أصدر فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات في مجلس الأمن تقريره عن تنظيمي الدولة والقاعدة وما يرتبط بهما من كيانات في العالم، وكشف كيف ازداد نشاط داعش وأن قياداته العليا موجودة في سوريا، لكن لم يحدد التقرير هوية زعيم التنظيم "أبو حفص"، كما تحدث عن الشراكة بين هيئة تحرير الشام و"تجمع الشهباء" وأن المظاهرات ضد الهيئة قد تقوض من سلطتها وتفتح الباب أمام عودة تنظيمات متطرفة إلى منطقة إدلب، وتطرق أيضاً للشراكة بين الهيئة والحزب الإسلامي التركستاني الذي يقوده في سوريا كايوسير إلى جانب مساعدين عينهما عبد الحق قائد الحزب العام في أفغانستان في آذار الفائت.
جاء ذلك في التقرير الـ34 (تموز 2024) المُقدّم إلى مجلس الأمن الدولي من قبل الفريق المكلّف برصد أنشطة تنظيمي "داعش" و"القاعدة" وما يرتبط بهما من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات.
شهدت الفترة الممتدة بين مطلع العام الجاري (2024) ومنتصف تموز الفائت، نشاطاً متزايداً في عمليات تنظيم "الدولة" (داعش) العسكرية في سوريا مقارنة بدول الجوار، بالرغم من تعرض التنظيم لخسائر وتحديات مختلفة.
وبحسب التقرير، فقد زاد تنظيم داعش من وتيرة عملياته في الأراضي السورية، منذ كانون الثاني الفائت، مقارنة بوتيرة أقل للعمليات في العراق حيث ألحق أضرارا مادية وخسائر في الأرواح بشكل محدود. ويتراوح إجمالي قوام التنظيم حاليا في كلا البلدين بين 1500-3000 مقاتل، إذ لا يزال يواجه خسائر في ساحة المعركة وحالات الفرار وتحديات في مجال التجنيد.
كما استفاد التنظيم من النزاعات الإقليمية وتراجع بعض جهود مكافحة الإرهاب لتوسيع نطاق عملياته وزرع خلايا نائمة في الدول المجاورة. وأشارت بعض الدول الأعضاء إلى أن تنظيم داعش استغل النزاع في إسرائيل وغزة من خلال استخدام الحيلة؛ فقد قام بتجنيد أفراد غير تابعين له عبر الإنترنت واستغلالهم لتنفيذ هجمات دون أي إشارة إلى تنظيم داعش. وألقي القبض على بعض هؤلاء الأفراد في بلد مجاور لمنطقة النزاع الرئيسية.
وتواصل قيادة تنظيم داعش الأم تطوير هيكلها الأفقي لصنع القرار. ولا تزال معظم القيادات العليا لتنظيم داعش موجودة في سوريا. وفي الوقت الراهن، أصبح لدى الإدارة العامة لولايات التنظيم خمسة مكاتب إقليمية وظيفية رئيسية وهي المحرك الرئيسي للتنظيم، في حين تلاحظ العديد من الدول الأعضاء أن الهيئة المفوضة لا تزال تنظر في النسب والمؤهلات الأخرى قبل تعيين "الخليفة".
هوية زعيم تنظيم "الدولة"
وتتباين وجهات نظر الدول الأعضاء بشأن هوية زعيم تنظيم داعش، أبو حفص الهاشمي القرشي. ومن بين المرشحين المحتملين، تم التعرف على كل من عبد الله مكي مصلح الرافعي (عراقي الجنسية معروف باسم أبو خديجة، رئيس مكتبي العراق وسوريا) وعبد القادر مؤمن (صومالي الجنسية، رئيس مكتب الكرار في الصومال)، وذلك بسبب مكانتهما الرئيسية في الإدارة العامة للولايات والتوجيه العام لتنظيم داعش. كما أشير أيضا إلى أفراد آخرين كمرشحين محتملين، منهم أحمد حامد حسين العيثاوي (عراقي الجنسية المعروف باسم أبو مسلم، وكذلك باسم أبو حفص، نائب زعيم تنظيم داعش في العراق).
ورأت بعض الدول الأعضاء أنه من الممكن أن يتحول تنظيم داعش إلى اختيار زعيم من أصل أفريقي استناداً إلى القدرة على التكيف والتطورات العملياتية وضرورة تمكين قادة التنظيم المنحدرين من أفريقيا، وفي المقابل اعترضت دول أخرى على إمكانية وجود قائد رئيسي من خارج المنطقة العراقية- السورية، مؤكدة على أهميتها الاستراتيجية والأيديولوجية والمنصبان الأبرز في تنظيم داعش هما الخليفة ورئيس الإدارة العامة للولايات، ويمكن للمرشحين المذكورين أعلاه أن يشغلوا أيا منهما.
ارتفاع مستوى العنف في آذار
في سوريا، شهد شهر آذار أحد أعلى مستويات العنف في صحراء المنطقة الوسطى، أي منطقة البادية، منذ سقوط "الخلافة"، وتم بعد ذلك احتواء النشاط جزئياً من خلال تكثيف عمليات مكافحة الإرهاب التي تنفذها قوات النظام السوري والقوات المتحالفة معها. وتعزو الدول الأعضاء الارتفاع المؤقت في هجمات تنظيم داعش إلى تحول الضغط الممارس في إطار مكافحة الإرهاب بسبب النزاعات الإقليمية واستمرار التوترات بين "قوات سوريا الديمقراطية/ قسد" والعشائر الشرقية. وعزز التنظيم شبكاته في البادية متحركاً في خلايا مكونة من 10- 15 من المقاتلين وهجمات تنظيم داعش هي في معظمها غير معقدة وتستهدف المواقع العسكرية للنظام حول السخنة وتدمر في محافظة حمص والرصافة في محافظة الرقة وكذلك المدنيين مثل الرعاة وعمال جني الكمأة.
في الشرق السوري، يواصل التنظيم شن هجمات باستخدام أساليب الكر والفر في ريف محافظتي دير الزور والحسكة، ويشمل ذلك محاولات إطلاق سراح عناصر تابعة له من مراكز الاحتجاز. وفي نيسان، أسفرت عملية نفذت في إطار مكافحة الإرهاب بالقرب من سجن الصناعة عن القبض على 40 من أعضاء تنظيم داعش واستمرت عمليات قوات سوريا الديمقراطية بدعم من القوات المتحالفة معها في استهداف الميسرين اللوجستيين الرئيسيين لتنظيم داعش، مثل محمد عطية المعروف باسم أبو محمود في 14 كانون ثاني. أما في الجنوب (درعا والسويداء)، فيلزم التنظيم وضعاً ساكناً بعيداً عن الأنظار، لكنه لا يزال يشكل تهديداً يمكن أن يتجاوز الحدود.
هيئة تحرير الشام
أما بخصوص "هيئة تحرير الشام" التي وصفها التقرير بأنها "جماعة إرهابية مهيمنة في شمال غربي سوريا"، فلا يوجد أي تغيير ملحوظ في قوامها. ويتولى قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، إلى حد كبير، إدارة الخلافات الداخلية. وتنفذ الجماعة بانتظام عمليات تستهدف مقاتلي تنظيم داعش في الأراضي التي تسيطر عليها، وقد أفادت الجماعة بأنها ألقت القبض على خلية تابعة لتنظيم داعش مسؤولة عن مقتل ميسر علي موسى عبد الله الجبوري المعروف باسم أبو ماريا القحطاني في 4 نيسان على يد مفجر انتحاري.
وتسعى هيئة تحرير الشام إلى تقوية جناحها العسكري من خلال إنشاء غرفة عمليات مشتركة باسم "تجمع الشهباء" بالتعاون مع الفصائل المسلحة، بما فيها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي و "الفرقة 50". وتجري الجماعة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مبادرات مدنية من خلال استحداث بطاقات هوية تحمل صوراً فوتوغرافية وبصمات الأصابع، وتسعى لإقناع قادة المجالس القروية بقبول حكمها طواعية. وقد تؤدي الاحتجاجات المستمرة في إدلب رداً على الحكم القاسي لهيئة تحرير الشام والاعتقالات التعسفية إلى تقويض سلطة الجماعة لدى المدنيين، ما قد يقوي الجماعات المسلحة الأخرى، بما في ذلك "تنظيم حراس الدين".
"الحزب التركستاني
وتنشط الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية، المعروفة أيضا باسم "الحزب الإسلامي لتركستان"، في سوريا بشكل رئيسي في محافظة إدلب وشمال شرقي اللاذقية وشمالي حماة وغربي حلب. ويقود الحركة القائد الإقليمي كايوسير، ويساعده زاهد قاري وشيخ طوبا، وكلاهما عينهما في آذار القائد العام عبد الحق، المقيم في أفغانستان.
وتتعاون الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية/ الحزب الإسلامي لتركستان مع هيئة تحرير الشام، إذ شنتا هجوما مشتركا على مواقع عسكرية سورية في إدلب وحلب في آذار. وتتلقى الحركة دعما ماليا من هيئة تحرير الشام وتدير أعمالا في بلدان المنطقة، بما فيها تركيا، لتوليد الأموال، وتدرب الأجانب بمستويات متزايدة من التطور. وذكرت إحدى الدول الأعضاء أن الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية/ الحزب الإسلامي لتركستان زادت من إنتاج التسجيلات الصوتية والمرئية لتوسيع نطاق جمهورها على الصعيد الدولي، ولا سيما لتشجيع النساء المسلمات على المشاركة في "الأنشطة الإرهابية"؛ وأشارت الدولة العضو أيضا إلى احتمال ارتباط بعض أعضاء الحركة بتنظيم داعش.
"تنظيم حراس الدين
ولا يزال "تنظيم حراس الدين"، وفق التقرير، ينشط بشكل رئيسي في جنوب شرقي إدلب وشمالي اللاذقية، ويبلغ قوامه بضعة آلاف من المقاتلين. ويعكف التنظيم بهدوء على إعادة تنشيط نفسه، حيث أصدرت قيادته تعليمات اتلين باتخاذ تدابير أمنية استثنائية لتجنب اكتشافهم. ولا يزال التنظيم يركز على أجندة محلية بعد أن فشل في تحقيق تطلعاته في شن هجمات خارجية في بداية النزاع في غزة وإسرائيل، وذلك بسبب تحديات عملياتية ولوجستية.
وعلى الرغم من الاختلافات بين تنظيم حراس الدين وهيئة تحرير الشام، لاحظت إحدى الدول الأعضاء تعاونا مؤقتا ذا طابع انتهازي بينهما، حيث يتلقى التنظيم دعما لوجستيا من هيئة تحرير الشام للقتال ضد قوات النظام السوري.