تخلّى سائقون في مناطق سيطرة النظام السوري عن قيادة سياراتهم بسبب التكاليف المادية المرتفعة لحيازتها، بدءا من الضرائب والرسوم وصولاً إلى أسعار الوقود التي تشهد ارتفاعاً بشكل دوري.
وأفادت وسائل إعلام موالية للنظام بأنّ امتلاك سيارة خاصة في سوريا بات نوعاً من الرفاهية بعيدة المنال، إذ لا يكفي دفع ثمن سيارة ما، بما يفوق سعرها في دول الجوار وبلد المنشأ حتى بعدة أضعاف، حيث تستمر سلسلة الدفع والتكاليف اللانهائية لجهة الضرائب والرسوم والتأمين التي تختلف بحسب نوع السيارة ومدى حداثتها.
ويضاف إلى ذلك اللوازم والتكاليف الضرورية الدورية كالوقود، عدا تكاليف تغيير الزيت المعدني وارتفاع أسعار بطاريات السيارات وقطع التبديل والصيانة في ظل عدم توفرها لكل أنواع السيارات.
سائقون يتخلون عن قيادة السيارات
ووفقاً لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام، فإن هذه العوامل مجتمعة، دفعت العديد من أصحاب السيارات إلى ركنها واستخدامها للضرورة القصوى فقط.
ولم يكن هذا حلاً مناسباً أيضاً، إذ إن ركن السيارة وحده له تكاليف خاصة، بعد أن أعلنت محافظة دمشق نيتها زيادة رسوم مواقف السيارات على الأملاك العامة الموزعة في الشوارع الرئيسية عبر شركة "مصفات"، لتصبح تعرفة الوقوف للساعة الواحدة 1000 ليرة سورية بدلاً من 500 ليرة.
كلفة اقتناء سيارة تُقدّر بالملايين سنوياً
ونقلت الصحيفة، عن الخبير الاقتصادي والأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق شفيق عربش، أن التكاليف الروتينية السنوية للسيارة العادية تتوزع على معدل ورود رسائل تعبئة الوقود من المحطات، بالمتوسط كل 10 أيام، فإن السيارة تحصل على 36 إلى 37 فرصة تعبئة سنوياً.
ووفق الأسعار التي صدرت مؤخراً، فإن السيارة تحتاج لما يقارب 10 ملايين ليرة سنوياً للوقود، وهذه الكمية كافية لقطع مسافة بحدود عشرة آلاف كيلومتر سنوياً بأسلوب عقلاني شديد لاستخدام السيارة، إذ يكتفي صاحب السيارة بالوقود المدعوم دون تعبئة بنزين أوكتان 95 أو الحاجة لكميات إضافية من السوق السوداء.
وبالتالي فإن 10 آلاف كيلومتر تحتاج إلى 4 أو 5 غيارات زيت سنوياً بكلفة تتراوح بين المليون ونصف، والمليونين ليرة سنوياً، وأما عن استهلاك العجلات فحسب التوصيات العالمية يلزم استبدال العجلات كل 3 سنوات أو بعد قطع 60 ألف كيلومتر، ونظراً للظروف الراهنة فإن معظم مالكي السيارات لا يستبدلون العجلات قبل مضي 5 أو 6 سنوات عليها.
وبالنظر إلى أسعار العجلات حالياً، يظهر أن مالك السيارة ينفق سنوياً على العجلات ما يقدر بـ700 حتى 800 ألف ليرة. بالإضافة إلى أنه يحتاج سنوياً في الحالة العادية من دون أعطال إلى زيارتين للفحص الروتيني وذلك للتشييك وتبديل بواجي ومصفاية البنزين ووصلات الكهرباء والمكابح على اختلاف الأسعار من مصلح لآخر ولكن عموماً تقدر بمليون ونصف المليون.
أما البطارية فيحتاج السائق لتغييرها كل سنتين، أما في حال العطل الكبير فتصبح الأرقام فلكية بحسب حجم الضرر.
نوعية رديئة للبنزين تلحق ضرراً بالمركبات
ولفت عربش إلى أن البنزين المتوفر حالياً دون المواصفات المتعارف عليها ما يؤدي إلى إلحاق الضرر بمضخات البنزين، بحيث يلزم تغييرها بين الحين والآخر وتختلف الأسعار بحسب نوع السيارة، بالتالي بالحد الأدنى تحتاج السيارة بين مليون ونصف ومليونين شهرياً.
وأضاف: "كل قطع التبديل المستخدمة إما أنها مستعملة أو مجهولة المصدر، بالتالي أخطر ما في الأمر أن ركوب السيارة لم يعد آمناً كما كان عليه في السنوات السابقة، وخاصة أن السيارات الموجودة في سوريا أحدثها يعود تاريخ صنعها إلى 12 سنة مضت بغض النظر عن السيارات التي دخلت البلاد مؤخراً لبعض أفراد الطبقة المخملية التي لا تتعدى نسبتها 5 بالمئة من سكان سوريا".
تفاقم أزمة المحروقات رغم تكرار الوعود
تعيش مناطق سيطرة النظام السوري منذ أشهر أزمة محروقات، هي الأسوأ على الإطلاق، بالنظر إلى حالة الشلل التام التي أصابت القطاعات كلها، حيث شُلت حركة النقل والمواصلات خاصة في العاصمة دمشق وريفها ووصل التأخير في رسائل البنزين المدعوم إلى قرابة 50 يوماً، كما ازدادت ساعات القطع الكهربائي لتصل إلى 23 ساعة يومياً في معظم المناطق.
ورغم الوعود المتكررة التي تطلقها حكومة النظام السوري بشأن زيادة المخصصات وضخ المشتقات في محطات الوقود، فإن أزمة المحروقات ما تزال مستمرة في التفاقم.