نال القطاع الرياضي في مناطق سيطرة المعارضة نصيبه من الحرب كغيره من القطاعات الأخرى، ابتداءً بتدمير كثير من المرافق الرياضية كالملاعب والصالات، وغياب الأمان الذي أعاق تنظيم العديد من النشاطات الرياضية وتفشي فيروس "كورونا"، وليس انتهاءً بقلة الدعم الذي أثر على نهوض الواقع الرياضي.
ورغم ذلك سعى المعنيون إلى تحدي كل العقبات وإحياء الرياضة في الشمال السوري، عبر تشكيل هيئات واتحادات رياضية، كان لها دورٌ بارز على مدى سنوات الثورة السورية، في تنظيم العديد من الدوريات والبطولات المحليةً.
مع انقضاء عام 2020 حرص موقع "تلفزيون سوريا"، على تسليط الضوء على أبرز الأنشطة والأحداث الرياضية التي حصلت هذا العام في مناطق سيطرة المعارضة، وأبرز العقبات التي اعترضت الأنشطة الرياضية في الشمال السوري، وعلى ماهيّة الخطط التي يسعى القائمون في الشأن الرياضي إلى تحقيقها عام 2021، للنهوض بواقع الرياضة وتطويرها بشكلٍ أكبر.
رئيس "الاتحاد السوري الحر لكرة القدم" نادر الأطرش، أكد أن عام 2020 حمل بعض الإنجازات الرياضية، لكن بشكلٍ عام كانت الأنشطة الرياضية ضعيفة مقارنةً بالأعوام السابقة، وبرر ذلك بعدة أسباب، أبرزها خسارة مناطق جغرافية هامة، ولا سيما خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب، والتي كان لها باع طويل في الرياضة، وتحتضن ملاعب وصالات مميّزة وقعت جميعها بيد قوات الأسد، وبالتالي تركزت معظم الأنشطة الرياضية في مدينتي إدلب وأريحا".
وأضاف الأطرش لموقع "تلفزيون سوريا"، أن "ظروف النزوح والتهجير جعلت تفكير كثير من الرياضيين منصباً في كيفية تأمين مأوى لعائلاتهم، وبالتالي ابتعدوا عن المشاركة في الفعاليات الرياضية، إضافةً إلى انتشار وباء كورونا في المحرر، ما ساهم في الحد من الكثير من الأنشطة خاصةً الرياضات الجماعية، وبذلك اقتصرت الفعاليات الرياضية على البطولات الفردية مثل (بطولات الشطرنج، كرة الطاولة، وبناء الأجسام)".
بدوره أفاد الصحفي الرياضي عروة قنواتي، بأن "تفشي فيروس كورونا كان العائق الأبرز في وجه الرياضة هذا العام، والذي أثر على اقتصادات كبرى الأندية الرياضية في العالم، فكيف هو الحال في مناطق تعيش ظروف حرب وكوارث وأزمات اقتصادية ومعيشية، ورغم ذلك كانت هناك دوريات وبطولات رياضية حاضرة وبعض الإنجازات بفضل جهود الشبان، الذين أثبتوا أن لديهم الطاقة والنشاط والحيوية، ويحتاجون فقط إلى القليل من الأمان لتحقيق الإبداع".
"البث المباشر" نقلة نوعية في رياضة الشمال السوري
الحدث الرياضي الأبرز في مناطق سيطرة المعارضة في عام 2020، كان بدء عملية البث المباشر لأول مرة لمباريات الدوري السوري في منطقة "درع الفرات" بريف حلب، في تجربةٍ فريدة أظهرت التطور اللافت في رياضة المحرر.
تجربة البث المباشر كانت بإشراف "وكالة قاسيون الإعلامية"، بالتنسيق مع الحكومة التركية والمجالس المحلية في ريف حلب، وبدأ النقل الحي للمباريات في الخامس من تشرين الثاني الماضي، مع افتتاح "بطولة الدوري السوري في الشمال المحرر"، حيث تم نقل المباراة الافتتاحية بين فريقي الباب وجرابلس.
وتضم البطولة 11 فريقاً، تسعةٌ من مدن وبلدات ريف حلب الشرقي، وفريقان من مهجري حمص (الكرامةـ تدمر)، وتقام المباريات ضمن نظام الذهاب والإياب، في ثلاثة ملاعب (الباب، قباسين، وبزاعة).
وقال مدير "وكالة قاسيون" يشار كمال: إن "الهدف من فكرة البث المباشر للمباريات في الدوري، إخراج الأهالي من جو الحرب وتشجيعهم على متابعة الرياضة، وتغيير الصورة النمطية عن مناطق الشمال السوري وخاصةً مدينة الباب، بأنها منطقة اغتيالات وخطف وتفجيرات فقط، وإنما الناس تمارس حياتها اليومية والفعاليات الرياضية مستمرة".
كما أن البث الحي للمباريات يفسح المجال للسوريين في دول اللجوء لمتابعة المباريات في الشمال السوري، وهذا يخلق حالة من التقارب الاجتماعي ويُعزّز الحنين إلى الوطن لديهم، ويساهم في تطوير مستوى الفرق، عبر إتاحة الفرصة لها لمتابعة أداء باقي الأندية.
ويشمل البث المباشر نقل مباراة أو اثنتين كل أسبوع حسب أهميتها، ويتم البث الحي لكل لقاء عبر ست إلى ثماني كاميرات من مختلف الزوايا، مع كاميرا مسيّرة من أعلى الملعب، إضافةً إلى وجود معلّق من أرض الملعب على كل مباراة، لتأمين نقل مميز للمباريات، وإعطاء صورة إيجابية عن تطور الرياضة في الشمال السوري.
وأوضح يشار كمال لموقع "تلفزيون سوريا"، أن "عملية نقل المباريات على الهواء مباشرةً، واجهت بعض الصعوبات في البداية، خاصةً مشكلة انقطاع الكهرباء وبطء الإنترنت، لكن تم تدارك الأمر لاحقاً من قبل المجالس المحلية والهيئات الرياضية، إضافةً إلى مشقة الطريق، حيث إن كادر البث الحي يأتي قبل كل مباراة من تركيا، لكن الحكومة التركية قدمت تسهيلات لعملية الدخول والخروج عبر الحدود".
ويتم نقل المباراة عبر المعرفات الرسمية "لوكالة قاسيون" على فيس بوك ويوتيوب، وهناك محاولات للتعاون مع مؤسسات إعلامية مستقبلاً لنقل مباريات الدوري عبر التلفزيون.
وأضاف كمال أن "من ضمن الخطط التي سيتم العمل عليها في عام 2021، هي اعتماد تقنية الفيديو (الفار) ضمن المباريات، ولا سيما عقب مطالبة عدة فرق بذلك، مع حصول بعض الإشكاليات التحكيمية في بعض المباريات مؤخراً، إضافةً إلى السعي لتوسيع البث المباشر ليشمل كل الدوريات المقامة في مناطق المعارضة".
سراقب تحقق البطولة الأهم
وشهد عام 2020 بعض البطولات الرياضية في الشمال السوري، وكان أبرزها إقامة "بطولة أمية الأولى"، والتي انطلقت في تشرين الثاني الماضي وأقيمت على أرضيّة كل من ملعب إدلب البلدي وملعب أريحا، وشارك في البطولة 12 فريقاً ضمن ثلاث مجموعات.
وضمت المجموعة الأولى فرق (أمية، النعمان، تفتناز، معرتمصرين)، المجموعة الثانية (أريحا، خان شيخون، بنش، سرمدا)، أما المجموعة الثالثة فضمّت (سراقب، جبل الزاوية، الجسر، القادسية)، وتأهل إلى الدور ربع النهائي ثماني فرق (النعمان، بنش، القادسية، سراقب، خان شيخون، أمية، جبل الزاوية، أريحا).
وشهد الدور ربع النهائي مفاجآت كبيرة أبرزها خروج فريق أمية، ليتأهل إلى المربع الذهبي، (بنش، سراقب، القادسية، جبل الزاوية)، وفي الختام توّج فريق سراقب بالبطولة بعد فوزه على بنش في المباراة النهائية بهدفين دون مقابل، في لقاءٍ مثير انتظره محبو كرة القدم في مناطق الشمال السوري.
وقال نادر الأطرش في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" إن "البطولة حظيت بجماهيرية كبيرة لكونها من أكبر وأهم البطولات التي أقيمت في مناطق سيطرة المعارضة، ما ساهم بإعادة الروح الرياضية إلى تلك المناطق التي تعيش ظروفاً صعبة، وشارك فيها أبرز أندية الشمال السوري التي رفضت المشاركة في بطولات النظام".
عام مميز لرياضة بنش
عام 2020 كان مميزاً لرياضة بنش، التي حققت فرقها بطولاتٍ عديدة في رياضات مختلفة وقدموا مستوياتٍ رائعة، ففي رياضة السلة، حقق فريق بنش لقب "بطولة اعزاز الأولى"، والتي شارك فيها العديد من الأندية القوية على مستوى الشمال السوري، كما حقق أيضاً لقب "بطولة المحبة" التي أقيمت في مدينة بنش، بالإضافة إلى "بطولة الشهداء" لكرة السلة التي أقيمت في صالة التربية بمدينة إدلب.
وعلى صعيد كرة القدم حقق نادي بنش المركز الثاني في "بطولة أمية الأولى"، بعد خسارته أمام فريق سراقب العنيد قبل أيام، إضافةً الى تحقيق نادي بنش "بطولة حزانو" ضمن الملاعب الخماسية.
إنجازات بنش هذا العام طالت كذلك كرة الطاولة، حيث حقق فريقها "بطولة كأس المحرر لفردي الرجال بكرة الطاولة"، والتي أقيمت في كانون الأول الحالي ضمن الصالة الرياضية بمدينة إدلب، حيث شارك فيها 74 لاعباً، موزعين على 17 نادياً رياضياً من مختلف مناطق سيطرة المعارضة.
وحقق نادي بنش لكرة الطاولة المركز الأول في البطولة عبر اللاعب "هيثم قصاص"، إضافةً إلى تحقيقه المركزين الثاني والرابع عبر اللاعبَين "مجدي كبي"، و"محمد حمدون".
ولادة "كرة السلة" في الشمال السوري
تميّزت سنة 2020 كذلك بولادة حقيقية لكرة السلة في الشمال السوري، بعد تأسيس "رابطة كرة السلة في الشمال السوري"، والتي تهدف إلى زيادة شعبية هذه الرياضة، في ظل تراجعها لصالح شعبية كرة القدم.
وضمت "رابطة كرة السلة" مجموعة من الأعضاء الذين يمتلكون الخبرات، وأبرزهم الكابتن "سامر كيالي" الذي كان من أكثر المشجعين على تشكيل الرابطة، فهو الأكثر خبرة وممارسة لكرة السلة بين الأعضاء، ودرب منتخب سوريا ونادي الحرية قبل اندلاع الثورة.
وأكد القائمون على "رابطة كرة السلة" عند تأسيسها، أنه تم إنشاء الرابطة بغية العمل على إعادة إحياء رياضة كرة السلة في الشمال السوري، رغم كل الصعوبات التي تواجهها، وأبرزها قلة الفرق وضعف الدعم، وعدم توفر الصالات اللازمة، حيث لا يوجد في ريف حلب سوى صالة واحدة ضمن مدينة اعزاز، مشدّدين على متابعة العمل للنهوض بكرة السلة بغية الوصول إلى تشكيل منتخب يُمثل سوريا الحرة في المحافل الدولية.
أولى نشاطات "رابطة كرة السلة في الشمال المحرر"، كانت إطلاق "بطولة اعزاز الأولى" في تشرين الأول الفائت، وشارك فيها ستُّ فرق ضمن مجموعتين، المجموعة الأولى ( النخبة أ، بنش، كفر حلب)، أما المجموعة الثانية فهي (المحافظة، النخبة ب، الثورة)، وحقق البطولة فريق بنش بعد فوزه على فريق الثورة في المباراة النهائية.
أول فعالية رياضية في منطقة "نبع السلام"
شهدت مدينة تل أبيض شمالي الرقة في تموز الماضي، أول فعالية رياضية تُجرى في منطقة "نبع السلام"، منذ أن سيطر "الجيش الوطني السوري" على المنطقة بدعمٍ من الجيش التركي في تشرين الأول عام 2019.
وضمت بطولة دوري كرة القدم الأولى ثماني فرق محلية، وتأهل للمباراة النهائية فريقا "عين العروس-الجواب"، وأقيمت بدعمٍ ورعاية من مديرية الشباب والرياضة في ولاية أورفا التركية بالتنسيق مع المجلس المحلي في تل أبيض.
وذكر مكتب الرياضة في المجلس المحلي بمدينة تل أبيض في بيانٍ له، أن الهدف من هذه البطولة تحفيز السكان لممارسة الرياضة، وخاصةً أن المنطقة كانت مهملة في الأعوام السابقة، لافتاً إلى أن المنطقة تحتاج إلى مزيد من الدعم لتأهيل المنشآت الرياضية وتوفير المستلزمات الضرورية لتحسين قطاع الرياضة.
يذكر أن بطولاتٍ أخرى عديدة جرت في الشمال السوري عام 2020، منها بطولة “يا هلا المحلية” لكرة القدم، والتي أقيمت في بلدة كفردريان شمال إدلب، وانتهت بتتويج فريق اتحاد كللي، وكذلك "دوري نجوم الشمال"، وحصد لقبه فريق عقربات، وبطولة "ليالي حلب الأولى" لكرة القدم، وحصد لقبها فريق نسور مارع، كما أقيمت بطولة "بناء الأجسام" بمدينة سرمدا لفئتي الرجال والشباب، بمشاركة 49 لاعبًا من 18 ناديًا، وفاز بها اللاعب نورس الفالح.
اقرأ أيضاً: عام الخسائر.. مشاهير من عالم الرياضة رحلوا في 2020