دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السلطات اللبنانية إلى إنهاء السياسات التي تمنع أطفال اللاجئين السورين من التعليم في المدارس اللبنانية، وتمديد فترة تسجيلهم التي تنتهي في 4 كانون الأول الجاري.
وفي تقرير لها، قالت المنظمة إن آلاف الأطفال السوريين اللاجئين حرموا من التعليم بسبب مطالبتهم بوثائق لا يستطيع معظم السوريين الحصول عليها، في الوقت الذي تشترط وزارة التربية اللبنانية على السوريين سجلات تعليمية مُصدَّقة، وإقامة قانونية في لبنان، وغيرها من الوثائق الرسمية.
وأضافت المنظمة أن "بطء قرارات الوزارة يحرم الأطفال السوريين من التسجيل في المدارس قبل 4 كانون الأول، إذ لا يجدد تسجيلهم تلقائياً، ويضطر معظمهم إلى انتظار نشر لائحة بالمدارس التي ستفتح صفوف دوام ثانٍ لهم كي يتم تسجيلهم".
وقال المدير المشارك في قسم حقوق الطفل في "هيومن رايتس ووتش"، بيل فان إسفلد، إنه "لا يوجد أي عذر للسياسات التي تمنع الأطفال السوريين من الذهاب إلى المدرسة، وتركهم بدون مكان يلجؤون إليه لمستقبل أفضل".
وأضاف إسفلد أن وزير التربية اللبنانية "ورث قواعد ضيقة الأفق وتمييزية، لا تزال تقوّض تعليم الأطفال اللاجئين بعد عقد على بدء النزاع السوري، وعليه أن ينهي العمل بها".
ودعت المنظمة السلطات اللبنانية إلى السماح للأطفال السوريين بالتسجيل بدون إقامة لبنانية أو وثائق من نظام الأسد، مؤكدة على أن معظم السوريين يصعب عليهم الحصول على هذه الوثائق لأسباب خارجة عن إرادتهم.
وسبق أن تحدثت تقارير حقوقية عن حالات يرفض فيها مديرو المدارس الابتدائية، تعسفياً، تسجيل الأطفال السوريين الذين لا يمكنهم تقديم وثائق لا تطلبها وزارة التربية اللبنانية.
ينتظر الأطفال السوريون انتهاء تسجيل نظرائهم اللبنانيين ليتمكنوا من الحصول على التعليم
ووفق تقرير "هيومن رايتس ووتش"، فإن لبنان يستضيف 660 ألف طفل سوري لاجئ في سن المدرسة، 30 % منهم لم يذهبوا إلى المدرسة قط، و60 % لم يتم تسجيلهم في المدارس خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب المنظمات الإنسانية، كان عدد المسجلين هذا العام متدنيا جدا، فمنذ العام 2019، عندما أقفلت المدارس لفترات طويلة من جراء الاستجابة للتظاهرات الواسعة في لبنان ضد الفساد، وجائحة "كورونا"، حتى الأطفال السوريون المسجلون لم يحصلوا على تعليم عن بعد، إلا فيما ندر.
ويحضر معظم التلاميذ السوريين صفوف الدوام الثاني في المدارس الرسمية، التي لم تبدأ بعد، بينما بدأت الصفوف العادية في المدارس الرسمية في 11 تشرين الأول الماضي، بعد أن توصلت الوزارة إلى اتفاق مؤقت مع الأساتذة الذين هددوا بالإضراب بسبب الرواتب المتدنية بسبب الأزمة المالية في لبنان.
وهدد أساتذة الدوام الثاني، الذين يعملون بموجب عقود قصيرة الأمد، بالإضراب أيضا بسبب عدم دفع الرواتب وتدني قيمتها.
وينتظر الأطفال السوريون الذين يسعون إلى حضور الصفوف العادية حتى انتهاء تسجيل الأطفال اللبنانيين، ليتم تسجيلهم في الأماكن المتاحة.
وأوضحت المنظمة أن عدد الأماكن المتاحة انخفض بسبب انتقال 54 ألف تلميذ لبناني من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية خلال العام الدراسي الحالي 2020 - 2021، مع تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.
وتقدّر الحكومة اللبنانية عدد اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها بنحو 1.5 مليون لاجئ، نحو 900 ألف منهم مسجّلون لدى مفوضية الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، وتعاني الغالبية العظمى منهم أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة جداً.
وتؤكد تقارير أممية أن 90 % من اللاجئين السوريين في لبنان على الأقل يعيشون اليوم تحت خط الفقر المدقع، بعد أن كانوا 55 % في 2019.