يحتفي السوريون الآشوريون بعيد رأس السنة "أكيتو" في أول أيام شهر نيسان من كل عام وهو شهر السعادة الذي يباركه "إله الهواء إنليل"، في واحد من أقدم التقويمات التي عرفتها البشرية، حيث تعود جذور هذا العيد لآلاف السنين الغابرة.
غاندي سعدو مدير مركز آريدو للمجتمع المدني، يقول لموقع تلفزيون سوريا: "عيد أكيتو هو العيد القومي للشعب السرياني الآشوري الكلداني، وهو عيد متوارث منذ آلاف السنين، وحاليا نحن نحتفل بالعام الأشوري 6771.. واختلفت طقوس الاحتفال بهذا العيد منذ الحضارة البابلية مرورا بالحضارة الآشورية، فما بعد، وكان الاحتفال يتم على مدار 12 يوما منذ 21 آذار حتى 2 نيسان".
يضيف سعدو "كان هناك طقوس معينة من معابد وتعقيم لها وصلوات واحتفالات ملكية تشكل ميثولوجيا وادي الرافدين، وبعد القرن الـ 14 بدأ الآشوريون يحيون الاحتفال خلال الأول من نيسان، كاحتفال مختصر، وبشكل عام يخرج الآشوريون للطبيعة احتفالا بهذا اليوم.. وكان هناك تعابير سياسية وأخرى دينية معينة لهذا العيد، وذلك من خلال تجديد الحكم للملك البابلي أو الآشوري، وفرض طاعة الإله مردوخ والآلهة آشور على المملكة من خلال بعض الطقوس".
أصول تسمية العيد
حول العيد وأصول تسميته يقول سعدو: إن أكيتو كلمة سومرية وتعني وفق الدراسات عيد "جز الصوف"، ففي هذا الوقت من السنة كانوا يبدؤون بعملية جز الخراف، ومع تطور مفهوم العيد تبدل الاسم باللغة الأكادية إلى اسم "ريش شيتا" أي رأس السنة الأكادية، وهم من أدخلوا التنظيم لشتى ظروف الحياة ومعروف أيضا أن البابليين طوروا التقويم، منذ 4 آلاف سنة.
3 احتفالات مركزية في سوريا
وأوضح سعدو أنه سيقام في هذا العيد 3 احتفالات مركزية، واحد في مناطق القامشلي وريفها، بقرية "كرى شيرا"، واحتفال آخر في منطقة نهر الخابور بالعربوش، أيضا في مناطق المالكية سيكون هناك تجمع، وستتم الاحتفالات برعاية المنظمة الآثورية الديمقراطية وحزب الاتحاد السرياني والحزب الآشوري الديمقراطي.
وعند الخروج للاحتفال تأخذ كل عائلة مأكولاتها معها، ويرتدي المحتفلون لباساً فولكلورياً خاصاً بالعيد يسمى "جلة خمالا"، وهو للرجال والشباب عبارة عن شروال وكمر وجينيه وطاقية عليها ريش، أما للنساء فيتكون من فستان وكمر مع الكوشية المزينة بالريش.
وتحيي فرق شبابية الجانب الفني من خلال لوحات راقصة وفلكلورية، وأشار سعدو إلى أنه وبسبب الهجرة تناقص عدد الشابات والشبان الموجودين في المنطقة.
وفي العام الماضي تم الاتفاق على إلغاء احتفالات "أكيتو" منعا للتجمعات للحد من انتشار فيروس كورونا، أما هذا العام فسيعطي الاحتفال في الطبيعة مجالاً للتباعد الاجتماعي.
للعيد رونق مختلف هذا العام، كما تقول مريام إبراهيم لموقع تلفزيون سوريا: "هذا العام يعدّ الأول من نوعه الذي سنعيش فيه فرحة عيد أكيتو منذ سنوات، مررنا بوقت عصيب كآشوريين وسريان في المنطقة، منذ بدء المعارك فيها، وصولا لغمامة الرعب التي فرضها تنظيم داعش الذي أجبرنا على الفرار إلى مدينة القامشلي التي ما أزال أقيم فيها مع عائلتي منذ سنوات.. العام الماضي كان العيد باهتا ليس فيه دفء، احتفلنا في المنازل خلف الأبواب المغلقة، لكن هذا العيد سنخرج للطبيعة ونجتمع مع الأهل والأصدقاء".
وعن أمنياتها في هذا العيد قالت مريام: أتمنى أن يعم الأمن والسلام كلّ المناطق في سوريا، وأن يكون جميع السكان قادرين على تشارك الأعياد معاً دون تمييز أو خوف أو غيره من منغصات الفرح.
ويرمز عيد أكيتو لتجديد دورة الحياة في الطبيعة من خلال الاعتدال الربيعي، حيث ارتبط العيد بحضارات اتصلت بالطبيعة واعتمدت على الزراعة، وهو أقدم عيد عرفته حضارات الشرق الأدنى، واحتفل به الأكاديون والعموريون والكلدان والسريان والآشوريون في سوريا والعراق منذ آلاف السنين قبل الميلاد، حيث حافظت الطوائف المسيحية في سوريا على إقامته والاحتفال به على مدار 12 يوماً من كل سنة، مع بدء رأس السنة الآشورية والبابلية في نيسان من كل عام، وارتبط الاحتفال بعيد أكيتو بالعلاقة بين آلهة القمر "نانا" وآلهة الشمس "أوتو" لدى الآشوريين وحضارات بلاد ما بين النهرين، وتختلف الروايات التاريخية بخصوص هذا العيد.