"طوال سنوات مضت كنا نعتقد أننا نعيش أصعب مواسم رمضان حتى جاء هذا العام بظروف لم أشهدها طوال سنواتي التي فاقت الأربعين".. بهذه الكلمات يصف أبو محمد وهو من سكان مدينة اللاذقية حاله في رمضان الحالي.
ويوضح الرجل الأربعيني في حديث لموقع تلفزيون سوريا كلامه بالقول: "حرمنا من بركة سكبة الجيران التي طالما تميزت بها أحياؤنا، طبختنا باتت عبارة عن صحنين لا أكثر حيث بتنا نشتري طعامنا بالحبة ونحسب الكثير لدعوة حتى أولادنا إلى الإفطار.
تغير حال سكان اللاذقية في رمضان هذا العام للأسوأ مع ارتفاع الأسعار الذي اكتوى به السكان، كما غابت زينة رمضان عن الأحياء الشعبية في اللاذقية كالصليبة وسكنتوري والرمل الجنوبي بعد أن أضحت من الرفاهيات.
قبل ساعات الإفطار يكتظ السوق بالمشاة، ما تزال عصائر رمضان الشعبية حاضرة ببعض العربات لكن الفارق أن الإقبال ضعيف.
يؤكد أحمد وهو من بائعي السوس في المدينة أن البيع انخفض أكثر من النصف هذا العام وبات الناس يتجهون للاستغناء عن كثير من تقاليد هذا الشهر الفضيل. ويضيف:" حاولنا تخفيض أسعارنا قدر الإمكان ورغم ذلك تأثر البيع كثيرا".
من جانبه قال عبد الله وهو موظف حكومي من مدينة جبلة لموقع "تلفزيون سوريا" إن وجبات السوريين تأثرت كثيرا بالأسعار وتساءل:" ماذا سيشتري الموظفون من أمثالي إذا كان كيلو البندورة 5000 والبطاطا 4500 والخس بسعر 1000 ليرة هل يمكن أن نفطر بأقل من ذلك؟!
وأكد عبد الله أن معظم أهالي الساحل خلت موائدهم هذا العام من أكثر من نوع على عكس الأعوام السابقة بينما باتت اللحوم من المنسيات.
عادات غائبة
طوال سنوات مضت اعتاد سكان الساحل على شعائر تصاحب الشهر الكريم مثل زينة رمضان وسكبة الجيران، وسهرات المقاهي، وجمعات العائلة ومشوار الكورنيش البحري بعد الإفطار على الدراجات النارية.
ومع الأزمة الاقتصادية الخانقة وزيادة التقنين الكهربائي تقلصت كثير من هذه العادات كما توضح أم حسان في حديث لموقع "تلفزيون سوريا".
وتوضح المرأة الأربعينية:" الكهرباء معظم الليل والنهار مقطوعة، لم نقم بأي دعوة للإفطار للأقارب حتى اليوم، أشعر بأننا خسرنا الكثير من الأجواء المميزة".
اعتاد الشاب عمر من سكان مدينة جبلة منذ سنوات على جمع مبالغ مادية وتوزيع سلل غذائية على فقراء المدينة مع عدد من المتطوعين.
يقول عمر لموقع تلفزيون سوريا:" احترت كثيرا هذا العام كيف أجمع المال الحاجة كبيرة جدا أخجل من عائلات اعتدنا مساعدتها في كل عام لكن لم نستطع تأمين سوى قليل من السلل لتراجع عدد المتبرعين.
غربة وافتقاد اللمة
تفتقد معظم عائلات الساحل السوري هذا العام بشكل أكبر للمة العائلة مع غياب الكثير من الأبناء والأزواج خارج البلد بسبب الأوضاع الاقتصادية والهجرة المتصاعدة في الساحل السوري.
على تطبيق واتساب تقضي الحاجة آسيا يوميا سهرتها للحديث مع أبنائها الأربعة وقد بات كل منهم في بلد مختلف.
للعام الأول منذ سنوات طويلة تشعر الحاجة الأربعينية بهذه المرارة بعد أن بقيت مع زوجها لوحدها وتقول في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" هذا الهدوء ما قبل الإفطار لم أستطع الاعتياد عليه غاب أبنائي وأحفادي وبقيت سفرتنا فارغة.. رمضان هذا العام هو الأقسى علينا نأمل الفرج قريبا.
ورغم المآسي التي تراكمت على السوريين طوال السنوات السابقة ما يزال شهر الخير فرصة للتكاتف بين سكان البلد الواحد حيث يؤكد الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي لموقع تلفزيون سوريا أن مساعدات المغتربين في هذا الشهر تشكل سندا قويا لمن بقي هنا وهي غير قيمتها المادية ترمم الجسور بين الأصدقاء والأحباء مع البعد أحيانا طوال العام عن التواصل.