ما زالت عائلات سورية تحافظ على عدد من العادات خلال شهر رمضان المبارك، بما في ذلك "سكبة رمضان"، رغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعانون منها في مناطق سيطرة النظام السوري.
وفي سياق ذلك قالت غالية: "في كل عام يتجدد ظهور عادات أصيلة عرفها الأهالي منذ عشرات السنين وتوارثوها جيلاً بعد جيل، مثل تبادل الأطباق بين الجيران التي تعرف باسم السكبة؛ حيث اعتادت ربات المنازل إرسال طبق إفطار من أكلاتها الشهيرة لجيرانها لتفسح المجال أمام توطيد العلاقات الاجتماعية معهم"، مبينة أنها ما زالت تحافظ عليها حتى اليوم فهي تعد الأطباق وترسلها إلى جيرانها، بحسب موقع "أثر برس" المقرب من النظام.
أما أم حسام (سيدة مسنة) وبالرغم من تخطيها سن السبعين إلا أنها لا تزال تحافظ بقدر استطاعتها على عادة السكبة المتمثلة في إيصال طبق من الطعام تطبخته يومياً وترسله إلى إحدى جاراتها.
وقالت أم حسام "بغض النظر عن نوع الطبخة التي جهّزتها، أرسل طبخة للجارة نفسها يومياً أو أنوّعها بين جاراتي اللواتي يفعلن الأمر ذاته معي أيضاً طوال أيام الشهر الكريم"، متابعة: "السكبة عادة قديمة تدلّ على الكرم، فحين ترسل جارة طبق طعام إلى أخرى تفعل ذلك لأنها أحبت أن تشاركها ما تأكله بغض النظر عن نوعية الطعام، وبعض السيدات قد يبادلن جارتهن الأخريات الفعل نفسه فوراً، ويرسلن صحون الطعام، بينما قد تؤجل أخريات ذلك إلى يوم آخر في حال تملكهن الحرج من إرسال كمية من الطبق الذي حضرنه للإفطار مع العلم أن هذا العادة ما زالت رائجة بالرغم من ضيق الحال والوضع الاقتصادي السيئ لدى البعض".
من عادات رمضان
وتؤكد يسرا (ربة منزل) أن هذه العادة مستمرة لديها رغم تراجع الأحوال المادية، نظراً لمساهمتها في زرع التآلف والمحبة بين الناس، ولأنها تبين مظاهر الكرم التي يتميز بها السوريون، والتي من الضروري أن ترافق عادات رمضان.
من جهته، لم يخفِ بشير وهو أحد سكان دمشق القديمة حبّه لعادة سكبة رمضان، ووصفها بأنها عادة متوارثة لدى السكان، مضيفاً: "ليس هناك أجمل من منظر الأطفال وهم يحملون أطباق الطعام، ويدقون أبواب الجيران بصوت طفولي ووجه بشوش، ويقول بعارة: (مرحبا أنا ابن جيرانكم، اشتهينا لكم هالسكبة)".
بالمقابل، هناك من اعتبر أن عادة "السكبة" بدأت تتلاشي، حيث قالت أم محمد: "كل شيء بات غالي الثمن وبالكاد نتمكن من تحضير وجبة إفطار تكفي عائلتي المكونة من 5 أشخاص، فالأسعار باتت لا ترحم"، لتوافقها الرأي جارتها التي أوضحت أن "الأطباق الرمضانية أصبحت متواضعة وبكميات قليلة ولا تسمح بالتبادل".
جدير بالذكر أنه ومع قدوم شهر رمضان، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل لافت في الأسواق السورية، ما شكّل عبئاً على بعض العائلات خاصة وأن مصاريف العائلة تزداد خلال الشهر الكريم.
وكان الباحث والخبير الاقتصادي د.شفيق عربش أوضح في حديث سابق أن كلفة تأمين متطلبات وجبات الإفطار والسحور خلال شهر رمضان إذا أراد أن يكتفي الشخص بالإفطار بوجبة فول فقط والقليل من اللبن الرائب ستتجاوز المليونين ليرة سورية، بينما إذ أرادت أسرة مؤلفة من 5 أفراد أن تحضر خلال الشهر وجبات تضمن تغذية سليمة، ستتجاوز الكلفة 15 مليون ليرة سورية على اعتبار أن الوجبة المغذية تكلف وسطياً نحو 400 ألف لأسرة مكونة من 5 أفراد.