في لوحاتها تقرأ المشاعر والقوة.. وتحسّ بفرط الأمل والبهجة، ترسم بريشتها حيناً وبقلبها أحياناً ولاسيّما إن حضرت سيّدة المدن "دمشق" التي تتصدر موضوعات لوحاتها، إلى جانب المرأة التي تحمل لها في جعبتها رسائل حبّ كبيرة، حيث تشتهر الفنانة السورية سارة طويل بلوحات يتمازح فيها الرسم مع الخط العربي والقصائد التي تتغنى بالمرأة وتمجّدها.
تقول طويل في حديث خاص لموقع تلفزيون سوريا، إن اهتمامها بمدينتها دمشق لم يأت بالصدفة، وتشرح "الأعمال الفنية التي أقدمها تحوي رسائل مباشرة أو مبطنة، دمشق مدينتي ومسقط رأسي ويتعذر عليّ زيارتها منذ سنوات لأسباب باتت معروفة للجميع، وهذا ما جعلني أعبّر عن شعور الفقد في الغربة وعن شوقي من خلال لوحات تحاكي دمشق بشكل خاص، وهذا جزء بسيط من مشاعري، رسمت أبرز الصروح الدمشقية مثل الجامع الأموي، والياسمين، والسيف الدمشقي متمازجة مع أشعار نزار قباني".
كثرٌ هم الشعراء الذين تغنّوا بدمشق.. ولكن نزار قباني تحديداً كان الشاعر الوحيد الذي رافق لوحات طويل وفي ذلك تشير إلى الفنّ الذي تقدمه يتقاطع بشكل كبير مع شعر قباني الذي لم يكن مجرّد أديب، فهو دبلوماسي وناشر وأحد روّاد الشعر الحديث بالعالم العربي كما أنّه شاعر المرأة بلا منازع، كان يدعوها لتثور على قيود المجتمع، وبالوقت نفسه كان يتغنى بجمالها وكأنها تحفة نادرة، وتضيف "نزار شاعر دمشقي وعشقي لمدينتي هو ما جعلني أتأثّر بشعرائها وأدبائها بشكل كبير".
تتميز لوحات طويل بدمج فن الرسم مع القصائد والخط العربي.. وعن هذه الخلطة تقول "أحببت أن أطرح نمطاً جديداً في الأعمال الفنيّة من خلال الخطّ العربي الذي أدخله في لوحاتي عن طريق الشعر، لم يسبقني أحد على إدخال قصائد داخل اللوحات، فمعظم الأعمال التي تتضمّن الخط العربي تكون عبارة عن آيات قرآنية أو أسماء معينة"، وتضيف "من خلال العبارات التي أكتبها أستطيع تقديم رسائل مباشرة، واللغة العربية مطواعة ومن أقدم لغات العالم، ولها وقعٌ سحريٌّ على العرب والغرب على حدّ سواء."
تعيش طويل في تركيا منذ تسع سنوات وتريد أن تقول للعالم عبر فنها إن الشعب السوري غير قابل للانكسار فهو يعيد بناء نفسه من جديد في كل مرّة. كطائر الفينيق الذي يولد من تحت الرماد مراراً وتكراراً، وحول تلقّي الجمهور لأعمالها تضيف "بالنسبة للمتلقي الغربي فاجأني فضوله لفهم معنى الخط العربي الموجود في لوحاتي، هناك إقبال جيّد على اقتناء اللوحات من قبلهم، وهذا ما جعلني أساهم في نشر اللغة العربية في المجتمعات الأوروبية ولو بشكل بسيط".
تبدو ريشة طويل مفعمة بالألوان والحيويّة.. تبتعد عن تصوير الحروب في أعمالها رغم مجيئها من بلد مازال يعاني تبعات الدمار حتى الآن، وهنا توضح "لوحات المرأة بشكل خاص مفعمة بالألوان الزّاهية لتعكس الرسالة التي أقدمها للنساء السّوريات، ما أريد إيصاله هو أنّ الانسان حتى لو فقد لغته أو أهله وأغلى ما يملك يجب أن يتمسّك بالأمل حتى آخر لحظة ليزهر بالمكان الذي يوجد فيه، ومن هذا المنطلق أحببت أن تكون لوحاتي مفعمة بالألوان الجميلة المشرقة، لأمنح المرأة الشعور بالسعادة والأمل، ولتكون على يقين أن الدنيا ما تزال بخير وأنّ أي حدث مأساوي تمرّ به ليس نهاية العالم، أريد أن أقول لها لا تجعلي الجانب المظلم ينعكس على حياتك، تمسّكي بالأمل".
تقيم طويل حالياً في مدينة أنطاليا التركية التي كان لها أثر كبير على أعمالها الفنية وتقول "أنطاليا واحدة من أجمل المدن المطلة على البحر الأبيض المتوسط، طبيعتها الساحرة أثّرت على نوعيّة إنتاجي الفني، ومنحتني تقديم نوع جديد من الفنون بالنسبة لي. وخاصة فنّ تشكيل اللوحات بالحجر، لاسيّما أنّ منزلي قريب من شاطئ صخري مليء بالأحجار المختلفة، صنعت لوحات فنية من خلال الأحجار الطبيعية المتنوّعة بالأحجام والألوان والأشكال، وهو ما لاقى إعجاب الكثيرين".
وعن بداياتها تشير طويل إلى أن ميولها الفنيّة في مجال الرسم والكتابة الأدبيّة، تفتّحت منذ الصغر وأنها سعت لصقل هذه الموهبة على أيدي فنانين سوريين خلال فترة وجودها في دمشق، ومع الوقت أصبحت تطوّر التقنيات التي تستخدمها في لوحاتها حتى تضفي طابعاً فريداً عليها. وتضيف "يجب أن أكون مميزة في عملي الفني لأترك بصمة وهذا ما أعمل عليه حالياً".
تؤمن طويل بأن الفن قادر اليوم على تغيير وجهات نظر معينة أو أحكام مسبقة.. وتقول "الريشة برأيي أقوى من القلم، نحن في عصر الصورة والإنترنت وانتشار الصورة أصبح سريع جداً وهذا ما يجعل رسالة الفنان تصل أسرع من رسالة الكاتب، بالطبع الفنان قادر بطريقة راقية جداً على تغيير وجهة نظر معينة أو بعض الأحكام المتوارثة من خلال عمل ينفّذه بالريشة والألوان، الرسالة ستصل بعمق لأن الفن يخاطب الروح كيف لا وهو يخرج من الروح".
تعكف الفنانة السورية حالياً على تنفيذ مشروع جديد، وتلفت إلى أنه موجه للمرأة عبر طباعة لوحاتها على الحقائب النسائية القابلة للاقتناء من قبل جميع شرائح المجتمع وبأسعار مناسبة، لتستطيع إيصال رسالتها لأكبر عدد ممكن من النّاس ويكون الفن متاحاً للجميع، بحيث لا تتقيّد الفنون بلوحات جدارية فقط صامتة على الحائط.