icon
التغطية الحية

طرطوس مسرح لتجنيد السوريين قبل إرسالهم إلى الحرب الأوكرانية

2024.08.20 | 06:22 دمشق

آليات عسكرية روسية قرب دوما بريف دمشق ـ رويترز
آليات عسكرية روسية قرب دوما بريف دمشق ـ رويترز
تلفزيون سوريا ـ عصام خوري
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • القوات الروسية وجيش النظام السوري أجروا تدريبات مشتركة في مرفأ طرطوس لصد هجوم افتراضي، مستخدمين أسلحة متطورة.
  • التدريب ركز على تجنيد وتدريب عناصر من الفرقة 25 والقوات الخاصة التابعة للنظام لاستخدام الطائرات المسيرة.
  • التدريبات تأتي كرسالة من روسيا لإظهار جاهزيتها العسكرية في سوريا، رغم انشغالها بالحرب في أوكرانيا.
  • تم اختيار موقع طرطوس الاستراتيجي بسبب بعده عن مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية، وكفاءة دفاعاته الجوية.
  • التدريبات استمرت بعد خروج قوات النظام، مما يشير إلى استمرار النشاطات العسكرية الروسية في المنطقة.

أجرت القوات الروسية مع جيش النظام السوري في مرفأ طرطوس بتاريخ 8 من حزيران/ يونيو 2024 تدريبات على صد هجوم افتراضي على مرفأ طرطوس، وتم استخدام المدافع المضادة للطائرات "بانتسير-إس" مع أطقم القارب المضاد التابع لأسطول البحر الأسود "كاديت"، وأنظمة الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات من طراز "فيربا" وأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات "ستريلا-10".

التدريبات بين الطرفين كانت متكررة في سنوات سابقة، وكان الإعلام الروسي يتجنب الإشارة لها، أما هذا التدريب فقد لاقى رواجا في عموم وسائل الاعلام الروسية، وكأن الروس يسعون من خلاله لإرسال رسائل لأطراف دولية وإقليمية، بأنهم جاهزون للعمل العسكري في سوريا، رغم انشغالهم في أوكرانيا، ولكن بالحقيقة حملت تلك التدريبات أهدافا خفية من أبرزها:

  • تجنيد السوريين للقتال مع الروس: حيث تم تدريب عناصر سوريا من قوات الدفاع الجوي، وعناصر من الفرقة 25، وفرقة القوات الخاصة التي يرأسها اللواء سهيل الحسن، على استخدام المسيرات، ومحاولة إسقاطها، في حين استُبعد من التدريب عناصر تابعون لسلاح البحرية السوري، رغم أنهم المعنيون الرئيسيون في الدفاع عن السواحل السورية، ومن بينها قاعدة طرطوس البحرية.

وتمتاز الفرقة 25 التي يرأسها اللواء صالح عبد الله خلفا للواء سهيل الحسن بولائها للاتحاد الروسي، وهي الفرقة الوحيدة في قوات النظام التي تجري تدريبات لعناصر متطوعين في الشركات الأمنية التابعة للاتحاد الروسي، وكل تلك التدريبات تتم بمعزل عن التوجيه الرسمي من قيادة الأركان في جيش النظام، أو حتى وزارة الدفاع التابعة للنظام.

  • التدريب على الطائرات المسيرة الإيرانية: شحنت إيران دفعات عديدة من طائراتها المسيرة إلى الاتحاد الروسي، ورغم عدم كفاءة هذه الطائرات، إلا أن استخدامها المكثف سيربك خطوط الأوكرانيين، لذا فالروس بحاجة إلى كوادر قادرة على التعامل مع هذه المسيرات، إلى جانب كوادرها العسكرية.

فعليا تم استخدام هذه الطائرات بفاعلية في الأراضي السورية، وانحصر استخدامه على الفرقة الرابعة ومقاتلي ميليشيا حزب الله اللبناني، مما جعل مقاتلي الفرقة 25، والقوات الخاصة أقل كفاءة في التعامل معها، وكما يبدو فإن الروس مصرون على تطوير قدرات مقاتلي الفرقة 25، التي قد يتحول قسم من مقاتليها، إلى مرتزقة في الخطوط الهجومية الروسية، أيضا تسعى روسيا لتقليل الاعتماد على الفرقة الرابعة في سوريا، لكون الأخيرة مسلوبة الإرادة للإيرانيين، وقد تكون هذه الفرقة ضمن بنك الأهداف الإسرائيلي، إن نفذت الأخيرة هجوما واسعا على الأراضي شمالي إسرائيل. 

رسالة تحدي للاستخبارات العسكرية الأوكرانية (GUR)

بعد أن نشرت جريدة "كييف بوست" أن مقاتلي القوات الخاصة التابعة للجيش الأوكراني، بالتعاون مع قوات من فصائل المعارضة السورية، نفذوا عمليات عسكرية ضد قوات الجيش الروسي المتمركزة في نقاط المراقبة الروسية المنتشرة في الجولان السوري في آذار 2024، رغبت روسيا بأن تبرز جاهزيتها لأي احتمال يستهدف قاعدتها البحرية في طرطوس، أو قاعدتها الجوية في مطار حميميم، بأن تبين وجود شركاء سوريين قادرين على التصدي لأي سيناريو ممكن أن تنفذه أوكرانيا ضد الروس في سوريا.

سبب اختيار طرطوس

القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس، لديها الكفاءة للتصدي لأي هجوم جوي، بوجود منظومة صواريخ  S-400، كما أنها أبعد النقاط العسكرية عن أطراف الفصائل العسكرية السورية المعارضة، والهجوم الوحيد المفاجئ الذي قد تتعرض له سيكون قد يكون عبر البحر، رغم أن احتمالاته صعبة جدا.

لذا قد يكون هدف هذا التدريب الرئيسي هو تهيئة المقاتلين على حرب قرب شواطئ أوديسا، أو لغرض تهيئة فريق عسكري لحماية جسر القرم، الذي جرى استهدافه عدة مرات، من قبل الأوكرانيين بالطائرات المسيرة.

آلية اختيار المتدربين

رغم صعوبة دخول المراكز العسكرية للجيش الروسي، إلا أن عدد المتدربين تجاوز 500 متدرب، ورافقهم 36 ضابطاً من رتب مختلفة، وقد تسلم كل منهم أوراقاً تسمح لهم بالدخول إلى القاعدة البحرية، قبل يوم من تنفيذ التدريب.

الملاحظ أن الروس طالبوا وزارة دفاع النظام السوري، بأن تختار 100-150 عنصرا لهدف التدريب، إلا ان العدد كان أكبر، مما يدلل أن الفرقة 25، أو سهيل الحسن جلبوا من دون التنسيق مع وزارة الدفاع عددا من عناصرهم، أو أن المتدربين القادمين من هذه الأطراف هم مرتزقة يلبسون زي قوات النظام، وطبعا عموم الموافقات الأمنية لحضورهم هذا التدريب تم الحصول عليها من قبل المخابرات العسكرية الروسية في قاعدة حميميم الجوية.

استمرار التدريب

خلال فترة التدريب منع على الصيادين الإبحار، كما تعطلت حركة النقل بين جزيرة أرواد ومدينة طرطوس، واللافت للنظر أن هذا الأمر تكرر صباح يومي 9-10 من حزيران/ يونيو2024، وهذا يعطي انطباعا أن التدريب استمر بعد خروج الفريق الرسمي العسكري التابع للنظام السوري.

التدريبات في قاعدة طرطوس، ووجود شركات روسية تجند مقاتلين سوريين للقتال كمرتزقة، هما ركنان أساسيان في أي مشهد يربط موسكو مع دمشق، وقد بين رئيس النظام السوري بشار الأسد، في مقابلته التلفازية مع الصحفي الروسي فلاديمير سولوفيوف يوم 3 من مارس/ آذار 2024، ولاءه المطلق للرئيس بوتين حيث صرح أن "القرارات التي اتخذها بوتن هي التي تعيد روسيا إلى الساحة الدولية" و"الغرب مضحك وغبي"، في إشارة واضحة منه إلى الالتزام بالمشروع الروسي في سوريا، وبما أن النظام السوري غير منتج ماليا وتكنولوجيا، فالجانب الوحيد الذي يستطيع فيه دعم روسيا هو الكوادر البشرية، ومن هنا سمح للروس بتأهيل كوادر من قواته  واستخدامهم في الحرب الأوكرانية.