تعد صناعة الفراء من أبرز المهن التي كانت تشتهر بها محافظة دير الزور شرقي سوريا، إلا أنها حالياً تصنع في حلب وحماة وتنقل إلى دير الزور.
وقال الباحث التاريخي غسان رمضان، إن صناعة "الفراء" كانت من أهم الصناعات التي تشتهر بها المحافظة، وتعمل بها عائلات معروفة في دير الزور، بحسب موقع "أثر برس" المقرب من النظام السوري.
وتابع: "هي مهنة يدوية قديمة، ولا يزال هناك من يرتدي الفراء ويُحافظ عليه زياً شعبياً يرتبط بفصل الشتاء، يمنح الدفء، وتختلف نوعيتها بحسب من يرتديها إذ لها أنواع عديدة، فتجد ما يصنع من جلد الخراف الصغيرة ويسمى (الطلياني)، وجاءت التسميّة من (الطلي) أي الخروف الصغير حسب لهجة أهالي دير الزور، وسعرها مُرتفع".
وأضاف أن "هناك فروة (الجباشي)، والتسمية جاءت من (الكباش) حيث تُلفظ الكاف في لهجتنا كالجيم، كذلك هناك فراء من الجلد الصناعي وهذه تم بدء العمل بها منذ 15 عاماً".
كيف يصنع الفراء؟
ويلبس الفراء الرجال والنساء، لا سيما في الريف، وإذ تأتي للرجال طويلة تُغطي الجسم ويلتفون بها، فإنها للنساء تكون قصيرة وتُسمى "إبطيّة"، لكن لا تدخل بصناعتها الجلود، فقط داخلها من صوف الأغنام، بحسب الباحث رمضان.
"علي ذيب الحرش" أحد أرباب صناعة "الفراء" ورث المهنة عن أبيه، أشار إلى أن ارتباط عائلته بصناعتها يمتد لقرابة 150 عاماً.
وعن طريقة صناعتها قال الحرش "كانت جلود الأغنام تُشترى من الجزارين، ويغسلها صانعو الفراء على ضفة نهر الفرات، وتحديداً تحت جسر فرع النهر الصغير بدير الزور، وبعد غسل الجلود وأخذها إلى محل التصنيع، تُوضع فوقها كمية من الملح لتبقى فترة من الزمن حتى تجف تحت أشعة الشمس، ثم في المرحلة الثانية تُوضع عليها (الشبّة) للتعقيم كما أنها تعطي الجلد الليونة والنعومة، يلي ذلك وضع اللبن الرائب فوق جلود الأغنام من (خراف وكباش وأبقار) وتُعرض للهواء، وكل هذه الأعمال تُسمى (التيمرة) وتكون في بداية فصل الصيف".
وأكمل: "عند جفاف الجلود نهاية فصل الصيف تبدأ عملية البشر (أي بشر الجلد بآلة حادة تشبه المنجل) حيث تزال جميع الأوساخ العالقة وكذلك بقايا (الشبّة) واللبن الرائب، ثم تتم عملية تجهيز الفراء أو ما يطلق عليها بلهجتنا الفروة".
ولفت إلى أن صناعة الفراء تعتمد من حيث الجودة على جلود الأغنام الصغيرة في العمر، فكلما كان جلد الخروف صغيراً (طلي) زاد سعر الفروة، وهي تُعد من النخب الأول وكلما كان عمرها كبيراً قلّ ثمنها.
كم سعر القطعة؟
وأشار إلى أنّ سعر القطعة من فراء الطلياني يصل إلى 2.5 مليون ليرة، بعده "الجباشي" بسعر يتراوح بين 1 – 1.5 مليون، في حين يبدأ سعر الفراء الطبيعي من 200 – 600 ألف ليرة .
وأكّد أن جلود الأبقار أيضاً تُستخدم في صنعها، فالنوع الجيد من الفراء يستهلك تجهيزه ما بين 25 – 30 قطعة، وتأخذ أشكالاً عدة عند تطريزها عمودياً وأفقياً.
"الحرش" البالغ من العمر 80 عاماً أشار إلى أنّ الدمار طال محال صناعة "الفراء" في أسواق دير الزور القديمة، فيما يقتصر عمله الآن على بيعها في زاوية من محل اتخذه في حي "القصور".
وأوضح أن تصنيعها بات يقتصر على المناطق الخارجة عن السيطرة، وفي الغالب تُجلب من هناك أو من محافظتي حلب وحماة.