رغم رفع أسعار الأدوية من قبل وزارة الصحة في حكومة النظام بنسبة تصل إلى 40 في المئة، إلا أن المعامل لا تزال ترفض إعادة تصنيع بعض الأصناف مثل أدوية الالتهاب، بحجة أنها لا تزال خاسرة والسعر الجديد الخاص بها غير مجدٍ، في حين تم رفع أسعار بعض الأدوية 100 في المئة وإعادة طرحها مرة أخرى، في مخالفة لتسعيرة وزارة الصحة.
لم يبق دواء في سوريا أقل من 1000 ليرة
وفي جولة لموقع تلفزيون سوريا على بعض الصيدليات بدمشق، وصل سعر ظرف السيتامول إلى 1000 ليرة سورية أي بارتفاع 100% عن السابق، والبروفين إلى 1500 ليرة أيضاً بارتفاع تقريبي 100%، وووصل سعر أدوية الرشح وسطياً إلى مابين 2500 - 3000 ليرة سورية، والفيتامينات الوطنية 8 – 10 آلاف ليرة، ولم تعد هناك أصناف أدوية سعرها تحت الـ1000 ليرة.
على غرار كل شيء.. سوق سوداء للأدوية
حسام هو أحد الصيادلة في مساكن برزة، أكد أن "الإقبال على شراء الدواء انخفض أكثر من 70% بعد رفع الأسعار، بعد أن انخفض منذ أشهر 50% نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي أكثر فأكثر"، مشيراً إلى أن "الأدوية المهمة المتوفرة حالياً يتم تأمينها عبر السوق السوداء وخاصة أدوية الالتهاب التي تضاعف سعرها في السوق السوداء 3 مرات".
وتابع: "المعامل تقول إنها لن تعود للتصنيع لأن الأسعار التي حددتها وزارة الصحة غير مناسبة، لكن السؤال: من أين يتم تأمين الأدوية في السوق السوداء ومن ذات الشركات لكن بأسعار مضاعفة؟"، متساءلاً "هل سيصبح للدواء سوق سوداء أيضاً؟".
صيدلاني آخر في منطقة حاميش، أكد أن "معظم المرضى باتوا يتجهون لمحال العطارين لشراء اليانسون والمليسة والكمون وما إلى ذلك من أعشاب تقليدية، وخاصة فيما يتعلق بالأمراض الشائعة البسيطة، بينما ينحصر شراء الأدوية من الصيدليات بالمرضى المزمنين الذين يحتاجون أدوية الضغط والسكري والربو".
الأعشاب بديل الفقراء والمعاينة بـ 10 - 25 ألف ليرة
وأضاف "الأولوية اليوم للطعام والشراب ومن المستبعد أن يزور المريض الطبيب أو الصيدلي إلا بالحالات الشديدة، وقد يتوجه للمشافي العامة بدلاً من ذلك لتوفير بعض المال"، مشيرا إلى وجود "هجرة جماعية من قبل المواطنين إلى الطب العربي التقليدي والاستطباب بالأعشاب، هرباً من أسعار معاينات الأطباء التي وصلت إلى 10 آلاف ليرة وسطياً للأطباء المتخصصين، بينما تتراوح بين 3 و5 آلاف لأطباء الطب العام وذلك في المناطق الشعبية، بينما يرتفع السعر وقد يصل إلى 25 ألف ليرة وأكثر لأطباء مثل القلبية والأعصاب".
وقد يحتاج المريض بأدنى تقدير إلى كشفية طبيب في مكان شعبي 3 آلاف ليرة وأدوية وسطياً بـ5000 ليرة، ما يساوي 8 آلاف ليرة سورية، إن لم يطلب منه أي تحليل أو تصوير شعاعي.
وأكد أصحاب معامل أدوية مؤخراً، أنهم غير مستعدين للخسارة والاستمرار بالإنتاج وفقاً لأسعار وضعتها وزارة الصحة استناداً إلى دولار التمويل السابق المحدد بـ1250 ليرة، بينما تم رفع سعر الصرف الرسمي في آذار الماضي إلى 2500 ليرة دون تعديل أسعار الأدوية.
وطالبت المعامل في اجتماع لها، بأن يتم رفع سعر جميع أنواع الأدوية 100% قياساً برفع سعر الصرف الرسمي 100%، لكن الوزارة لم ترفع الأسعار سوى 30%، ما لم يشجع المعامل على إعادة الإنتاج وسط استمرار أزمة الدواء التي بدأت تشتد أكثر بانتشار السوق السوداء للأدوية المفقودة وبأسعار باهظة.
ويعاني مرضى القلب والصرع والسكري والسرطان والتصلب اللويحي وغيرهم من مرضى بأمراض مزمنة من انقطاع الأصناف الدوائية الأساسية التي يعتمدون عليها في علاج أنفسهم على المدى الطويل، بينما هم مضطرين الآن لشرائها من السوق السوداء أو ما يقابلها من أصناف مهربة بعشرات آلاف الليرات.