شهدت مناطق سيطرة النظام السوري تصفية 50 شركة، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، أي ما يعادل 75% من مجمل عدد الشركات التي حلّت نفسها، منذ بداية العام الجاري، والتي بلغت 79 شركة، بحسب مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لدى النظام زين صافي.
ورجّح خبراء أن يكون السبب في ذلك، السياسات الاقتصادية الطاردة التي يتبناها النظام السوري، وخاصة التركيز على جباية الضرائب.
ورأي المُحاضر في كلية الاقتصاد بجامعة حلب حسن حزوري، أن سياسات النظام حوّلت الاقتصاد السوري من اقتصاد منتج إلى اقتصاد خدمي، من خلال تشجيع قطاعات مثل السياحة والتجارة، على حساب قطاعات الإنتاج الحقيقي مثل الزراعة والصناعة"، بحسب ما ذكرت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، اليوم الأحد.
واتهم حزوري النظام بتبني سياسات تفضل جباية الأموال أولاً على حساب رعاية الإنتاج، فضلاً عن اتباع إجراءات مخالفة للقوانين الاقتصادية البديهية، أدّت إلى الفشل الذريع في ضبط التضخم وأسعار الصرف، ما أثر سلباً على الإنتاج ومستوى حياة المواطن، وهذه كلها من المسببات التي أدت إلى خسارة هذا العدد الكبير من الشركات في فترة قصيرة.
حلقة مفرغة من تدمير الاقتصاد وإفقار الناس
وانتقد حزوري قرارات النظام التي تمنح شركة صرافة واحدة حقوقاً حصرية في السوق، بالإضافة إلى مراسيم تجريم التعامل بالقطع الأجنبي، وسياسة تجفيف السيولة وتقييد حركة تحويل الأموال بين المحافظات وتقييد حركة السحب اليومي من المصارف، فضلاً عن السياسات التي تعقد عملية الاستيراد وترفع تكاليفه.
ولفت إلى أن معظم رجال الأعمال الخارجين من السوق يعملون في الصناعة والزراعة، والذين دفعتهم قرارات النظام غير المدروسة إلى إغلاق شركاتهم بشكل مؤقت أو دائم، وفي حال الاستمرار يتكرونها تعمل بطاقتها الإنتاجية الدنيا.
وألحقت سياسات النظام الضرر بالقدرة الشرائية للمواطنين أيضاً، ما تسبب بضعف الطلب في السوق المحلية بالترافق مع صعوبات في التصدير، بالإضافة إلى قرار النظام تسعير سعر الصرف بأقل من سعره في السوق السوداء، وهو السعر الذي تحسب على أساسه التكاليف الحقيقية، فضلاً عن غلاء أسعار حوامل الطاقة وعدم توفرها مثل الكهرباء والمحروقات، في حلقة مفرغة أدت إلى تدمير الاقتصاد وإفقار الناس، بحسب مجمل الأسباب التي حاول حزوري من خلالها تفسير سبب فشل هذه الشركات.
"تهجير قسري للشركات السورية"
في شهر أيلول الماضي، ذكرت صحيفة "تشرين" التابعة للنظام، أن نحو 2000 شركة تجارية جديدة في سوريا مهددة بإلغاء تراخيصها لأسباب تتعلق بعدم استكمال الإجراءات التأسيسية.
وحذّر أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها محمد أكرم الحلاق حينها، من خطورة حلّ وإلغاء هذه الشركات وما سينجم عنه من آثار سلبية على النشاط الاقتصادي ككل وحركة السوق المحلية، مشيراً إلى ضرورة أن تتم معالجة الموضوع من خلال إيجاد تسوية لتلك الشركات.
وقبلها بأيام، كشف رئيس "اتحاد شركات شحن البضائع الدولي" في سوريا، صالح كيشور، أن نحو 1200 شركة شحن أبلغت الاتحاد باحتمال الإغلاق الكامل، نتيجة الضرائب المفروضة يومياً والحجوزات غير المقبولة من وزارة المالية في حكومة النظام السوري.
ووصف كيشور القرارات المفروضة من حكومة النظام على الشاحنات كالضرائب والرسوم بمنزلة "تهجير قسري" للشركات السورية، وفقاً لصحيفة الوطن المقربة من النظام.