غزت صور تلوث الشاطئ قبالة مدينة بانياس مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، وما بين محاولة إدارة محطة بانياس الحرارية التخفيف من حجم التسريب، واستمرار نشر صور تكذب الكلام الرسمي، تمكن موقع تلفزيون سوريا وعبر مقارنة صور الأقمار الصناعية وزمن الصور من التوصل لما حدث فعلاً.
ما الذي حدث؟
صور الأقمار الصناعية حملت صباح الأربعاء تكذيباً لتطمينات النظام، إذ أظهرت أن التسرب ليس بالقليل بل هو "كبير وخطير"، وبالعودة إلى صور الأقمار الصناعية الملتقطة بعد ظهر الأربعاء تظهر كمية ضخمة من الفيول تمتد من شاطئ بانياس باتجاه شواطئ جبلة واللاذقية، وباستخدام صور وأدوات قياس المسافات والمساحات الخاصة بشركة "بلانت" للأقمار الصناعية تبيّن أن المسافة التي قطعها الفيول عبر مياه البحر تصل إلى 20 كيلومترا، وبعرض يتراوح بين 1.5 الى 3 كيلومترات.
ولوحظ في أثناء فحص صور الأقمار الصناعية الملتقطة في الأيام الماضية أن تسرباً آخر طفيفاً ظهر في يوم الثلاثاء 17 آب الجاري حيث وصل للبحر بحسب الصور وامتد إلى مسافة ضيقة قصيرة تبلغ 1 كيلو متر، ويبدو أنه تمت السيطرة عليه وقتئذ، إذ اختفى أثر التسريب في البحر خلال اليومين التاليين بحسب الصور الملتقطة، ويدل ذلك على أن عملية الصيانة التي تمت حينئذ لم تكن كافية أو تجاهلت ربما مدى الاهتراء الحاصل في جدران الخزان مما أدى إلى حدوث التسرب الكبير الحالي.
وبالعودة إلى الفيديوهات التي انتشرت من داخل المحطة لعملية صيانة الخزان، وبمقارنتها مع صور الأقمار الصناعية استطعنا تحديد الخزان المتضرر كما هو موضح أدناه.
ويعدّ التلوث النفطي من الأنواع الشديدة الخطورة على الحياة البحرية، إذ إنه يؤدي إلى مجموعة كوارث حقيقية في غاية الخطورة بحسب كمية الزيوت المتسربة وسماكتها وسرعة معالجتها، ويشكل النفط على سطح الماء طبقة تمنع التبادل الغازي كما تمنع وصول الضوء الكافي للنباتات البحرية، وهذا يؤدي إلى انخفاض حاد في المخزون السمكي، بالإضافة إلى خطر انتقال مركبات كيميائية خطيرة على الإنسان نتيجة وصول الزيوت إلى الأسماك والكائنات البحرية، ومن ثم إلى الإنسان عند تناولها.
تلوث هواء بانياس
المحطة الحرارية في بانياس هي محطة توليد طاقة كهربائية، وهي إحدى محطّات الطاقة الخمس المسؤولة عن تزويد سوريا بالطاقة، إذ إنّها تسدّ نحو 20% في المئة من الكمية المستهلكة.
وتقع المحطة على مسافة 3 كيلومترات جنوبي بانياس، وتتألّف من أربع عنفات غازية، استطاعة كل واحدة منها 170 ميغاواط، بالإضافة إلى دائرة بخارية مغلقة تُبرَّد باستخدام مياه البحر، وتعمل كلّها على الوقود المنقول إليها بأنابيب خاصّة من مصفاة بانياس بالرغم من المطالبات بتحويل عمل المحطة من الوقود إلى الغاز، حيث إن المحطة مسؤولة عن قدرٍ كبيرٍ من التلوّث في مدينة بانياس، إذ إنها تنثر في أرجاء المدينة هباب الفحم والشحّار ومختلف الملوّثات من مخلّفاتها الصناعية بسبب عملها على الوقود.
رواية النظام
بعد انتشار صور التسريب قبالة بانياس الاثنين الماضي، سارعت إدارة محطة بانياس الحرارية إلى الإعلان، أن تسرباً وصفته بـ"الطفيف" وقع في إحدى خزانات مادة "الفيول" بسبب اهتراء جدران الخزان، وبعد بضع ساعات عادت للإعلان عن سيطرتها على التسرب ونقل الفيول من الخزان المتضرر إلى خزان آخر وأنه تم وضع حواجز ترابية لمنع التسرب من الوصول إلى مياه البحر.
لكن الناشطين والأهالي تابعوا نشر الصور والفيديوهات للسائل اللزج الأسود الذي غزا الشاطئ، وكانت الإشارة الأولى إلى خطورة التسريب جاءت من جبلة حيث نشر الأهالي صوراً ومقاطع فيديو تظهر وصول الفيول إلى شاطئ جبلة مع إصرار الجهات التابعة للنظام على أن التسرب تمت السيطرة عليه وأن كميات قليلة فقط تسربت إلى مياه البحر.