توافد الآلاف من السوريين الذين نزحوا من لبنان إلى سوريا مجدداً، في ظل مشهد يعكس التناقضات، فهؤلاء السوريون، الذين فروا من وطنهم قبل سنوات بسبب حرب النظام السوري عليهم وتداعياتها، يعودون الآن نازحين إلى بلدهم تحت وطأة الظروف الجديدة التي فرضتها الأوضاع المتدهورة في لبنان.
عين رئيس النظام السوري بشار الأسد وصورته تلاحق السوريين في كل مكان؛ من العملات إلى الطوابع والأعلام والكتب، ليشعروا وكأنهم تحت رقابة دائمة، وكأن صوت النظام يحيط بهم أينما ذهبوا، سواء كانوا داخل منازلهم أو خارجها، في كل تفاصيل حياتهم اليومية.
صور خاصة من دمشق
رصدت عدسة تلفزيون سوريا مشاهد مؤثرة للنازحين السوريين العائدين من لبنان، وهم يفترشون الأرض في شوارع وطرقات دمشق.
وتُظهر المشاهد رجالاً ونساءً وأطفالاً يواجهون ظروفاً صعبة، محاولين التكيف مع الوضع الجديد، يفترشون البطانيات الرقيقة على الأرصفة، ويستخدمون ما لديهم من متاع بسيط لتأمين بعض الراحة.
وتعكس هذه المشاهد حجم المعاناة التي يعيشونها في ظل نقص الموارد والخدمات الأساسية.
وسط هذه الأزمة الإنسانية، يلاحظ غياب تام لمؤسسات النظام السوري التي من المفترض أن تقدم الدعم والمساعدة لهؤلاء النازحين.
وأكد نازحون لتلفزيون سوريا غياب أي جهود واضحة لتوفير المأوى أو الطعام أو الرعاية الطبية، مما يزيد من صعوبة الوضع ويثير تساؤلات حول دور الجهات التابعة للنظام في التعامل مع هذه الأزمة.
مفارقة قاسية
في هذه الأثناء، تشهد دمشق ومدن سورية أخرى توافد آلاف النازحين السوريين العائدين من لبنان، وهي مفارقة قاسية أن يُطلق على شخص يدخل بلده نازحاً، بعد أن كان قد غادره مكرهاً تحت وطأة الحرب والقصف.
واليوم يعود هؤلاء لمواجهة مصير مشابه بسبب النيران الإسرائيلية التي دفعتهم مجدداً إلى ما تبقى من سوريا، وكأنهم يغرقون في أمواج جديدة من المعاناة.
235 ألف شخص عبروا الحدود اللبنانية
أفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن نحو 235 ألف شخص عبروا الحدود اللبنانية إلى سوريا براً، بين 21 أيلول و3 تشرين الأول، مشيرة إلى أن نحو مليون شخص نزحوا داخل لبنان منذ بدء التصعيد في البلاد.
وفي مؤتمر صحفي من بيروت، قال رئيس مكتب المنظمة في لبنان، ماثيو لوتشيانو، إن "هذا النزوح الجماعي شمل نحو 82 ألف لبناني و152 ألف سوري"، مضيفاً أن ذلك "يعكس خطورة التوترات الإقليمية المتفاقمة وعدم الاستقرار المتزايد في المنطقة".
وذكر لوتشيانو، نقلاً عن السلطات اللبنانية، أن نحو 50 ألف شخص، معظمهم من اللبنانيين، و10 آلاف سوري، غادروا عبر مطار بيروت خلال نفس المدة، في حين فرّ أكثر من ألف شخص عبر البحر.
وتشير بيانات المنظمة إلى أن نحو 400 ألف شخص نزحوا خلال الأسبوعين الأخيرين حتى 2 تشرين الأول الجاري، وسط تواصل الغارات الإسرائيلية المستمرة في لبنان، بما في ذلك توغلات برية في جنوبي البلاد.