي فحص الملف والإحالة، ستة أشهر كحد أقصى، في حين يرى البرلمان الأوروبي أن هذا الإجراء ليس إلزامياً.