طالبت ضابطة رفيعة المستوى عملت في السابق لدى الاستخبارات الكندية المملكة المتحدة بإجلاء شاميما بيغوم وذلك على خلفية الدور الذي لعبته وكالة الاستخبارات الكندية في تهريب الفتاة إلى سوريا قبل سبع سنوات.
إذ ذكرت هدى مقبل، وهي ضابطة رفيعة المستوى سابقة لدى مصلحة الاستخبارات الأمنية الكندية، بأن العاملين في تلك الوكالة خرقوا القوانين التي وضعوها عند التعامل مع مصدر سري عمل على تهريب بيغوم هي وصديقتيها في عام 2015.
إذ تم الكشف عن الدور الذي لعبته الاستخبارات الكندية في تهريب طالبات المدرسة البريطانيات إلى سوريا في شهر آب الماضي، على يد ريتشارد كرباج، وهو مراسل أمني سابق لدى صحيفة صنداي تايمز، وذلك من خلال كتابه: "التاريخ السري للعيون الخمس".
عندما هربت الفتيات قبل سبع سنوات، أصدر جهاز الشرطة العامة في المملكة المتحدة مناشدة عاجلة تطالب أي شخص رأى المراهقات بعد وصولهن إلى مطار غاتويك بالإبلاغ عن مكانهن.
في الحقيقة قام مهرب بمساعدتهن في رحلتهن، وهو عميل سري للمخابرات الكندية اسمه محمد الراشد، حيث قدم للبنات التنقلات وبطاقات السفر حتى يصلن إلى سوريا، وتحديداً إلى المناطق التي كان تنظيم الدولة يسيطر عليها.
وبحسب ما ورد في ذلك الكتاب، فقد التزمت كندا الصمت وأقنعت المملكة المتحدة بإخفاء دور استخباراتها فيه، بعدما أبلغت السلطات التركية لندن بالحقيقة، إثر اعتقال الأتراك لجاسوس كندي واكتشاف أدلة مادية حول تلك الواقعة. وفي تقارير صدرت في مطلع هذا الشهر، تأكدت معرفة الاستخبارات البريطانية بدور الاستخبارات الكندية في عملية هروب البنات إلى سوريا.
وفي تلك الأثناء، كشفت محطة بي بي سي عن حصولها على ملفات تثبت بأن العميل قدم معلومات حول جواز سفر بيغوم لكندا، وبأنه قام بتهريب فتيات بريطانيات أخريات إلى سوريا حتى يحاربن إلى جانب تنظيم الدولة أو ليتزوجن من مقاتلي تلك الجماعة.
وبالحديث إلى محطة آي تي في الإخبارية البريطانية، ذكرت مقبل التي عملت في المملكة المتحدة وفي الشرق الأوسط خلال فترة صعود تنظيم الدولة، بأنه: "من الضروري إجلاء الفتاة إلى المملكة المتحدة مع تأمين الدعم لها".
وعبر الاعتراف بأن تلك كانت: "تجربة صادمة للشخص الذي تم استغلاله بتلك الطريقة على يد مصدر كندي للأسف، حتى يتم الاتجار به واستغلاله من قبل مقاتلي تنظيم الدولة"، أضافت مقبل: "لم آت إلى هنا لأغير رأي أي أحد تجاهها، ولكني أرى أنه من الضروري التفكير بالأمر بشكل جدي نظراً لسنها عندما تم الاتجار بها".
وبما أن الوكالة لم تمنع مواردها البشرية من المشاركة في أنشطة غير مشروعة في أثناء تنفيذ عملها لصالح وكالة الاستخبارات الكندية، أصبحت الوكالة هي من: "خرق قوانينها"، بيد أن أهم عنصر لابد من تقييمه برأي مقبل هنا هو أن تلك الوكالة: "كانت تعرف بأن الفتيات قاصرات".
اقرأ أيضا: جاستن ترودو: سأتابع ملف عميل الاستخبارات الكندي و"عروس داعش"
في الوقت الذي زعمت فيه وكالة الاستخبارات الكندية بأنها لم تكن تدري بأن الراشد يقوم بالاتجار بالقاصرات، إلا أنها: "في اللحظة التي أدركنا فيها ذلك، تم تنظيم كل شيء أتى بعدها"، وذلك بحسب ما أوردته تلك المسؤولة السابقة لدى الوكالة، وأضافت: "لابد للأخطاء أن تقع، إلا أن ما يهم هو ما تفعله بعد وقوع الخطأ، ولهذا كان من الخطأ برأيي عدم إبلاغ جهاز الشرطة البريطاني حول تلك المعلومات".
يذكر أن بيغوم التي صار عمرها اليوم 23 عاماً قد جردت من الجنسية البريطانية في شباط 2019 عندما قررت حكومة المملكة المتحدة ووزيرة الداخلية السابقة بأنها تهدد الأمن القومي للبلد، ولكن بعد اكتشاف تورط كل من أوتاوا ولندن ومعرفتهما بمسار رحلة الفتاة التي أوصلتها لتنظيم الدولة، إلى جانب محاولاتهما الساعية للتعتيم على دورهما في تلك العملية، أصبحت قضية إجلاء شاميما إلى المملكة المتحدة واستعادتها للجنسية البريطانية أمراً وارداً بنسبة أكبر.
خلال المعركة القانونية الدائرة لإعادة الجنسية البريطانية لشاميما، ستكون الخطوة التالية خلال الأسبوع المقبل، حيث يرجح لمحامييها أن يستغلوا تلك الحقائق ليظهروها كضحية لعملية اتجار بالبشر، بما أنه تم تهريبها إلى سوريا على يد عميل مزدوج.
المصدر: Middle East Monitor