ملخص:
- يعاني الأطفال السوريون في تركيا من ظروف صعبة، حيث يجبرون على العمل والتسول.
- تقرير الرئاسة التركية أشار إلى أن 19,500 طفل سوري من أصل 50,293 تلقوا مساعدات لعيشهم في الشارع.
- فرحات شاهين أشار إلى خطورة الشارع وعلاقته بالجريمة واستغلال العصابات للأطفال في أنشطة غير قانونية.
- المحامية خديجة كاينك انتقدت الحلول المؤقتة، مؤكدة ضرورة التدخل الاجتماعي المستدام ورقابة فعالة.
- يوصي الخبراء بتعزيز برامج العائلات البديلة وزيادة الدعم الاجتماعي للأطفال، مع تغيير المفاهيم المجتمعية حولهم.
يعيش الأطفال السوريون في تركيا ظروفاً معقدة وصعبة، حيث أصبحوا جزءاً من الصورة المقلقة للأطفال الذين يجبرون على العمل والتسول في الشوارع.
ووفقاً لبرنامج الرئاسة التركية السنوي لعام 2025، تم تقديم المساعدة لـ 50,293 طفلاً يعيشون في الشارع أو يعملون فيه، من بينهم 19,500 طفل سوري.
وتحدث فرحات شاهين، رئيس جمعية "أطفال الأمل"، عن تجربته كطفل عاش في الشارع لخمسة عشر عاماً، معبّراً عن الألم والضغوط التي يعانيها الأطفال في هذه الظروف، قائلاً: "الشارع والجريمة كانا متلازمين؛ لأنه إذا كنت في الشارع وليس لديك أحد، فلا خيار أمامك سوى الجريمة".
شاهين الذي يدير الجمعية منذ عام 2009، أشار، في حديثه لموقع (BBC) التركي، إلى أن عدد الأطفال السوريين الذين يضطرون للعمل في الشوارع قد ازداد مع تدفق اللاجئين السوريين والأفغان، قائلاً: "مع قدوم اللاجئين، ازداد عدد الأطفال الذين يعملون في الشوارع بشكل ملحوظ، ونحن غير قادرين على الوصول حتى إلى نصفهم".
حلول غير فعالة
وأكدت المحامية خديجة كاينك، عضو لجنة حقوق الطفل في نقابة المحامين التركية، أن الهجرة الجماعية من سوريا ساهمت في تفاقم المشكلة، وقالت: "الأطفال السوريون الذين يعيشون في الشوارع غالباً ما يكونون من عائلات فقيرة أجبرت على دفع أطفالها للعمل أو التسول من أجل البقاء".
وأضافت كاينك أن الحلول الحالية التي تقدمها السلطات غالباً ما تكون مؤقتة وغير فعالة في معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة: "عندما يُرصد طفل في الشارع ويتم فرض غرامة على أسرته، يختفي لفترة قصيرة ثم يعود للعمل في منطقة أخرى. لا يتم توفير تدخل اجتماعي مستدام للأسرة ولا يُتابع انتظام الطفل في المدرسة".
وتابعت كاينك مشيرة إلى أهمية إدراج كل طفل في نظام الخدمات الاجتماعية لمتابعته وتقديم الحماية اللازمة، وقالت: "يجب أن يكون هناك نظام رقابة فعال مستعد للتدخل قبل تفاقم المشكلة. لكن النظام الاجتماعي الحالي يتدخل فقط بعد وقوع المشكلات، ما يؤدي إلى عدم تحقيق حماية كاملة للأطفال".
وأوضحت أن التدخلات الحالية تأتي غالباً في وقت متأخر، حيث يكون الطفل قد اعتاد الحياة في الشارع وتبنى أخلاقيات وثقافة مختلفة يصعب تغييرها.
فرحات شاهين أضاف قائلاً: "حتى عندما يتم اكتشاف الطفل وإدخاله إلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية، يبقى على تواصل مع الشارع وأسرته، مما يؤدي إلى هروبه وعودته إلى الشارع مجدداً".
وتابع: "الشارع أصبح أكثر خطورة الآن؛ في الماضي، كان الأطفال يستخدمون مواد مثل التنر والبالي، لكن الآن أصبحت المخدرات الثقيلة متاحة بسهولة وبأسعار زهيدة، مما يعرض الأطفال لخطر أكبر".
وأشار التقرير إلى جهود وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية في تنفيذ برنامج "الأطفال في أمان"، الذي يهدف إلى حماية الأطفال من خلال مراكز الخدمات الاجتماعية وفِرَق الأطفال في أمان.
وزارت هذه الفرق 7,563 قرية وأجرت مقابلات مع 34 ألف طفل وقدمت خدمات لـ 16 ألف عائلة في النصف الأول من عام 2024. ومع ذلك، أكد الخبراء أن هذه الجهود لا تكفي لتغطية جميع الحالات، حيث تبقى الحلول مؤقتة ولا تلامس جذور المشكلة.
"الأطفال السوريون هدف للعصابات"
وأضاف شاهين أن الأطفال السوريين ليسوا فقط عرضة للعمل في الشارع بل يصبحون أهدافاً سهلة للعصابات التي تستغلهم في أنشطة غير قانونية، مثل بيع المخدرات أو إجبارهم على أعمال أخرى.
وأكد قائلاً: "نحن نصنع العصابات بأيدينا عندما نترك هؤلاء الأطفال من دون رعاية. العصابات تستغلهم وتجندهم بسبب ضعف الحماية".
ويضيف شاهين، بناءً على ملاحظاته الميدانية، أن وجود الطوائف والجماعات في هذا المجال قد ازداد: "اليوم، بدأت الطوائف والجماعات بفتح مزيد من الأماكن والمساكن، وبدأت بالتواصل مع هؤلاء الأطفال بشكل أكبر. كما بدأت تحظى بدعم متزايد من المجتمع".
وتابع: "سواء تحت مظلة الدين أم لا، تربية الأطفال وتوجيههم بشكل أحادي غير صحيح؛ تجب تربية الأطفال وفق المبادئ العالمية. تجب زيادة عدد المنازل الشبابية ولكن ليس بيد الطوائف والجماعات والعصابات".
وأوصت كاينك بضرورة تعزيز برامج العائلات البديلة وزيادة عددها في تركيا، حيث يبلغ عدد هذه العائلات حالياً نحو 10 آلاف فقط، مشددة على أن "فصل الأطفال عن أسرهم يجب أن يكون الخيار الأخير، لأن مؤسسات الرعاية لا تضمن تطوراً نفسياً سليماً للأطفال".
وأوضحت المحامية أن الحلول الجزئية، مثل فرض غرامات على الأسر، لا تكفي لمعالجة المشكلة، وأنه من الضروري تعزيز نظام الإبلاغ 183 لتشجيع الناس على التبليغ عن الأطفال الذين يُجبرون على العمل أو التسول.
وقالت: "إعطاء المال للأطفال المتسولين يساهم في استمرار هذه الظاهرة، ويطيل من مدة بقائهم في الشارع".
وشدد شاهين على أهمية تغيير المصطلحات والمفاهيم المجتمعية تجاه الأطفال السوريين في الشوارع، قائلاً: "لا يوجد شيء اسمه طفل الشارع. هؤلاء الأطفال هم مسؤولية الجميع: الأسرة، والمجتمع، والدولة".