للعام الخامس على التوالي، تستمر وزارة التربية التركية في تطبيق برنامج "صفوف الدمج - Uyum sınıfları"، للطلاب السوريين وغيرهم من الأجانب في الصف الثالث والذين يعانون من قصور في اللغة التركية، عن طريق نقلهم إلى صفوف خاصة وإخضاعهم لتعليم مكثف لرفع مستواهم باللغة التركية.
وبدأ برنامج "صفوف الدمج - Uyum sınıfları" عام 2016 عندما طُبّق في مرحلته الأولى على المدارس السورية التابعة للحكومة السورية المؤقتة.
ووقتئذ، كان يهدف البرنامج إلى إعطاء درس يومي في اللغة التركية للطلاب السوريين في المدارس السورية المؤقتة المنتشرة في عدد من الولايات التركية لرفع سوية الطلاب باللغة التركية.
ومع إغلاق المدارس السورية المؤقتة في تركيا ودمج طلابها ومدرسيها في المدارس الحكومية التركية نهاية العام الدراسي 2017، دخل "مشروع دعم اندماج الطلاب السوريين مع نظام التعليم التركي (PIKTES)" مرحلته الثانية انطلاقاً من العام الدراسي 2018 - 2019 وبدأ تطبيقه في المدارس الحكومية التركية.
ويتم تغطية كامل ميزانية مشروع "PIKTES" من قبل الاتحاد الأوروبي في إطار "برنامج الدعم المالي لأجل اللاجئين في تركيا (FRIT)" عبر نظام الهبة المباشرة، وفقاً لما ورد في الموقع الرسمي للمشروع.
الطلاب المشمولون في صفوف الدمج
وقال المسؤول في الدعم التعليمي في إحدى مدارس إسطنبول الحكومية، معتصم خميس، إن صفوف الدمج هي مشروع تعليمي أطلقته وزارة التعليم التركية ليشمل الطلاب الأجانب بهدف رفع مستواهم باللغة التركية.
وذكر خميس في تصريحات لموقع تلفزيون سوريا أن الطلاب المشمولين في البرنامج هم فقط طلاب صف الثالث الأجانب (سوريين وغيرهم) الذين يعانون من مشكلات باللغة التركية قراءة أو كتابة أو تحدثاً.
وعن أسلوب انتقاء الطلاب لبرنامج الدمج؛ يخضع جميع الطلاب الأجانب لامتحان شامل باللغة التركية بأسئلة بسيطة معظمها تعتمد نموذج الاختيار (صح وخطأ)، مع اختبار كتابي بسيط مثل كتابة الاسم والعمر وبعض المرادفات الأساسية.
ويحصل الطالب في حال أجاب على جميع أسئلة امتحان التقييم بشكل صحيح على 165 درجة وفي حال حصول الطالب على أقل من 50 بالمئة من العلامة الكاملة ينقل إلى صفوف الاندماج، مما يعني أن الطلاب السوريين وغيرهم من الأجانب الحاصلين على أكثر من 50 بالمئة في امتحان تحديد المستوى لن يتم فصلهم عن أقرانهم وسيستمرون في التعلم بصفوفهم المعتادة.
وحول أسباب تطبيق البرنامج على الطلاب في الصف الثالث حصراً، لفت خميس إلى القانون يمنع عزل الطالب في الصفين الأول والثاني عن أقرانه بشكل نهائي، مما يعني أن الصف الثالث هو الفرصة الأولى لتطبيق البرنامج.
ما نوع التعليم الذي يحصل عليه طلاب صفوف الاندماج؟
بعد خضوع جميع الطلاب الأجانب للامتحان المقيم الخاص باللغة، ينقل جميع الطلاب الحاصلين على علامات متدنية (أقل من 50 بالمئة) إلى صف الدمج ويتلقون تعليماً مكثفاً في اللغة التركية وقواعدها بمعدل 6 حصص يومية، خمسة أيام في الأسبوع.
وينخرط الطلاب في صفوف الدمج في التعلّم المعمق للغة التركية انطلاقاً من الأحرف الأبجدية سعياً لتدارك القصور عن أقرانهم.
لكن التركيز على اللغة التركية طوال السنة الدراسية، يخلق فجوة كبيرة في تعلم الطلاب باقي المقررات الدراسية التي ينقطع طلاب صفوف الاندماج عنها بشكل كامل مثل الرياضيات والعلوم وغيرها.
والسبيل الوحيد لتدارك الفجوة التعليمية لهؤلاء الطلاب - بحسب خميس - هي متابعة أولياء الأمور ما يتم إعطاؤه من دروس لباقي الأقران في الصف الأساسي عن طريق مجموعات "وتساب" الخاصة بالصف (المجموعة المنشأة من قبل المدرس أو المجموعة الخاصة بأولياء الأمور) وتدريسه للطالب في المنزل.
ويشدد خميس على ضرورة متابعة أولياء الأمور التحصيل العلمي لأبنائهم وخاصة في هذه المرحلة الحساسة على اعتبار أن مسؤولية تعليم الأطفال تقع على أولياء الأمور فقط ولا يحصل الطالب في صفوف الدمج على أي متابعة خارج نطاق اللغة التركية.
وبعد انتهاء السنة الدراسية يُعاد طلاب "صفوف الدمج" للدراسة مع أقرانهم في الصف الرابع، وهنا تبدأ معاناة الطلاب وفقاً لما يقوله المسؤول عن الدعم التعليمي معتصم خميس، ففي الصف الجديد يتلقى الطلاب معلومات أساسها ما تمّ شرحه في الصف الثالث ولم يحصل عليها طلاب "صفوف الدمج" لانشغالهم بالتعلم المكثف للغة التركية.
ويرى خميس أن مشكلة برنامج "صفوف الدمج - Uyum sınıfları" هي الانعزال الذي يعيشه الطلاب المنتقون لهذا البرنامج وبقاؤهم في صفوف مستقلة، مضيفاً أنّ الطالب يستطيع الاندماج وتعلم اللغة التركية مع زملائه في الصفوف المختلطة (أتراك وسوريين وأجانب) بشكل أفضل من عزلهم في صفوف مخصصة لتعلم اللغة التركية.
في المقابل، يعتقد خميس أن المسؤولية تقع على ذوي الطلاب السوريين (والأجانب بشكل عام) في متابعة تعلمهم وخاصة موضوع تعلّم اللغة التركية على اعتبار أن المدارس الحكومية لا تقدم مناهج خاصة بتعلم اللغة التركية لغير الناطقين بها في الصفين الأول والثاني.
ويختم خميس حديثه بأن قرار نقل الطالب إلى صف الدمج يمكن التفاوض حوله مع المدرس، حيث يستطيع ذوو الطالب التواصل مع المدرسين لمناقشة مستوى الطالب الدراسي وأوجه القصور، ويمكن أن يعدِل المدرس عن قرار النقل في حال تلقيه وعودا بتحسن مستوى الطالب في اللغة التركية.
والتقى موقع تلفزيون سوريا والدة طالبة في صف اندماج بمدرسة في إسطنبول، والتي أكدت أن مستوى اللغة التركية لدى ابنتها متدن بعض الشيء، مشيرة إلى أنها نُقلت إلى صف الدمج بعد أيام من بدء العام الدراسي الجديد 2023 - 2024.
ولم يكن تفوق ابنتها في مادة الرياضيات مساعداً على بقائها مع أقرانها، إذ إن المعيار الأساسي في الاختبارات هو إتقان اللغة التركية بالحد الأدنى الذي يساعد على تفاعل الطالب مع المدرس والزملاء بشكل طبيعي.
وترى والدة الطالبة أن إخضاع ابنتها للدروس المكثفة مع المتابعة المنزلية الحثيثة قد تشكل فرصة جيدة لمواصلة التعليم في السنة القادمة (الصف الرابع) بلغة تركية أقوى، بالنظر إلى صعوبة المناهج في الصفوف الأعلى والحاجة الماسة إلى اللغة التركية لمواصلة التقدم العلمي الصحيح.
عدد الطلاب السوريين في المدارس التركية
وبلغ عدد الطلاب الأجانب في المدارس التركية، في أيلول الماضي، نحو 977 ألف طالب، بينهم 790 ألف طالب سوري وذلك بحسب ما أعلنه وزير التربية التركي يوسف تكين في مقابلة على قناة "CNN" التركية.
ومن بين 790 ألف طالب سوري يدرسون في المدارس التركية، يوجد 23 ألف سوري يدرسون في المدارس الدولية، حيث يكون التدريس كاملاً باللغة الإنجليزية وفقاً لبرامج تعليمية دولية.