تواصل روسيا تجنيد الشبان في معظم المحافظات السورية لنقلهم إلى جبهات القتال في أوكرانيا، عبر إغراءات مادية ووعود بمنحهم الجنسية الروسية، وتلقى هذه الدعوات إقبالا كبيرا من الشبان في اللاذقية هربا من الأزمة الاقتصادية.
وأكدت مصادر مطلعة في اللاذقية لموقع تلفزيون سوريا، أن عدة رحلات انطلقت من مطار اللاذقية خلال الأشهر الماضية، بطائرة مدنية إلى مطار موسكو، تقل مجندين بعد خضوعهم لدورات عسكرية أقيمت في معسكر "اليهودية" على أطراف مدينة اللاذقية حيث تستمر هذه الدورات لمدة 15 يوما ويدرب فيها المتطوعون على استخدام السلاح.
واجهة مدنية للتجنيد
وأضافت أن الفئات العمرية هي بين عمر 18 و40 عاما ويبدأ الأمر بعد تسجيل الأسماء لدى وكلاء معتمدين لدى شركة روسية تعمل بواجهة مدنية ثم تجرى لهم دراسة أمنية، ويطلب من المقبولين أوراقا خاصة مثل جواز سفر، وورقة غير موظف، وتحليل دم وشهادة لا حكم عليه، وإذن سفر في حين يمنح المطلوبون لـ"خدمة العلم" استثناء للسفر دون أي مشكلات.
ويدفع المقبولون للسفر مبالغ مادية لدى المعتمدين تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة ملايين ليرة كأجور ضمان لعدم الانسحاب، وبعدها يخضع المقبولون للدورة العسكرية ثم يوقعون على عقود "عمل" ظاهرية باللغة الروسية لكن حقيقة العمل هو عسكري في جبهات أوكرانيا وليس كما يزعم بأنه لحماية منشآت مدنية.
وأكدت المصادر أن مئات الأشخاص سجلوا أسماءهم في اللاذقية خلال الأشهر الماضية، بعد وعود من قبل المعتمدين برواتب شهرية تتراوح بين 800 وألف يورو شهريا، إضافة للحصول على الجنسية الروسية بعد ثلاث سنوات من "العمل" في أوكرانيا.
وخلال الآونة الأخيرة تداولت حسابات على منصة "إكس" مشاهد فيديو لمقاتلين من جنسيات مختلفة يشاركون مع القوات الروسية في غزو أوكرانيا، وبعضهم من سوريا، ما يؤكد انضمام مقاتلين سوريين إلى جانب القوات الروسية، في الفترة الأخيرة.
"تجارة التجنيد" في اللاذقية
في سياق متصل قال الناشط الإعلامي في مدينة جبلة (30 كم جنوب اللاذقية) أبو يوسف جبلاوي، إن شخصا يلقب "أبو هادي" في مدينة جبلة هو المسؤول عن تجنيد الشبان الراغبين بالسفر إلى روسيا. مضيفا أن التواصل يبدأ عبر "واتساب" ثم يقدم الشخص الأوراق في مكان يتم الاتفاق عليه مع دفع مبلغ تأمين وعمولة، ويصل المبلغ لقرابة 3 ملايين ليرة وبعد فترة انتظار تصل قوائم المقبولين وتحدد فترة التدريب والسفر.
وأضاف "جبلاوي" لموقع تلفزيون سوريا، أن "معظم المتطوعين هم فئة الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما وهؤلاء يبحثون عن الخلاص من سوء الأوضاع الاقتصادية ويأملون تأمين مستقبلهم من خلال السفر لعدة سنوات"، مضيفا أن وعود الجنسية تشكل عامل جذب لهم رغم عدم التأكد من صحتها.
ويرى جبلاوي أن "معظم المتطوعين غير مؤمنين بالحرب في أوكرانيا لكن روسيا تستغل فقر السوريين الذين لا يجدون ما يسد رمقهم فتعطيهم قدرا صغيرا من المال من أجل القتال إلى جانبها والموت في سبيلها".
وكانت صفحات محلية في اللاذقية نشرت في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا إعلانات للشبان الراغبين بالسفر إلى روسيا تفيدهم بآلية التطوع والأوراق المطلوبة. وقالت فيها إن الحكومة الروسية ستدفع 1500يورو شهريا كبدل تطوع وتتكفل بعلاج أي مصاب مهما كانت إصابته.
من جانبه قال النقيب المنشق عن قوات النظام السوري أحمد درويش إن مشاركة المقاتلين السوريين في حرب أوكرانيا، بدأت منذ اندلاعها عبر نقل مئات من مقاتلي النخبة من "الفرقة 25 مهام خاصة" التي يقودها سهيل حسن.
وأضاف أن عناصر "الفرقة 25 مهام خاصة" شاركت في العمليات العسكرية ضمن المناطق التي تسيطر عليها روسيا شرقي أوكرانيا، وذلك بعد أن تم نقلهم من سوريا إلى روسيا عبر مطار حميميم، حيث تلقوا هناك تدريبات عسكرية، في حين عاد بعضهم مؤخرا وكان يتقن اللغة الروسية.
وأكد درويش أن عمليات التجنيد أخذت طابعا أوسع مع طلب متطوعين غير عسكريين لتدريبهم بسبب حاجة موسكو لتعويض النقص العددي في مقاتليها مع توسع الجبهات.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين وقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، على قانون فيدرالي ينص على أن الأجانب الذين وقعوا عقدا عسكريا لمدة عام على الأقل، سيكونون قادرين على التقدم للحصول على الجنسية الروسية دون تصريح إقامة ودون إقامة دائمة لمدة خمس سنوات في روسيا.