icon
التغطية الحية

زيارة عسكرية تركية لشمالي سوريا.. تحركات وقائية في ظل التوتر الإيراني الإسرائيلي

2024.10.05 | 12:48 دمشق

54
صورة أرشيفية - AFP
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

أعلنت وزارة الدفاع التركية عن زيارة قام بها وفد عسكري رفيع المستوى إلى قاعدة عسكرية في منطقة عمليات "غصن الزيتون" شمالي سوريا.

وضمت الزيارة قائد القوات البرية في الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، برفقة عدد من القادة العسكريين، وخلال الزيارة، تفقد القادة القوات التركية المتمركزة في منطقة عفرين، كما أجروا اجتماعاً عبر الفيديو مع قادة الوحدات العاملة في مناطق العمليات المختلفة.

في هذا السياق، أكدت وزارة الدفاع التركية، على لسان مستشار العلاقات العامة والإعلام زكي أكتورك، أن القوات المسلحة التركية مستعدة لمواجهة كل التهديدات المحتملة على الحدود التركية.

توقيت الزيارة

تأتي زيارة الضباط الأتراك إلى الشمال السوري في وقت تتصاعد فيه الأحداث على مستوى سوريا والإقليم بشكل عام، لا سيما مع تكثيف إسرائيل لقصفها على مواقع مختلفة للنظام السوري وإيران وميليشياتها في سوريا.

وقد تخلق هذه المستجدات رغبة لدى مختلف الأطراف المحلية والدولية المعنية بالملف السوري لخلط الأوراق، واستغلال حالة الفراغ التي قد تحدث في حال انسحبت الميليشيات الإيرانية من بعض المناطق، لا سيما شمال غربي البلاد، إثر تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية.

وبعدما نشرت وزارة الدفاع التركية صوراً لزيارة الضباط الأتراك، وموّهت الخرائط الظاهرة في الصور، أكد ناشطون سوريون أن الخرائط تظهر محافظة إدلب ومنطقة شمال غربي سوريا بشكل عام، بما فيها مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام السوري.
 

وتكرر الحديث خلال الآونة الأخيرة عن تحضيرات عسكرية لمختلف الأطراف المحلية في شمال غربي سوريا استعداداً لأي تطورات قد تحصل، في حين ألمح قادة في فصائل المعارضة السورية عبر تغريدات على حساباتهم إلى معارك هجومية مرتقبة، من دون تحديد تفاصيل دقيقة إضافية، في حين يرى مراقبون أنه من السابق لأوانه الجزم بحدوث معارك جديدة، خاصة أن أي عملية ستكون مرهونة باتفاقيات دولية بين الأطراف المتداخلة في سوريا، بما فيها تركيا وروسيا وإيران، مع عدم إغفال الدور الأميركي.

ما سياق الزيارة؟

وفيما يتعلق بالسياق السياسي لهذه الزيارة، أوضح الكاتب والمحلل السياسي علي أسمر أن تركيا وبما أنها عضو في حلف الناتو، نستبعد حدوث صدام مباشر بينها وبين إسرائيل، لكن تركيا تخشى من صدام غير مباشر عبر استخدام إسرائيل لوكلاء مثل حزب العمال الكردستاني المنتشر في شمالي العراق وسوريا.

وخلال لقاء على شاشة تلفزيون سوريا ضمن برنامج "سوريا اليوم"، أوضح أسمر أن تركيا تنظر إلى هذه التطورات باعتبارها مقدمات لصراع محتمل بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وحزب العمال الكردستاني، مدعومين من التحالف الدولي، لملاحقة الميليشيات الشيعية و"حزب الله" في سوريا.
 

ويرى أسمر أن هذا التحالف يعيد إلى الأذهان التعاون السابق بين "قسد" وحزب العمال ضد تنظيم "داعش"، مما منح هذه القوات نفوذاً كبيراً في سوريا.

وأشار أسمر إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد على أهمية منع توسع الصراع الدائر، محذراً من أن امتداد الحرب قد يؤدي إلى تقسيم سوريا، وهو ما تعتبره تركيا تهديداً مباشراً لأمنها واستقرارها، وقد زادت المخاوف التركية مع تزايد الدعم الأميركي والإسرائيلي لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي تعدها تركيا تهديداً لأمنها القومي.

أما عن احتمالية تدخل إسرائيل في سوريا لملاحقة حزب الله والميليشيات الإيرانية، أوضح أسمر أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذه التحركات، وهي حالياً تقوم بعمليات نوعية لتحييد التهديدات في شمال سوريا والعراق.

وأضاف أن تركيا تسعى لمنع تشكيل ممر انفصالي بين شمالي العراق وسوريا، إذ ترى في ذلك تهديداً لأمنها الوطني.

وتعزز تركيا أيضاً وجودها في مناطق شمال غربي سوريا، ليس فقط لأسباب عسكرية، ولكن أيضاً لضمان استقرار هذه المناطق ومنع تدفق موجات جديدة من اللاجئين إلى الأراضي التركية.

مسار التطبيع بين تركيا والنظام السوري

أما فيما يتعلق بمسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، أشار أسمر إلى أن تركيا كانت تسعى للتطبيع مع النظام السوري ليس لتسليم المناطق أو سحب القوات التركية، بل لمحاربة "قوات سوريا الديمقراطية" والانفصاليين، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني.

وترى تركيا - بحسب المحلل - أن تقسيم سوريا سيمثل تهديداً مباشراً لأمنها، ولهذا تسعى للتعاون مع الحكومة العراقية في هذا الشأن، في حين يستمر النظام السوري في مطالبة تركيا بسحب قواتها.

ورغم أن النظام السوري يصر على انسحاب القوات التركية كشرط للتطبيع، فإن أسمر يرى أن هذا الطلب ليس مطلباً سورياً بحتاً، بل مطلباً إيرانياً، إذ تسعى إيران لتعزيز نفوذها في المنطقة وتخشى من وجود تركي قوي في سوريا، ومع ذلك، أوضح أسمر أن تركيا ليست مستعدة للانسحاب قبل تحقيق الاستقرار السياسي وفقاً للقرار الدولي 2254.
 

وفيما يتعلق بالتعاون التركي مع روسيا، يعتقد أسمر أن روسيا تسعى أيضاً لحل الأزمة السورية، خاصة بعد حرب أوكرانيا، إذ ترى في تركيا شرياناً اقتصادياً حيوياً للنظام السوري.

رسالة طمأنة

وقال أسمر: "أعتقد أن النظام السوري ينتظر أي هيمنة ستغلب في سوريا، سواء كانت الهيمنة الإيرانية أو الروسية، فإذا تغلبت الهيمنة الروسية، سيحاول النظام التطبيع مع الأتراك، أما إذا غلبت الهيمنة الإيرانية، فسيصر على موقفه، النظام السوري ببساطة لا يحب أن يقف بجانب الخاسر".

وبحسب أسمر، زيارة الوفد في هذا السياق تعتبر مهمة، فهي رسالة تطمين للسكان المحليين والعالم، مفادها أن تركيا جاهزة للتعامل مع أي قوى، وقادرة على ردع أي حروب، كما تؤكد تركيا أنها ليست فقط قادرة على حماية نفسها، بل أيضاً أجزاء من سوريا، فضلاً عن أن الزيارة تحمل رسالة للغرب والداخل السوري بأن تركيا حالياً موجودة في سوريا ولن تغادر قريباً.

القوات التركية مستعدة لمواجهة التهديدات عبر الحدود

من جانب آخر، أكد مستشار العلاقات العامة والإعلام في وزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، أن "القوات المسلحة قادرة على مواجهة جميع التهديدات لتركيا عبر حدودها".

وخلال إفادته الصحفية الأسبوعية، قال أكتورك إن الجيش التركي "يتابع من كثب جميع التطورات في المنطقة بعد التوتر الإسرائيلي الإيراني الأخير وتصعيد إسرائيل اعتداءاتها في لبنان وسوريا، ويتخذ جميع التدابير والاحتياطات اللازمة، وقادر على القضاء على أي تهديدات أو مخاطر على بقاء تركيا وشعبها".

وتعليقاً على تصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشأن استهداف إسرائيل لتركيا بعد أن وسعت حربها إلى لبنان، قال أكتورك إن "القوات المسلحة التركية قادرة على القضاء على جميع أنواع التهديدات والمخاطر التي تستهدف أو قد تكون موجهة نحو بقاء البلاد".

وأشار المسؤول التركي إلى أن وزارة الدفاع والجيش التركي "تتابع من كثب التطورات في منطقتنا والعالم فيما يتعلق بالدفاع والأمن في بلدنا، ونقوم بتقييمها من خلال استراتيجية أمنية متعددة الأبعاد، ونتخذ التدابير اللازمة".

يشار إلى أن القوات التركية عززت، خلال الأسابيع الماضية، قواتها العسكرية في النقاط المتشرة في منطقة خفض التصعيد ومنطقة عملياتها شمالي سوريا.