قال المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة إنه لا توجد علاقة للرد الإيراني بالعدوان الإسرائيلي على غزة، مشيراً إلى أن هذا الرد العسكري هو تطور كبير ومهم تُستحسن قراءته من خارج إطار العدوان على الفلسطينيين في القطاع.
وأضاف المدير العام لـ"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في حوار خاص مع شبكة التلفزيون العربي، أن حماسة جزء من الجمهور العربي للضربة الإيرانية وسخرية جزء آخر منها، سببهما عدم وجود مشروع تنموي عربي، فينقسم العرب نتيجة لذلك بين مشاريع إقليمية إيرانية وتركية وإسرائيلية.
وبيّن بشارة أن هناك ما يشبه الأوركسترا في المنطقة، تشارك فيها بلدان عربية، مهمتها الدفاع عن إسرائيل، مشيراً إلى أن طهران كانت مضطرة للرد ولكنها لا تريد حرباً قد تجرّدها مما عملت طوال عقود لتحقيقه، أي النفوذ الإقليمي والهيمنة على بعض البلدان العربية.
وعدم رغبة طهران بالحرب فسّرها بشارة بالأثر المحدود للهجوم الإيراني، مؤكداً أن إسرائيل عاجزة عن الدفاع عن نفسها في حرب ضد إيران من دون الدعم الغربي والأميركي خصوصاً.
إيران لا تريد حرباً مع إسرائيل
ولفت إلى أن اقتصاد إيران لا يحتمل حرباً، ثم إن حرباً كبيرة تهدد طهران بأن تخسر إنجازاً تاريخياً عمل حكامها عقوداً للوصول إليه، هو السيطرة على بلدان عربية والوصول إلى مياه المتوسط وتحولها إلى قوة مهيمنة مباشرةً وعن طريق وكلاء.
وشدد بشارة على أن إيران "لا تريد حرباً لا من أجل فلسطين ولا من أجل غيرها".
وفي حين رجح استمرار المواجهات بين الطرفين، إلا أنه استبعد حصول حرب شاملة لا تريدها أميركا بشكل عام، وليس في سنة انتخابات بشكل خاص. أما بخصوص المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، فقد اختصر الدكتور عزمي بشارة أسباب فشلها بالقول إنه ليس هناك تفاهم على أي قضية بين الطرفين، معرباً عن ثقته بأنه بعد كل الكارثة التي حلّت بفلسطينيي غزة، لا تستطيع حركة حماس أن تتنازل في شؤون جوهرية، كوقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
تغيّر قواعد الاشتباك
واستطرد موضحاً أنه بعد السابع من أكتوبر، "تغيرت قواعد الاشتباك، وأصبحت شروط اندلاع الحروب أصعب مما كانت عليه سابقاً"، وهو ما يظهر على جبهة لبنان أولاً، وفي الفعل الحربي بين إيران وإسرائيل حالياً.
وعن هذا الموضوع، لاحظ بشارة أنه في قضية الحروب، (الرئيس الأميركي جو) بايدن بدا أكثر جرأة بكثير من (الرئيس السابق دونالد) ترامب، وهو ما ظهر في أوكرانيا أولاً، وفي غزة في مرحلة لاحقة.
وعن احتمال تجاوز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الخط الأميركي الأحمر الرافض لاندلاع حرب شاملة في المنطقة، ذكّر المفكر العربي، في حواره مع التلفزيون العربي، بأن نتنياهو "ليس كليّ القدرة، ذلك أن هناك مؤسسات في إسرائيل لا يمكنه تجاوزها، وهناك أميركا لا يمكنه معاكسة مصالحها، والأميركيون غاضبون لأن نتنياهو لم ينسق معهم قبل قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وهناك رفض أميركي قاطع للرد الإسرائيلي على الرد الإيراني".
ومساء السبت، أطلقت إيران نحو 350 صاروخا وطائرة بدون طيار تجاه إسرائيل، زعمت تل أبيب أنها اعترضت 99 بالمئة منها، فيما ادعت طهران أن نصف الصواريخ أصابت أهدافا إسرائيلية "بنجاح".
وهذا أول هجوم تشنه إيران مباشرة من أراضيها على إسرائيل، وليس عبر جماعات موالية لها، وجاء ردا على هجوم صاروخي استهدف القسم القنصلي في السفارة الإيرانية بدمشق مطلع نيسان الجاري.
وتتهم طهران تل أبيب بشن هذا الهجوم الصاروخي؛ مما أسفر عن مقتل 7 من عناصر الحرس الثوري الإيراني، بينهم الجنرال البارز محمد رضا زاهدي.
ولم تعترف تل أبيب ولم تنف رسميا مسؤوليتها عن هجوم دمشق، وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، وبينهما عقود من العداء واتهامات بشن هجمات متبادلة.