قال مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، المفكر العربي عزمي بشارة، إن صعود الصهيونية الدينية في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة هو أبرز تحولات المشهد السياسي في إسرائيل، مشيراً إلى أن الانتقال في المشهد حصل داخل اليمين نفسه وليس بين اليمين واليسار.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها بشارة، أمس الثلاثاء، أقامتها وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي بعنوان "الانتخابات الإسرائيلية 2022: استمرار الانزياح نحو اليمين وصعود الصهيونية الدينية".
تحولات داخل القوى المتطرفة
أضاف مدير المركز العربي أن الصهيونية الدينية هي سابقة إسرائيلية غير موجودة في أي مكان آخر في العالم، تجمع الأصولية الدينية مع الأصولية القومية.
وأشار إلى الانقسام في إسرائيل ليس بين اليمين واليسار كما يصوره الإعلام، وإنما بين اليمين وأقصى اليمين ممثلاً بمعسكرين هما معسكر نتنياهو و"المعسكر الآخر" المضاد لنتنياهو.
شهدت إسرائيل في مطلع هذا الشهر الجولة الخامسة من الانتخابات النيابية، خلال أقل من أربع سنوات، أفضت إلى عودة قوية لنتنياهو مصطحباً مع أحزاب اليمين الديني الصهيوني الفاشي بحصول كتلته على 64 مقعداً من أصل 120 مجموع مقاعد الكنيست.
وبيّن عزمي بشارة خلال تحليل أرقام نتائج الانتخابات الأخيرة مقارنتها بسابقاتها عن انزياح القوة من اليمين المتطرف المناهض لنتنياهو إلى اليمين المتطرف المؤيد له ممثلاً بالصهيونية الدينية.
وتطرق بشارة في محاضرته إلى أن خسارة "المعسكر الآخر" المناهض لنتنياهو كانت بسبب تعويل هذا المعسكر لتشكيل تحالف مع الأحزاب العربية، الأمر الذي أدى إلى صعود أسهم اليمين المتطرف المؤيد لنتنياهو نتيجة الرفض الإسرائيلي للعرب.
وضرب مثال أن حزب "البيت اليهودي" لم ينجح في هذه الانتخابات وخسر أصواته لصالح الصهيونية الدينية، لأن البيت اليهودي كان مستعداً للدخول في ائتلاف حكومي يشارك فيه نواب عرب كما حدث في الحكومة السابقة.
نشأة الصهيونية الدينية
تحدث بشارة عن نشأة حزب الصهيونية الدينية وصعودها اللافت في الانتخابات الأخيرة، وقال إنه خرج من رحم حركة الاستيطان في المناطق المحتلة عام 1967.
وأوضح أن هذا الحزب يمازج بين الدين والصهيونية ودولة إسرائيل، عبر دمج الديني بالقومي أي تدين الصهيونية وصهينة الدين.
وميّز بين الأحزاب الحريديم (اليهود المتشددون) وبين الصهيونية الدينية، وهذه الأخيرة التي تخلط بين الدين والقومية على عكس الحريديم الذين يعلون من شأن الدين على حساب الدولة.
وأشار إلى أن قومنة اليهودية جاءت بعد حرب 1967 وقتها ساد في إسرائيل لدى المتدينين "شعور عجائبي" بأن هناك قوة خارقة ومعجزة يحملها هذا البعد القومي والديني، لافتاً إلى أن المؤسسين لإسرائيل والجيل الأول كانوا من اليسار الاشتراكي.
كما لفت إلى إلى النزوع الفاشي والإرهابي لزعماء حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتيرش وإيتمار بن غفير، موضحاً أن الأخير من أتباع الحاخام الفاشي مائير كهانا مؤسس حزب "كاخ" الإرهابي وفقاً للتعريف الأميركي والإسرائيلي.
وأشار إلى أن بن غفير هو المسؤول عن تشكيل ميليشيات يهودية للاعتداء على العرب في المدن الإسرائيلية في اللد ويافا وحيفا، لافتاً إلى أنه من أصل كردي عراقي.
التصويت العربي
وقال مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات إن المنعطف الآخر الذي شهدت الانتخابات الإسرائيلية هو التصويت العربي وتمثيل عرب الداخل في الكنيست.
يرى بشارة أن تحولات بعض المكونات السياسية العربية في الداخل كان في جانب منه صدى للتطبيع الرسمي مع إسرائيل.
ولاحظ أن "قوى سياسية وجدت مصلحتَها عبر الدخول في ائتلاف يرجّح هذا الحزب الصهيوني أو ذاك، مستندة إلى خطاب مفاده أن العرب يطبّعون وهم ليسوا مواطنين، والأحرى أن نفعل نحن ذلك، نحن المواطنين، بغية تحقيق مكاسب مطلبية لا تتأتى إلا بالانخراط في ائتلاف".
وتحدث عن تجربة حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي خاض الانتخابات منفرداً، خلال شهر، بعد أن تنكّرت فئات عربية للتوقيع على اتفاق يلزم بعدم ترشيح أحد لأي من المعسكرات من الصهيونية، الأمر الذي التزم به التجمع.
وقال إن انفصال التجمع عن الأحزاب العربية كان لرفضه المشاركة مع الأحزاب الصهيونية، معتبراً أن هذا السبب "يستحق الانقسام".