البث المباشر
عملت روسيا سابقا على استقطاب السوريين للقتال في ليبيا، وها هي تعمل اليوم جاهدة لاستقطاب سوريين آخرين للقتال إلى جانب قواتها في أوكرانيا، محاولة جذبهم وإقناعهم بشتى الوسائل.
وجندت القوات الروسية - عن طريق ميليشيا "فاغنر" - وبمساعدة نظام الأسد مئات من السوريين للقتال في ليبيا إلى جانب قوات خليفة حفتر ضد الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دولياً، مستغلةً الأوضاع الاقتصادية السيئة وبطالة معظم الشباب في مناطق سيطرة النظام من العمل.
وبعد عودة عدد ممن جندتهم روسيا في ليبيا وتقاضيهم أجورا مرتفعة لقاء حراسة مقراتها لساعات محددة في النهار، يسعى سوريون بعضهم عناصر في الميليشيات إلى تكرار التجربة في أوكرانيا والقتال إلى جانب روسيا التي تتكبد خسائر كبيرة في غزوها الذي شنته في 24 من شباط الماضي.
معسكر الصايد لتجنيد السوريين
يلعب اختلاف الأجور بين ليبيا وأوكرانيا عاملا محفزا لبعض السوريين، فحسب "علاء" وهو رجل أربعيني من الساحل السوري، كان قد سمع عن حملات التجنيد الروسية، فقام بتقديم طلب وتسجيل اسمه في أحد مراكز معسكرات "التطوع". وعند بدء الغزو الروسي لأوكرانيا اتصلوا به ليلتحق بمعسكر التدريب.
التحق علاء بمعسكر الصايد في مدينة حمص، ووقع على عقد ينص على أنه سيقاتل مع القوات الروسية مقابل مبلغ شهري وقدره 1500 يورو وهو ما يزيد عن رفاقه الذين سافروا إلى ليبيا والذين تقاضوا مبلغاً وقدره 1000 دولار شهريا.
ويقول علاء لموقع تلفزيون سوريا "أعلم أن سفري لأوكرانيا مجازفة كبيرة وخطرة ولكن سوء الحال في سوريا يدفعني للجحيم، أقله إن مت في أوكرانيا هنالك مقابل مادي وفي كلا البلدين سوريا أو أوكرانيا أنا ميت".
المغريات التي قدمت للسفر إلى أوكرانيا قد تكون مادية أكثر من أي سبب آخر وفرق الراتب الذي أعطته روسيا لعب دوراً. فعندما جندت روسيا سوريين للسفر إلى ليبيا كان الخوف من الموت نفسه هناك ولكن بعد عودة كثيرين من ليبيا وتحدثهم عن سهولة العمل وقضائهم أوقاتا طويلة من دون بذل دفع كثيرين للسفر إلى أوكرانيا.
سوريون يوقعون عقود موت
"كل مدينة لها سمسارها وكل مدينة لها معسكرها" هذا مايخبرنا به عبد، وهو مجند سابق مع القوات الروسية في ليبيا والذي فسخ عقده مؤخراً بعد عودته من هناك قبل عدة أشهر من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
"عبد" تقدم للعمل مع القوات الروسية عن طريق وسيط من قريته يعمل مع الروس ضمن الأراضي السورية، والذي أشاع خبرا ضمن القرية عن رغبة الروس بتجنيد عدد من السوريين كحراس للمنشآت النفطية في ليبيا تحت مسمى "مقاتلو داعش". بكلمات مختصرة يحكي عبد عن خطوات التجنيد وهي تقديم صور شخصية وصور عن ثبوتيات هويته ووثائق صحية تثبت خلوه من الأمراض وبعدها يسافر إلى معسكر الصايد في ريف حمص، ويخضع لدورة تدريبية من شهر لثلاثة أشهر مأجورة تتراوح بين 200 ـ 300 دولار شهرياً وبعدها يعطى المجند إجازة قصيرة ليودع أهله وبعدها يعود لمعسكر الصايد ويوقع عقداً يفوض فيه شخصاً يختاره ليقبض راتبه الشهري، وفي حال وفاته تستلم عائلته مبلغاً وقدره 5000 دولار وبعدها راتبا شهريا مقداره 350 دولارا مدى الحياة ومن دون تسليم جثته أو اعتراف رسمي من النظام السوري بوفاته، والأمر نفسه بالنسبة لأوكرانيا وبالتفاصيل نفسها.
وأكد عبد أن متطوعي الساحل والسويداء وباقي المناطق يذهبون إلى معسكر الصايد حصراً، أما من يتطوع من المدن الأخرى فيذهبون لمعسكر الطلائع في اللاذقية وهؤلاء عند سفرهم لليبيا تقاضوا رواتب مضاعفة وسبب ذلك أن "هؤلاء يساقون للموت فعلياً".
ويقول عبد لموقع تلفزيون سوريا إنه لم يلتحق عندما طلبته القوات الروسية للسفر إلى أوكرانيا، خصوصاً أن الروس هذه المرة أخضعوا المجندين لدورات قتالية قاسية وصعبة جداً وقلة من تحملوا إكمال الدورة التدريبية لنهايتها، وهذا مادفعه للتراجع والبقاء في سوريا.
ويتابع "في دورة تدريب المجندين للقتال في أوكرانيا كان هنالك تدريب على قتال الشوارع وتعذيب واختبارات على قدرة التحمل، كثيرون تم إسعافهم للمشفى ومنهم من تعرض لنزف داخلي من كثرة الضرب وقسوة المعاملة".
وفي آذار الماضي، قال مسؤولون أميركيون، إن روسيا جندت بعض المقاتلين السوريين ذوي الخبرة الجيدة في حرب المدن، تحضيراً لنقلهم إلى أوكرانيا، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا جمعت المقاتلين الأجانب ذوي الخبرة في حرب المدن في سوريا، وعرضت عليهم عقوداً برواتب معينة ولفترة محدودة.
تسويق روسي للقتال في أوكرانيا
أقام النظام السوري مسيرات و"مهرجانات" مؤيدة للغزو الروسي في أوكرانيا، وعرض إعلامه تجمعات شعبية وأخرى عسكرية تعلن استعدادها للوقوف إلى جانب روسيا، كما قالت مستشارة بشار الأسد الإعلامية لونا الشبل إن "السوريين سيتطوعون ردا للجميل" على حد تعبيرها.
مازن شاب ثلاثيني دفعته ظروف الحياة السيئة في سوريا للسفر إلى ليبيا مع القوات الروسية، ومازال يعاني من تبعات سفره والمشاق التي عاناها في ليبيا.
مازن توقع كغيره من السوريين أن سفره سيكون فقط لحماية المنشآت النفطية وأن العمل سيكون سهلاً وميسراً ودون أي مشكلات، ولكن الواقع كان عكس ذلك تماماً حيث كان هناك تشديد كبير على أوقات الحراسة، ومنعهم الروس من النزول للمدن على عكس المجندين السابقين الذين سافروا قبلهم بعام.
ويضيف لموقع تلفزيون سوريا "كما منعونا من استخدم أي وسيلة تواصل مع أهلنا وفرضوا علينا عقوبات كخصم مبالغ من رواتبنا الشهرية إذا تأخرنا في الحضور لنوبة الحراسة خمس دقائق مثلاً، والخصم كان من 50 إلى 200 دولار شهرياً أحياناً".
ويستطرد "كنا نساق كالخراف ولا يسمح لنا بأي حديث أو سؤال، فقط ننفذ أوامر الضابط الروسي المسؤول عن كل جماعة فينا، ذل وقهر أينما ذهبنا".
وبحسب مازن فإن وجود السوريين في ليبيا كان مختلفاً تماماً عن وجودهم اليوم في أوكرانيا، ففي ليبيا تم تجنيدهم كحراس تابعين لشركة فاغنر الروسية ويحصل كل مقاتل سوري في ليبيا على ألف دولار وتحصل حكومة النظام على المبلغ نفسه عن كل مقاتل، ويسلمون بطاقاتهم الشخصية وأي شيء يثبت شخصيتهم في معسكر الصايد ثم ينقلون بسيارت عسكرية روسية إلى مطار حميميم ومنه بطيارة عسكرية إلى ليبيا. ويكون تسليم الرواتب في مشفى السقيلبية الذي يحوي على مكتب جُهّز ليكون مقراً للقوات الروسية.
ويخبرنا مازن أن معسكر الصايد تواصل معه للالتحاق بدورة تدريبية جديدة وهناك تم إخباره أنه سيسافر لأوكرانيا وفق عقد جديد وهو مارفضه مازن ودفعه للعودة إلى أهله، وعن بقية الأشخاص أكد مازن أن الموضوع اختياري بحت ولا إجبار فيه ولكن بالطبع هنالك كذب وتسويق كاذب للسفر لكسب عدد أكبر من المقاتلين في صف القوات الروسية.
