نشر موقع "المونيتور" الأميركي، المختص بقضايا الشرق الأوسط، تقريراً سلّط فيه الضوء على محاولات روسيا تصوير نفسها على أنها حامية للتراث السوري، من خلال ترميم المواقع الأثرية في جميع أرجاء البلاد.
وكان رئيس مركز إدارة الدفاع الوطني في وزارة الدفاع الروسية، ميخائيل ميزينتسيف، أعلن خلال مشاركته في اجتماع متابعة مؤتمر اللاجئين الذي عقد في دمشق في 26 تموز الماضي، أن معهد تاريخ الثقافة المادية، التابع لأكاديمية العلوم الروسية والمديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا، بدأ العمل على الحفاظ على مواقع التراث الثقافي في سوريا.
وفي تشرين الثاني من العام 2020، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات لترميم مواقع التراث في سوريا، مشيراً إلى أنه "لقد حان الوقت للمجتمع الدولي بقيادة اليونسكو لاتخاذ تدابير فعالة لترميم مواقع التراث العالمي في سوريا، التي تم تدميرها على يد الإرهابيين"، مؤكداً على أن روسيا مستعدة للإسهام في هذه القضية.
وفي شباط من العام 2020، نشرت مجلة "OZY" العالمية، مقالاً تحت عنوان "هدف روسيا التالي في سوريا التراث"، ذكرت فيه أن "التاريخ القديم قد يكون أحدث طريق لروسيا لاكتساب نفوذ في الشرق الأوسط".
كما قال تقرير لمعهد الشرق الأوسط في أيلول من العام 2020 إن "بشار الأسد يدرك جيداً أن التلاعب السياسي بالتراث الثقافي هو أداة قوية في ترسانة القوة الناعمة، لتجسيد نفسه على أنه البديل الوحيد للفوضى".
وأضاف تقرير المعهد أن "التدمير المنهجي من قبل داعش للمواقع التاريخية البارزة في جميع أرجاء سوريا والعراق، مثل تدمر، جعل رواية الأسد أكثر منطقية".
ووفق "المونيتور"، فإن روسيا تهدف من إعلاناتها المتزايدة أخيراً عن ترميم مواقع أثرية في سوريا، إلى "تلميع" صورة وجودها في هذا البلد، وتصويره على أنه وجود إنساني، وليس وجوداً عسكرياً أو سياسياً.
روسيا تسعى للحصول على تمويل من "اليونسكو"
وقال الباحث السوري المختص بالتاريخ والآثار، سعد فنصة، إن روسيا "وضعت يدها على مقدرات سوريا بسند بيع نهائي وقّع عليه الأسد"، مشيراً إلى أن موسكو "تريد نقل رسالة رمزية إلى العالم من خلال تحسين صورتها الثقافية".
وأوضح أن روسيا "تسعى بشكل أساسي إلى الحصول على تمويل من المنظمات الدولية، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)".
وأضاف فنصة أن "هذه أموال ضخمة تُخصص عادة لإدارة المواقع المحمية دولياً، لكنها يمكن أن تتسرب إلى جيوب نظام الفساد المعتاد للأنظمة الشمولية مثل روسيا والنظام السوري"، مؤكداً على أنه "من الممكن أن يكون لاكتشاف مواقع أثرية جديدة عن طريق التنقيب أثر كبير على تغذية المتاحف الروسية بمجموعة جديدة من الآثار".
وأشار الباحث السوري إلى أن "لإيران، في غضون ذلك، حصة في سوريا، وإن كانت أصغر، وأهداف إيران في سوريا تختلف عن أهداف روسيا"، موضحاً أن "عمليات نهب الآثار وحفر الأراضي والمواقع الأثرية تتم من قبل جميع الأطراف في سوريا".
ووفق الباحث، فإن قانون حماية الآثار في سوريا منح صلاحيات واسعة لمراكز البحث الأثري، ومنع صراحة التنقيب عن القطع الأثرية المكتشفة عن طريق البعثات الأجنبية باستثناء الفحص، طالما يتم إعادتها إلى المتاحف الوطنية، ولكن بعض القطع الأثرية "شقت طريقها إلى خارج سوريا ولم تعد مرة أخرى".