تعرف المصور الفوتوغرافي والفنان التشكيلي برايان ماكارتي على نتائج الحرب المدمرة عندما عاينها شخصياً في زيارة لكرواتيا عام 1996، حيث رأى الدمار بسبب حرب الاستقلال التي قامت هناك، ما جعله يفكر بالأضرار التي خلفتها الحرب على أحبائه في حروب سابقة، وعن ذلك يقول: "فكرت بأن أتحدث إلى أبي عن تجربته في حرب فيتنام، لكنه رفض وبشدة التطرق إلى أي شيء عميق أو شخصي حدث معه حينئذ".. باستثناء شيء واحد، وهو أنه خلال لعبه بدمى تمثل جنوداً جمعته مع ابنه برايان عندما كان طفلاً، أخذ الأب يحكي لابنه قصص الحرب التي سمعها من جده الذي شارك في الحرب العالمية الثانية.
وهكذا، خطرت ببال برايان فكرة من خلال تلك الذكريات حول تجارب الطفولة، عززتها تجربته خلال الوقت الذي أمضاه في كرواتيا، وعنها يقول: "عثرت على رسائل كتبها أبي لأمي من فيتنام، تضمنت أحداثاً مثل تعرضه للإصابة للمرة الأولى، وهجوم تيت، ولهذا قررت أن أعيد خلق تلك اللحظات من منظورها في ستينيات القرن الماضي، وذلك عبر استعادة شخصية جي. آي. جو وهي عبارة عن دمية كانت موجودة حينئذ".
تعاملت منظمة ألعاب الحرب مع أطفال في سوريا والعراق وغيرهما، واليوم يعمل برايان على التعامل مع الأطفال المتضررين بسبب الحرب في أوكرانيا، ويعلق على ذلك بقوله: "أعتقد أنه من المهم التركيز على قصص الأطفال الذين أتوا من مناطق حرب، لأن الناس يتجاوزون الخطاب ليركزوا على تلك اللحظات، وهذا ما بوسعنا أن نحمله معنا، لأن جميع البشر سواسية".
في الصورة الثانية لوحة رسمها الطفل الفلسطيني وليد، 11 عاماً، وتصور صديقه الذي استشهد على حاجز للاحتلال الإسرائيلي
أما الصورة الأولى فهي إعادة تشكيل لتلك اللوحة على يد الفنان ماكارتي
التقط برايان صوراً للمشاهد والمناظر التي شكلها من جديد، وهذا ما جعل ذهنه يتفتق عن فكرة أخرى وهي البحث عن طريقة يمكنه من خلالها الاستعانة بفنه لمساعدة الناس على الشفاء من ويلات الحرب.
وبعدما اشتغل على تطوير أفكاره لمدة 14 عاماً، أطلق برايان مشروع دمى الحرب، وهو مشروع فني تحول فيما بعد إلى منظمة غير ربحية، يستخدم فيها برايان فن التصوير والعلاج بالفن لمساعدة الأطفال الذين عاشوا تجربة الحرب، وعن ذلك يخبرنا فيقول: "سمعت عن العلاج بالفن، والعلاج باللعب، ولذلك خطرت ببالي هذه الفكرة القائمة على الاستعانة بألعاب الحرب كوسيلة لرأب الصدع بين من عاشوا تجربة الحرب ومن لم يعيشوها".
في الصورة الثانية تصور علياء وهي فتاة حلبية شكل الحياة في حيها قبل الحرب وبعدها
أما الصورة الثانية فهي إعادة تشكيل لتلك اللوحة على يد الفنان ماكارتي
في تلك المنظمة، يلتقي الأطفال مع معالج مدرب متخصص بالمعالجة بوساطة الفن، ليساعدهم على التحدث عن الحرب ورسم صور ولوحات تدور حول تجاربهم معها. بعد ذلك يأخذ برايان لوحات الأطفال ورسوماتهم، ويسافر إلى الأماكن التي تقع فيها أحداث الحرب، وهناك يقوم بإعادة تشكيل الصور التي تعبر عن صدمات تلك الأطفال بوساطة الألعاب، ثم يلتقط صوراً لتلك المشاهد.
الطفلة العراقية سجى تصور في الصورة الثانية نزوحها مع أمها ومشاهدتها لأحد عناصر تنظيم الدولة مرمياً على الأرض ومقطع الأوصال
أما الصورة الثانية فهي إعادة تشكيل لتلك اللوحة على يد الفنان ماكارتي
المصدر:WKNO FM