"فقدنا أهم طقوس رمضان، سوريا ولمة العيلة" بهذه العبارة بدأت فاطمة بركومة حديثها لـ موقع تلفزيون سوريا عن فرحتها بقدوم رمضان الذي يكابده حزن الغربة، فبعد عشر سنوات من اللجوء إلى الأردن ما زال شهر رمضان يؤجج حنينها إلى مدينتها حماة وشوقها للقاء عائلتها والجلوس على مائدة إفطار واحدة.
أما أبو قاسم فيقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "أجواء رمضان في سوريا لا تشبه أي مكان آخر، في بلاد اللجوء فقدنا بهجة رمضان ولا أملك سوى الدعاء بأن أجتمع مع عائلتي وأقاربي بعد لجوء عشرة أعوام" ويضيف: "لا نقوم بأي تحضيرات فالغلاء الفاحش في الأسعار جعلنا نعيش كل يوم بيومه".
"أيام سوريا لا تُنسى"
الوضع لا يختلف كثيراً عن خديجة درزي لاجئة سورية، التي أمضت تسع سنوات في الأردن بعد قدومها من الغوطة الشرقية، حيثُ تعتبر أن شهر رمضان يشعرها بالغربة أكثر من أي شهر أخر، تقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "كل عيلة سورية مائدتها ناقصة أخ أو ابن، أم أو أب، بتمنى أرجع لسوريا اليوم قبل بكرا ، بس الظروف أقوى منا".
تبدأ العائلات السورية بالتجهيز لشهر رمضان بأيام عدة، فهناك "مونة " مخصصة لهذه الشهر، وتحرص العائلات على عادات وتقاليد توارثوها من أجدادهم وخاصة عادة "السكبة " وتبادلها وهي إرسال أطباق الطعام للجيران حتى في بلاد اللجوء، وتعلق خديجة "ما زلنا متمسكين بهذه العادة في الأردن بالرغم من أن الظروف المعيشية الصعبة تحدّ منها"، تتفق ابتسام الحريري مع ذلك مؤكدة تمسكها بهذه العادة حيث إن العادات والتقاليد الخاصة برمضان لا يمكن التخلي عنها من وجهة نظرها.
تستحضر ابتسام أجواء رمضان في سوريا قبل 11 عاما من قدومها إلى الأردن من قرية كفر حرير في درعا، الذي كان يجمعها بوالدها وإخوتها وأقربائها التي فرقتهم الحرب، فتقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "تعودنا أول يوم برمضان للعيلة بس الحياة تغيرت علينا، صارت أصعب وأقسى".
أوضاع معيشية تقصي الأطباق الشعبية
ومع ارتفاع الأسعار وشح المساعدات الإنسانية تقتصد العائلات السورية في الأردن في عدد الأطباق على موائدها، هناك كثير من الأطباق المهمة والأساسية في المائدة السورية لا يمكن عملها في بلد اللجوء باستمرار وخاصة الأكلات الشعبية مثل "الكبة " و "شيخ المحشي" و"المحاشي " والأطباق التي تحتاج إلى لحوم بشكل عام، بحسب الحريري وتضيف "نعتمد على البقوليات والحبوب بصورة أكبر، الأسعار مرتفعة جداً وهذه يحد من قدرتنا على إعداد الأطباق التي اعتدنا على عملها، الكبة نأكلها مرة واحدة في رمضان بعدما كنا نتناولها عدة مرات في سوريا".
وتضيف، "في سوريا كان هناك اكتفاء ذاتي، فالقرية التي كنا نعيش بها كان سكانها يصنعون الخبز على الحطب ويزرعون الأرض ويربون المواشي، ومن منتجاتها يصنعون الألبان والأجبان والسمنة البلدية التي حُرمنا منها، اليوم اللاجئ بعدما كان يصنع "مونة " رمضان واحتياجاته بيده، عليه أن يشتريها".
وتقول: "اعتدنا في سوريا على صناعة قمر الدين يدوياً وبكميات كبيرة كطبق رئيسي للسحور، أما في الأردن بعيداً عن الأسعار، فحُرمنا منها فالأنواع والمواد المتوفرة هنا تختلف عن جودة المواد في سوريا ".
التكيف السلبي لمواجهة الحياة
البيانات الجديدة الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقول إن 90٪ من عائلات اللاجئين في الأردن يستخدمون استراتيجية واحدة على الأقل للتكيف السلبي، مثل الحد من تناول الطعام أو شراء السلع المنزلية عن طريق الدين الآجل، من أجل الاستمرار في حياتهم اليومية.
ووفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون للاجئين في الأردن فقد عاد 5500 لاجئ ولاجئة سوريين إلى بلادهم في العام 2021 مغادرين من الأردن، بصورة "طوعية لضمان أمنهم"، هذا ويذكر أن الأردن يستضيف ما يقرب من 800 ألف لاجئ بينهم نحو 700 ألف لاجئ سوري مسجل وفق آخر تحديث صادر عن المفوضية، في حين تشير الأرقام الحكومية إلى وجود 1.3 مليون لاجئ سوري في الأردن نصفهم غير مسجلين لدى المفوضية.
كما يراود فاطمة حلم العودة إلى سوريا، خديجة وابتسام تحلمان بذات الحلم ولكن مع عودة سوريا أيضاً كما كانت قبل 11 عاما من الثورة، فوفق استطلاعات رأي أجرتها المفوضية فإن "غالبية اللاجئين يرغبون بالعودة إلى بلادهم لكنهم غير قادرين بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة في سوريا، وأسباب تتعلق بالتجنيد الإلزامي للشباب وأخرى تتعلق بالأوضاع المعيشية هناك".