نقلت وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري إبداء بشار الأسد إيجابية بخصوص المبادرات المطروحة للتقارب مع الجانب التركي. جاءت هذه التصريحات على خلفية زيارة ألكسندر لافرنتيف، المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ولقائه مع الأسد في 26 حزيران/يونيو الجاري.
بدا واضحاً من خلال تعليق الأسد وجود مساعٍ روسية جديدة لدفع مسار التقارب بين أنقرة ودمشق.
وعلم موقع تلفزيون سوريا من مصادر خاصة أن روسيا تعمل على استثمار الغضب التركي من الانتخابات المحلية التي تعتزم قسد إجراءها في آب/أغسطس المقبل، بعد أن أجّلت الانتخابات التي كانت مقررة في حزيران/يونيو الجاري.
وبدا واضحاً الغضب التركي من الانتخابات، حيث لوّح الرئيس رجب طيب أردوغان بالخيار العسكري لمنع مثل هذا السيناريو، وذلك خلال تصريحات تلفزيونية في عيد الأضحى الفائت.
وأجرى وزير الخارجية حقان فيدان لقاءً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة دول البريكس التي انعقدت منتصف حزيران/يونيو الجاري، وناقشا الملف السوري ومسألة الانتخابات المحلية التي تعتزم قسد القيام بها.
وبحسب مصادر في المعارضة السورية، فإن الدول الضامنة لمسار أستانا تعتزم عقد جولة جديدة نهاية حزيران/يونيو ومطلع تموز/يوليو المقبل، بناء على توافقات روسية تركية.
تقارب بين أنقرة ودمشق
وفقاً لما علمه موقع تلفزيون سوريا من مصادر خاصة، فإن الجانب الروسي يجري اتصالات مع أنقرة ودمشق من أجل دفع مسار التقارب إلى الأمام، خاصة أن موسكو تلمّست رغبة تركية في تعزيز التنسيق بشأن سوريا. واستنتجت هذه الرغبة من خلال زيارة فيدان إلى موسكو، وقبلها المرونة التي أبدتها أنقرة تجاه الوساطة العراقية.
الطرح الروسي الحالي يقوم على إعطاء زخم جديد لمسار أستانا وتفعيل الآلية من أجل معالجة مخاوف تركيا الأمنية، والعمل على تطبيق مذكرات التفاهم السابقة التي تتضمن إبعاد التنظيمات الإرهابية من المناطق الحدودية التركية مثل تل رفعت ومحيطها، ومنبج. بالمقابل، يتم العمل على حل الخلافات العالقة في إدلب وتنفيذ الاتفاقيات بخصوصها وتسهيل عمل مؤسسات الدولة فيها، وفتح الطرقات الدولية.
وبحسب الرؤية الروسية، فإن العودة إلى طاولة المفاوضات بين أنقرة ودمشق يجب أن تكون بلا شروط من طرف النظام، ثم يتم نقاش إعادة انتشار القوات التركية بشكل تدريجي، بعد بناء الثقة بين الجانبين.
وعلى مدار الأسابيع الماضية، ناقش الجانبان التركي والروسي مسألة تسهيل التبادل التجاري بين الشمال السوري والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري. وتُوّج الأمر بإعادة فتح معبر أبو الزندين في منطقة الباب، الذي سيكون متاحاً أمام حركة الشاحنات التجارية المتجهة إلى حلب اعتباراً من 27 حزيران/يونيو 2024، مما سيقلص من حجم الاعتماد على منطقة منبج كنقطة ربط بين مناطق الشمال والمناطق التي يسيطر عليها النظام السوري.
مستقبل الطرح الروسي
ومن غير المستبعد أن تتطور التفاهمات إلى افتتاح طرقات أخرى تصل إلى مدينة حلب، لكن هذا مرهون بالوصول إلى تفاهم واستكمال عمليات مكافحة الإرهاب من أجل إبعاد تنظيم قسد عن بعض المواقع الضرورية لفتح هذه الطرقات.
وعلى الرغم من أن أنقرة تركز جهودها على تقويض سيطرة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، فإنها تبدو مستعدة للخيار العسكري في سوريا، لأنها ترى في الانتخابات التي تريد قسد إجراءها خطوة لفرض أمر واقع جديد. وهذا يدفع بطبيعة الحال إلى تفعيل التفاهمات مع الدول الفاعلة في الملف السوري، خاصة الجانب الروسي، إلا أنه من المبكر الحديث عن توافقات كاملة.