بالاعتماد على ما ملكنه من موهبة صقلنها بالتدريب حتى تطورت إلى حرفية، تخمد مجموعة من النساء السوريات نار الغربة وصعوبات الحياة في إسطنبول التركية، وفق ما تحدثن لموقع تلفزيون سوريا، حيث بدأن من الصفر واليوم أصبحن ينافسن بعض المطاعم على اختلاف دوافعهن وأحلامهن.
"لما بسمع كلمة شكر وثناء من زبون على أكلي، وكلامه أن أكلي ذكره بأكل أمه يلي ما ذاقه من سنين، هذا بحد ذاته اعتبره بفضل الله نجاح"، هكذا تصف أم أيمن (55 عام) صاحبة مشروع "mama kitchen"، رضا من تذوق طعامها، مؤكدة أنها تجيد الطبخ اللذيذ وتبرع في أكلات كثيرة.
تضيف أم أيمن، أنها وجدت في مهنة الطبخ مصدر دخل لعائلتها، ولذلك بدأت بالمشروع منذ نحو 4 سنوات في الأردن، وبعدها انتقلت بمشروعها إلى تركيا، حيث تفضل تأجيل فكرة توسعته، بسبب احتياجه إلى أيدٍ عاملة كثيرة وهنا يمكن أن تفقد الجودة التي تحرص على وجودها في وجباتها، وفق ما تقول.
أمينة حمادة (45 عاما)، شاءت ظروف الحرب أن تخرجها مع عائلتها من الغوطة الشرقية بعد قصف النظام لمنزلها، وطئت أقدامها إسطنبول برفقة زوجها وأبنائها الثلاثة، وبسبب قلة فرص العمل اضطر اثنان من أبنائها للسفر إلى النمسا.
دفعت الظروف المعيشية حمادة للعمل في بيع الطبخ المنزلي لمساعدة زوجها، وفق ما تقوله، مشيرة إلى أنها وزوجها لم يحصلا على عمل مستمر في إسطنبول.
وتضيف "زوجي يساعدني في إعداد الوجبات وأصبحت العوائل تتناقل رقم هاتفي وتقوم بتوصيتي على طلبيات الطعام المختلفة ونسبة كبيرة من الشركات والمصانع بدأت تطلب من وجباتنا".
المطبخ الشامي الذي وجدت فيه أمينة حمادة مهنة ومصدر دخل يؤمن دفع إيجار المنزل بالرغم من أنها لا تطلب أسعارا مرتفعة وفق قولها، إذ تكتفي بما يغطي تكاليف واحتياجات عائلتها اليومية.
أمينة تطمح إلى أن تفتتح مطعما في إسطنبول لكنها تجد أن الظروف غير ملائمة في الوقت الحالي.
أما مروة الشيخ (25 عاما) فتستمتع عندما يأكل الناس من عندها، لكنها تبقى قلقة من أن تُوجّه لها ملاحظات على طبخها، لأن ذلك يؤثر على "ارتباطها الوثيق بالمطبخ وشغف تحضير الطعام"، وفق قولها.
وتوضح الشيخ أنها بدأت حياتها في العمل منذ أربع سنوات، وتعددت المجالات التي عملت بها لكنها وجدت في المطبخ وجهتها التي ترنو إليها.
أحبت مروة الشيخ دخول المطبخ منذ أن كانت صغيرة، إذ كانت تحب تجريب وصفات جديدة منذ زمن، وحتى قبل أن تنتشر هذه الوصفات بكثافة على مواقع الإنترنت.
وتؤكد أنها مستمرة بمشروعها الذي تعتبره ما يزال صغيرا لتثبت لنفسها ولكل شخص أن النساء يستطعن إنجاز عدة أعمال وأن يكون لديهن مشروع ناجح.
وتفرّغ الشيخ نفسها للطبخ ساعية لأن يكون لديها عائد مالي خاص بها، كي لا تنتظر أي مساعدة من أحد.
وتقول "خطوة بسيطة جدا ممكن أن تقودك لتحقيق حلمك الكبير على عكس ما يقال إن هناك أحلاما صعبة التحقق".
رزان (30 عاما)، من مدينة حلب درست معهدا هندسيا، وبعد وصولها إلى إسطنبول عملت في شركة اتصالات، ورغم ضغوط العمل إلا أن ذلك لم يمنعها من ممارسة موهبتها التي أحبتها منذ الصغر، والتي رغبت بتنميتها بعد تشجيع من صديقاتها.
بدأت المشروع على نطاق ضيق بين المعارف فقط ومن طلبية إلى أخرى ازداد حجم العمل، تقول رزان، إنها عزمت بعد هذا التطور على توسعة المشروع كي يكبر أكثر.
وتضيف "لا أحد ينكر أن ظروف الغربة تتطلب منك أن تعمل، لكن أخي ساعدني في توصيل الطلبات وكنت أخصص جزءا من راتبي لأشتري باقي الأدوات التي أحتاجها في إعداد أصناف الحلويات وتلقيت مدحا كثيرا من قبل الناس".
وتستعد رزان لتحضير موقعها الخاص على شبكة الإنترنت، الذي تريد من خلاله نشر منتوجاتها حتى يسهل الطلب من قبل الناس.
ومع اتساع عملها، تقول رزان إنها باتت تتلقى طلبات من لاجئين سوريين في أوروبا بعد أن أوصل اسمها لهم أقرباؤهم وأصدقاؤهم في إسطنبول، مشيرة إلى براعتها في إعداد الطعام فهي لا تعتمد فقط على الموهبة بل إنها تلقت تدريبات عديدة في مجال إعداد الحلويات وأصناف أخرى، مما أضاف لرصيدها في هذا المجال.
زهرة سيدة سورية متزوجة من رجل فلسطيني كانت إقامتهم بالإمارات لمدة 36 عاما، لكنهم وبسبب الظروف الصعبة اضطروا للانتقال إلى إسطنبول، وتقول إن ابنتها تهوى صنع بعض أنواع الأطعمة وتحلم كثيرا في أن تبدأ بمشروع صغير لإعداد "السينابون والدونات".
وتضيف "عندما بدأنا بالمشروع كان الهدف الرئيسي أن نعتمد على أنفسنا بالمعيشة ونعيد تكوين أنفسنا من البداية في بتركيا، وحدث أن طلبت صديقة مقربة منا أن نصنع لها أصنافا من الحلويات، وعندها ترددت في البداية لكنها وبعد أن تذوقت عملي أثنت عليه وشجعتني وعندها بدأت مشروعي الذي بني على أساس الاكتفاء ماديا أنا وأسرتي"، لافتة إلى أنها من مؤيدي فكرة أن المرأة لبيتها وزوجها وأن الرجل هو الذي يجب أن يعمل، وتعتبر زهرة أنها نجحت بفضل دعم صديقاتها لها، مشيرة إلى أن مشروعها ما يزال صغيرا وبحاجة إلى عمل كثير حتى ينجح.