أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، علي خامنئي، أن بلاده "ستستمر في دعم النظام السوري لاستكماله انتصاره على الإرهاب"، في حين شبّه الرئيس الإيراني رئيس النظام بأنه "مثل والده حافظ الأسد، من وجوه جبهة المقاومة".
جاء ذلك خلال لقاءات أجراها الأسد في طهران، بعد أن أعلنت وسائل إعلام، صباح أول أمس الأحد، عن زيارة سريعة وغير معلنة قام بها الأسد إلى إيران، التقى خلالها خامنئي ورئيسي، في وقت تحدثت تقارير إعلامية عن "إعادة تموضع وترتيب أوراق" لإيران وميليشياتها في سوريا في ظل انسحاب وحدات روسية.
خامنئي ورئيسي: تعزيز العلاقات الاقتصادية
ووفق ما نقلت وسائل إعلام النظام وإيران، فإن خامنئي أكد على "العلاقات التاريخية بين البلدين، القائمة على التعاون الثنائي والتفاهم المشترك حول قضايا ومشكلات المنطقة والتحديات التي تواجهها".
وأشار المرشد الإيراني إلى أن "الولايات المتحدة اليوم أضعف من أي وقتٍ مضى"، وخاطب الأسد بالقول "ليس لدينا أدنى شك بأنكم قادرون على تحرير ما تبقى من الأراضي السورية وبقيادتكم سوف تبقى سوريا موحدة، وعلينا أن نحافظ على العلاقة القوية التي تجمع بلدينا وشعبينا، وهذا مفيدٌ ليس لبلدينا فقط، بل ضروري للمنطقة أيضاً".
من جانبه، أكد إبراهيم رئيسي أن "مقاتلي المقاومة أثبتوا أنهم قوة موثوقة لإرساء الاستقرار والأمن في المنطقة، بما في ذلك سوريا"، مشدداً على ضرورة "احترام جميع الدول لسيادة سوريا وسلامة أراضيها".
واعتبر رئيسي أن "شجاعة جيش النظام وقوات الدفاع الوطني ومقاتلي المقاومة الإسلامية في المنطقة، وخاصة حزب الله، لعبت دوراً رئيسياً في تجفيف جذور داعش والجماعات الإرهابية الأخرى".
وعن الغارات الإسرائيلية على سوريا، أكد رئيسي أن التهديدات الإسرائيلية في المنطقة "يجب التصدي لها من خلال تعزيز وتنويع معادلات الردع".
وشدد الرئيس الإيراني على "ضرورة تعزيز وتحسين مستوى التعاون والتنسيق والعلاقات بين البلدين، لا سيما في المجالات الاقتصادية والتجارية".
الأسد: علاقاتنا استراتيجية
من جانبه، أكد رئيس النظام، بشار الأسد استعداد نظامه "لتنسيق أوسع مع إيران في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية"، مشيراً إلى أنه "خلال سنوات من المقاومة والمواجهة مع العدوان الغربي والتكفيري، كانت إيران الدولة الوحيدة التي وقفت إلى جانبنا".
ووصف الأسد العلاقات بين سوريا وإيران بأنها "استراتيجية"، مضيفاً أن "التطورات في المنطقة بعد عقد من الحرب ضد محور المقاومة أظهرت أن المقاومة فاعلة ومثمرة".
وأشار رئيس النظام إلى أن "التجربة أثبتت أن التنسيق والتفاعل بين دول المنطقة حول مختلف القضايا، بما في ذلك القضية الفلسطينية، كان فعالاً للغاية، وأظهر نجاح المقاومة الفلسطينية".
"ترتيب الأوراق"
ونقلت قناة "الجزيرة" عن مصدر إيراني غير رسمي مقرّب من "الحرس الثوري"، دون أن تسمّيه، تأكيده أن زيارة رئيس النظام الأخيرة إلى طهران "جاءت لترتيب الأوراق والتنسيق عقب انسحاب بعض الوحدات الروسية من الأراضي السورية، للمشاركة في حرب أوكرانيا".
وأضاف المصدر أن موسكو بدأت بسحب قواتها من نحو 30 نقطة عسكرية، منذ بداية الشهر الثاني من حربها على أوكرانيا، مضيفاً أن القوات الإيرانية وقوات من "حزب الله" حلت بالفعل محل الوحدات الروسية على الأراضي السورية.
وأشار المصدر الإيراني إلى أن "قوات إيرانية وقوات من حزب الله استقرت منذ نحو شهر في 3 نقاط عسكرية في محافظة إدلب وريفها، و4 مواقع أخرى في جنوب العاصمة دمشق، عقب نقل القوات الروسية إلى الجبهة الأوكرانية"، وفق "الجزيرة".
في مقابل ذلك، قال القيادي السابق في "الحرس الثوري" الإيراني، حسين كنعاني مقدم، إن "ما أقدمت عليه موسكو لا يعني انسحاباً كلياً من سوريا، وإنما إعادة تموضع ونقل القوات المحنكة من الجبهة الهادئة في سوريا إلى الجبهة الساخنة في أوكرانيا"، مؤكداً أن روسيا "سترفد قواعدها في سوريا بقوات أخرى".
ووصف مقدم التعاون العسكري الإيراني الروسي على الأراضي السورية بأنه "استراتيجي"، مشيراً إلى وجود "تفاهم روسي إيراني مسبق لمساندة الآخر في حال حصول عجز في قواتهما ببعض الجبهات في سوريا"، وفق "الجزيرة".
رسائل روسية وحرص إيراني على الهيمنة
وفي دراسة له، قال مركز "جسور للدراسات" إن زيارة الأسد إلى طهران تأتي "في ظل انشغال روسيا في الصراع مع أوكرانيا، والذي أصبح في المرتبة الأولى من سلم أولويات سياستها الخارجية، مما يتيح الفرصة لإيران من أجل التأكيد على نفوذها في سوريا، واتخاذ إجراءات من شأنها تعزيز ارتباط النظام بها".
وأكد التقرير أن إيران "ستكون أكثر حرصاً على فرض مزيد من الهيمنة على قطاعات الدولة في سوريا، اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، وهذا ما يفسر توقيع الطرفين مرحلة جديدة من الخط الائتماني لتزويد النظام بمواد الطاقة والمواد الأساسية الأخرى".
وأشار إلى أنه من المتوقع أن تقدم البنوك الإيرانية مزيدا من التسهيلات للنظام من أجل الحصول على قروض جديدة وضمان وصول شحنات جديدة من المحروقات بعد تراجع كمياتها منذ مطلع العام 2022.
ولفت "جسور للدراسات" إلى أنه سبق وصول الأسد إلى طهران إنشاء الميليشيات التابعة لإيران مواقع عسكرية جديدة لها جنوب ووسط سوريا، منذ منتصف نيسان ومطلع أيار الجاري، تركزت في ريف الرقة وريفي درعا والسويداء.
وأوضح التقرير أن "هناك حرصا واضحا من قبل إيران على استعراض نفوذها في سوريا قبيل انعقاد جولة جديدة من المباحثات النووية، في حين يعتزم وزير الخارجية، حسين عبد اللهيان، لقاء وزراء خارجية الدول المتمسكة بالاتفاق خلال زيارته إلى نيويورك".
وذكر التقرير أنه "رغم عدم القدرة على الجزم بوجود تنسيق بين روسيا وإيران حول الزيارة، فإن ذلك لا يعني بالضرورة رفض أو استياء أو عدم رغبة روسيا بهذه التحركات، بل من المحتمل أنها راضية ضمنياً عن الزيارة، التي تظهر تراجع التزام روسيا بضبط أنشطة إيران في سوريا".
وأشار "جسور للدراسات" إلى أن روسيا تريد توجيه رسائل للفاعلين الدوليين وعلى رأسهم إسرائيل، في ظل التوتر الواضح بين موسكو وتل أبيب، وانخفاض التنسيق بين الجانبين في سوريا، على خلفية موقف إسرائيل تجاه الصراع في أوكرانيا.