"صنعةُ الكتابة" هو عنوان الكتاب الصادر حديثاً بنسخته العربية عن دار "منشورات حياة"، ويضمّ مقتطفات نقدية من رسائل وروايات ومقالات الكاتب الأميركي الشهير "فرنسيس سكوت فيتزجيرالد" (F. Scott Fitzgerald) أعدها وحررها الكاتب والمحرر الأميركي "لاري. و. فيليبس" وترجمها إلى العربية الكاتب والمترجم السوري جوهر عبد المولى.
تكمن أهمية الكتاب من كونه يعرض ثروة نقدية في مئات الرسائل التي كتبها فيتزجيرالد على مر السنين، وهو الروائي الذي قال فيه أرنست همنغواي بأنه يمتلك القدرة على التفوق على جميع المؤلفين. فيسلّط الكتاب الضوء على العقلية التي انتجت بعض الروائع في الأدب الأميركي، ما يتيح امام القارئ العربي فرصة تعلّم الكتابة والدخول إلى عوالم القصة والرواية.
من الكتاب
يقول فيتزجيرالد في إحدى رسائله: "يمكنني تلخيص نظريتي عن الكتابة برمتها في جملة واحدة، يجدر بالكاتب أن يوجه كتاباته لليافعين الذين ينتمون إلى جيله وإلى النقاد الذين سيأتون من بعدهم ولجميع المدرسين من بعد ذلك. يجب على العمل الأدبي أن يلتمس تلك الأثر الذي يأتي متأخراً في ذهن القارئ على عكس فن الخطابة أو الفلسفة اللذين يضعان الناس في حالة من الاهتياج أو التأمل.
متى أتقنت الكتابة؟ أوه، في كل مرة أشرع بالكتابة أجد نفسي مضطراً لإتقانها مرة ثانية. ولكن الأمور المجردة بمتناولنا، ولهذا اخترت هذه الصنعة المريعة التي تقتضي كثرة الجلوس والحرمان من النوم في الليل وعدم الرضا الذي لا نهاية له ولهذا الأمر أختارها مجدداً".
كلمة المترجم
أما المترجم جوهر عبد المولى، فيتحدث عن أهمية مضمون الكتاب وتجربة ترجمته قائلاً: "فيتزجيرالد ناقداً ومفكّراً في عالم الكتابة أصبح في متناول القارئ العربي، وسيكون عوناً كبيراً لجميع الكتّاب (ليس فقط الشبّان الذين يفكرون في دخول عالم الرواية أو القصة القصيرة). الرحلة التي خضتها في عالم فيتزجيرالد كانت مرهقة فعلاً، لكنّ هذا الإرهاق كان في غاية المتعة لأنّني استطعت أن أعيش معه في مكتبه وغرفته هناك في مسقط رأسه في ولاية مينيسوتا. تخيلته وهو يكتب رسائله إلى ابنته ومحرره ومختلف النقاد والأصدقاء، من بينهم العملاق همنغواي، وشاهدته وهو يعزل نفسه في مكتبه لمدة ثلاثة أشهر لكي يتمكن من تأليف واحدة من أبرز رواياته: "هذا الجانب من الجنة" This Side of Paradise.
ويضيف عبد المولى: "عبقريّة فيتزجيرالد خطفها الموت في سنّ مبكّرة، وقبل ذلك بكثير كان الفقر قد أرهقها كثيراً، الأمر الذي أجبره على كتابة الكثير من القصص القصيرة لصالح بعض المجلّات الرائجة من أجل أن يتمكّن من إعالة نفسه وعائلته. كان دائماً يعبر عن كرهه لهذه القصص، ومات متحسّراً على موهبته التي نهشتها الديون والأعباء المادية. لكنّه رغم ذلك كان عبارة عن خليّة نحل في طريقة عمله. أنتج عدة روايات ومجموعة قصص قصيرة قيّمة وترك لنا كمّاً كبيراً من الرسائل والمقالات، وكان أحد أهم أدباء "عصر الجاز". يكفي أنّ همنغواي كان يثق بموهبته كما كان يثق بموهبة ويليام فوكنر".