كشف المطرب العراقي سعدون الجابر عن علاقة فنية قديمة جمعته مع شاعر من مدينة دير الزور السورية، قدّم له كلمات أغنية كانت سبباً في إصدار إحدى أهم ألبوماته الغنائية واكتسابها شهرة واسعة.
جاء ذلك خلال لقاء جرى مع المطرب العراقي الشهير عبر برنامج "في ضيافة آلاء" على قناة "الشرقية" العراقية، أوضح فيها أنه التقى في تسعينيات القرن الماضي بشاعر من مدينة دير الزور أهداه مجموعته الشعرية التي كانت قد صدرت حديثاً.
ويقول الجابر إنه في أثناء إحيائه إحدى الحفلات في العاصمة السورية دمشق عام 1996 تعرّف مصادفة على شاعر من دير الزور (لم يسمّه)، "ودير الزور هويتها عراقية (عراقية الهوى)" بحسب وصف الجابر، فأهداه ذلك الشاعر مجموعته الشعرية (قصائدها باللهجة الفراتية)، ثم افترقا بعد ذلك.
ويضيف بأنه بعد سنوات قليلة، كان قد أعدّ ألبوماً غنائياً جديداً يتمّ تجهيزه آنذاك في إحدى الشركات الفنية في السعودية، ويحتوي على أغانٍ قيّمة من بينها أغنية "جتني الصبح وعيونها ذبلانة" التي حمل الألبوم اسمها.
وفي أثناء انتظاره صدور الألبوم، تلقى المطرب اتصالاً من الشركة المنتجة في السعودية تخبره بحذف إحدى أغانيه "بسبب ورود لفظ الجلالة فيها" وفق الجابر، وطلبت منه إرسال أغنية بديلة خلال 48 ساعة كحد أقصى كي يتم إصدار "السي دي" وطرحه في الأسواق أو إرجاء الطرح في حال عدم وصول الأغنية.
يقول الجابر: "لم يكن بين يدي آنذاك أي أغنية جاهزة لإرسالها، وأثناء ذلك رأيت المجموعة الشعرية التي أهداني إياها الشاعر الديري فرحت أقلّب صفحاتها لتقع عيناي على قصيدة (عشرين عام) فقررت أن تكون هي الأغنية البديلة".
ويصف بعد ذلك كيف طلب من الملحن العراقي "كاظم فندي" تلحين كلمات القصيدة، ومن ثم تأديتها غناءً وموسيقا، وإرسالها وفقاً للزمن المطلوب إلى السعودية.
وبدل أن تكون تلك الأغنية مجرد إضافة عددية للألبوم الغنائي، طغت على جميع الأغاني الأخرى ونالت شهرة واسعة، لتكون هي السبب في انتشار الألبوم وأغانيه.
ويبيّن الجابر خلال المقابلة بأن أحد أهم الأسباب التي أكسبت الأغنية تلك الشهرة، كانت في كلماتها التي جاء في مطلعها: "قلي اش جابك عليّ ويش ذكرك بينا؟.. عشرين عام انقضت وانت اللي ناسينا"، حيث فسّرها المستمعون بأنها تشير إلى العلاقات السياسية والدبلوماسية المنقطعة بين نظامي العراق وسوريا آنذاك، والتي مضى عليها نحو 20 عاماً.
صاحب كلمات أغنية "عشرين عام"
مؤلف ذلك الديوان الشعري الذي التقاه سعدون جابر مصادفة في عام 1996، كان الشاعر الراحل عبد الناصر الحمد ابن مدينة دير الزور السورية، وكان عنوان ذلك الديوان "دفتر الموليا".
وبعد أن وقع اختيار المطرب العراقي على كلمات تلك الأغنية وإبلاغ الحمد الذي وافق على الفور بمنحها له، تعمّقت الصداقة بين الاثنين، وخاصة بعد صدور الأغنية (نحو عام 2000) ونيلها تلك الشهرة الكبيرة.
واستمرت تلك العلاقة حتى وافت الشاعر عبد الناصر الحمد المنية في الـ22 من آب 2020، (أي نحو عشرين عاماً أيضاً!)، في منزله بناحية جرمانا بريف دمشق عن عمر ناهز الـ62 عاماً. وكانت له العديد من القصائد والدواوين بالفصحى والعامية، وغنى له عدد من الفنانين والمطربين العرب.
— سعدون جابر (@Saddonjabir) August 22, 2020
ونعى الجابر صديقه الحمد عبر مشاركته صورة جمعتهما على حسابه في تويتر وعلق عليها قائلاً: "وأخيرًا ترجل الشاعر الفراتي الكبير عبد الناصر الحمد. الذي أتحفنا بروائع ستبقى خالدة إلى الأبد (عشرين عام/ بيتنا المهجور)، ومن أعطانا هذه الروائع سيبقى حاضرًا في ضمائرنا. وداعًا عبد الناصر فإرادة الله فوق كل إرادة.. لك الرحمة وللأهل والمحبين وأصدقائك خالص العزاء".
كلمات "عشرين عام"
"قلي اش جابك علي ويش ذكرك بينا
عشرين عام انقضت وانت اللي ناسينا..
شيبنا شوف الشعر لونه اش عمل بينا
ذكرتنا بالزغّر وأيام منسيه..
قولي اش جابك علي بعد الجرا والصار
لامتني كل العرب صغارها وكبار..
يا ما انتظرنا ومشى بنا العمر حدر
والقمر مل السهر ودع شواطيا..
بياع من يشتري حلمي ومواويلي
ينطيني قلبه الخلي وياخذ سهر ليلي..
مليت من حسرتي واللي هدم حيلي
بيعوني تالي قلب ما ضل قلب ليّه..".