حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية من أن ملايين السوريين يواجهون الجوع، بسبب تقاعس نظام الأسد عن معالجة النقص الحاد في طحين الخبز.
وقالت المنظمة إن التمييز الذي تمارسه حكومة الأسد والسياسات الجديدة لفرض قيود على كمية الخبز المدعوم، إضافة إلى الفساد، يمس مباشرة قدرة العائلات على تأمين ما يكفي من الخبز.
وأضافت أنه وفقا لبرنامج الغذاء العالمي، هناك ما لا يقل عن 12 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بزيادة قدرها 3 ملايين سُجلت خلال عام واحد فقط.
وقالت سارة الكيالي، باحثة سورية في هيومن رايتس ووتش: "يقول المسؤولون السوريون إن ضمان حصول الجميع على ما يكفي من الخبز هو أولوية، لكن أفعالهم تظهر عكس ذلك. الملايين في سوريا يعيشون الجوع، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تقصير الحكومة في معالجة أزمة الخبز التي ساهمت في خلقها".
ووفق دراسة نشرتها "جامعة هومبولت" في 2020، خسرت سوريا 943 ألف هكتار من الأراضي المزروعة بين 2010 و2018، بسبب العمليات العسكرية، وتهجير المزارعين وعمال المزارع، وسوء إدارة موارد الدولة، والتكاليف المرتبطة بالنزاع.
وكانت بعض الخسائر في الأراضي بسبب الضربات الجوية غير القانونية التي شنها التحالف العسكري السوري-الروسي، والتي تصاعدت في 2015 ويرقى بعضها إلى ما يبدو أنها جرائم حرب. لم تقتصر الضربات على تدمير الأراضي الزراعية فحسب، بل دمرت أيضا مخابز عدة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة آنذاك، وفقاً للدراسة.
وحتى شباط المنصرم، كان 12.4 مليون سوري على الأقل -من بين عدد السكان المقدر بنحو 16 مليونا- يفتقرون إلى الأمن الغذائي، بحسب "برنامج الأغذية العالمي"، بزيادة قدرها 3.1 ملايين في عام واحد.
وتقدر "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة " (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي، أن 46% من الأسر السورية قللت حصصها الغذائية اليومية، وخفّض 38% من البالغين استهلاكهم لضمان حصول الأطفال على ما يكفي من الطعام.
وفي أيلول الفائت، أعلنت وكالة أنباء النظام الرسمية "سانا" عن صيغة جديدة تحدّ من كمية الخبز المدعوم من قبل حكومة الأسد التي يمكن للناس شراؤها على أساس عدد أفراد الأسرة. في 29 تشرين الأول، ضاعفت حكومة النظام سعر الخبز المدعوم.
وقال سكان يعانون أصلا من نقص حاد في الغذاء لهيومن رايتس ووتش إن هذه السياسة جعلت الأمور أسوأ. ووفقا لمن تمت مقابلتهم وبيانات الأمم المتحدة، فقد خفضت العائلات عدد وجباتها، وأصبح الأمهات والآباء يجوعون لإطعام أطفالهم.
وقال رجل من الزبداني إن أسرته المكونة من 4 أفراد توقفت عن تناول الجبن واللحوم في وقت سابق من 2020، واعتمدت على الخبز في معظم نظامها الغذائي. ولكن مع زيادة الأسعار والقيود الحكومية، فقد اكتفى هو وزوجته بوجبة صغيرة واحدة في اليوم، ليؤمّنا ما يكفي من الخبز لأطفالهما. وقال "نقسم الخبز إلى قطع صغيرة ونغمسه في الشاي لجعله يبدو أكبر، ولأن النوعية سيئة للغاية".
كما تحدث السكان عن تمييز في التوزيع، ففي بعض المناطق توجد طوابير منفصلة لكل من الجيش والأمن، أما السكان والنازحون فلهم أولوية أدنى. ويقول تقرير صادر عن "معهد نيوزلاينز" إن الأجهزة الأمنية تتدخل في توزيع الخبز والقمح، بما يشمل أخذ الخبز من المخابز وبيعه في السوق السوداء.
ويمكن للأسر الميسورة شراء "الخبز السياحي" -الأفضل جودة وغير المدعوم- بكميات أكبر، أو شراء الخبز من السوق السوداء، حيث يكون سعره أعلى بـ150% على الأقل من الخبز المدعوم.
وقال أحد السكان إن الأفران التي تبيع الخبز السياحي لديها إمدادات منتظمة، لكن المخابز الحكومية قد لا تتمكن من إنتاج الخبز لأيام. وقال أحد السكان: "يمكنني العثور على الخبز في أي مكان أريده، ولكن ذلك لأن لدي المال لأدفع ثمنه".
وختمت المنظمة تقريرها بأن حكومة النظام ملزمة بضمان ألا يجوع أحد. يجب أن تراجع القيود على كمية الخبز التي يمكن للأسر الحصول عليها لتأمين المؤن الكافية وتقديم دعم إضافي للأسر غير القادرة على تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية لضمان عدم تعرضهم للجوع. كما ينبغي لها ردع أجهزتها الأمنية، والتحقيق في مزاعم الفساد والتمييز في التوزيع، ومحاسبة المسؤولين عن منع وصول الخبز إلى العائلات التي تحتاج إليه.