سلطت وسائل الإعلام الهولندية أضواءها على مساعدة السوريين في هولندا للاجئين الأوكرانيين الذين لجؤوا إلى بلد الطواحين خلال الأسابيع الماضية هرباً من الغزو الروسي لبلادهم.
ففي مدينة زاندام الهولندية، تم تحويل متجر فارغ بمساعدة سوريين إلى مكان لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين وتم ملؤه بالألبسة وأدوات النظافة وألعاب الأطفال.
السورية شذى تميم هي إحدى منسقي حملة المساعدات، والتي بادرت بالتطوع على الفور عندما سمعت أن الأوكرانيين قادمون إلى زاندام.
وقالت شذى لموقع "إن فانداخ"، خرجت عام 2015 من سوريا، بعد أن "قُصفت منازلنا ومستشفياتنا وانقطعت المياه والكهرباء عن المدن.. رؤية ما يحدث للأوكرانيين الآن يؤلمني حقاً، لأنني كنت في وضعهم وأعرف ما هي الحرب".
وأوضحت شذى: "لقد بدأ الأمر صغيراً، ولكن الآن هناك نحو عشرين متطوعاً يساعدون، كما أن هناك شباناً من مركز طالبي اللجوء القريب، وحتى اللاجئين من أوكرانيا الذين وصلوا للتو إلى هنا".
وصل قرابة 400 شخص من أوكرانيا إلى زاندام. والآن يمكنهم المجيء واختيار الملابس والأشياء الأخرى كل يوم من مركز المساعدات.
السوري تامر علوش الذي يعمل لدى منظمة "Open Embassy" قام بإنشاء "مكتب مساعدة" للإجابة على أسئلة اللاجئين الأوكرانيين.
ووفقاً للموقع الهولندي يمكن أن تكون هذه الأسئلة حول أي شيء وكل شيء، مثل:
أين أستطيع النوم؟
كيف أحصل على الأدوية؟
أين يمكنني تعلم ركوب الدراجة؟
وأشار علوش إلى أنه "في البداية كانت هناك حاجة، على سبيل المثال، لمنزل لمدة أسبوع أو أسبوعين (..) ولكن الآن هناك حاجة إلى حلول هيكلية".
ولا يجيب تامر على الأسئلة وحده، حيث يقوم بذلك مع عدد من الأوكرانيين الهولنديين الذين يمكنهم مساعدة اللاجئين بلغتهم الخاصة وسؤالهم عما يحتاجون إليه.
حملة لتخفيف المعاناة
ومن القائمين أيضاً على مساعدة الأوكرانيين، الهولندي السوري عابد الحسن الذي كان مرشحاً للانتخابات البلدية ويعيش منذ عام 2007 في هولندا.
وبدأ عابد وزوجته البولندية ويرونيكا المقيمان في مدينة زوندرت حملة لجمع المساعدات لللاجئين الذين وصلوا إلى بولندا من أوكرانيا، حيث قاموا بجمع مواد النظافة مثل الحفاضات، وفراشي الأسنان، والبطانيات وأغذية الأطفال إضافة إلى مساعدات أخرى.
كما أطلق هولنديون بمساعدة من سوريين أيضاً حملة لجمع المساعدات للأوكرانيين حيث جمعوا 2042 صندوقاً مليئاً بالطعام في العديد من محال السوبر ماركت في مدينتي أوفربيتوا ولينجافارد.
وبحسب صحيفة "خيلدرلاندر" الهولندية، قام السوري حسام عمران بتوزيع منشورات تحتوي على معلومات حول الحملة ويقول إنه يآمل بهذه الطريقة في التخفيف من معاناة الأوكرانيين قليلاً، مضيفاً: "أنا أعرف مخاوفهم (..) خائف من فقدان عائلتك، خائف على أطفالك، خائف مما سيأتي به المستقبل. الجميع يستحق الأمن والسلام. أود أن أقدم يد العون للأوكرانيين بهذه الطريقة".
تجهيز منازل للأوكرانيين
أما في مجمع "دي فليت" لكبار السن في ماسلوس قرب روتردام، تم تجهيز منازل للاجئين الأوكرانيين.
وقام عدد من اللاجئين السوريين الذين يقيمون على متن "قارب" موجود في مرفأ ماسلوس بالمساعدة في تجهيز المنازل للاجئين الأوكرانيين، الأمر الذي أشاد به عمدة البلدية إيدو هان وقال "من الرائع أن يساعد لاجئ لاجئاً آخر".
السوريون من "قارب الفندق" ساعدوا في حمل الأشياء وتأثيث الغرف وتجهيزها. ويقول أحد السوريين: "نحن أيضاً نشاركهم الحرب وخسارة المنازل".
كما ذكرت صحيفة "Pen" الهولندية أن رجلا سوريا تبرع بعربة مملوءة بالكامل بالمساعدات.
ونقلت الصحيفة عن السوري قوله للمتطوعين إنه لا يزال ممتناً لهولندا على المساعدة التي تلقاها كلاجئ من منطقة حرب ويمكنه الآن رد الجميل من خلال مساعدة الأوكرانيين، معرباً عن سعادته بذلك.
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية، قدمت نساء سوريات المساعدة للاجئين الأوكرانيين عبر فرز المساعدات المقدمة لهم مثل الثياب. وقالت إحدى السوريات "لقد تلقيت الكثير من المساعدة في هولندا. أريد أن أعيد شيئاً ما".
وعلى المقلب الأخر وبينما يبذل كل من شذى وتامر وغيرهم من السوريين قصارى جهدهم لمساعدة الأوكرانيين، تظهر تقارير إعلامية أنباء حول انضمام سوريين إلى جيش بوتين للقتال ضد أوكرانيا.
ويوضح تامر أن هذا يتعلق بمجموعة من المواطنين الذين يعملون لدى الأسد منذ سنوات "إنهم يقاتلون من أجل الأسد في سوريا، لكنهم أيضاً سعداء للقيام بذلك في منطقة أخرى. الأسد تلقى الكثير من المساعدة من جيش بوتين والآن يدفع لهم مقابل ذلك".
تامر يظهر صورة لبلدة قرب حلب، حيث يرفرف علم المعارضة السورية إلى جانب العلم الأوكراني ويقول "ترى هذه الأعلام معاً في أماكن كثيرة في سوريا.. السوريون يتعاطفون حقاً مع ما يحدث للأوكرانيين".
ووصل عدد كبير من اللاجئين الأوكرانيين إلى هولندا خلال الأيام الماضية بعد أن شنت روسيا حرباً على أوكرانيا بذريعة نزع سلاحها ومنعها من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة وصل عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى هولندا هرباً من الحرب التي شنها نظام الأسد على المدن الثائرة ضد حكمه والتي أسفرت عن سقوط عشرات آلاف القتلى من السوريين.
وقبل أشهر، أغلقت بولندا حدودها مع بيلاروسيا لمنع طالبي اللجوء السوريين والأفغان والعراقيين من دخول الاتحاد الأوروبي، في حين فتح الأخير أبوابه للأوكرانيين.