عندما يأكل الناس الزيتون، يتخلصون من النوى في أقرب سلة للمهملات، لكن الفنان السوري مازن شيباني يبتكر منه ببراعة فائقة قطعاً فنية ثلاثية الأبعاد لمناظر طبيعية ومواقع عالمية شهيرة.
يجلس شيباني البالغ من العمر خمسين عاماً خارج متجره الصغير، يلصق النوى واحدة واحدة على سطح لوح خشبي، ويستخدم أحياناً ما يصل إلى 94 ألف نواة في العمل الفني.
كان شيباني يمتلك مطبعة، لكنها دُمرت في الحرب واستأجر محل ملابس صغيراً في العاصمة دمشق لتعويض الخسارة في الدخل.
وقال شيباني: "مهنتي الأساسية هي الطباعة، بس بها الأزمة راحت المنشآت (دُمرت)، استأجرت محلاً صغيراً. محل ألبسة مثل بسطة صغيرة، وأحسن ما نقعد ونحكي ع العالم (الناس) حبيت أقعد أشتغل أمام الناس إذا ما عندي زبائن أو بيع أو ترتيب (وقت الفراغ) باشتغل باللوحات، أجا زبون بترك اللوحة، لأن هذه البسطة هي يلي معيشتني (مصدر رزقي) ما اللوحات".
كان شيباني يعشق الفن منذ الصغر لكنه لم يكن يملك الوقت الكافي لممارسة هوايته، وسمحت له الحرية التي أصبح يتمتع بها في ظل ظروف العمل الجديد في إدارة المتجر الصغير باستغلال الوقت في ابتكار الأعمال الفنية.
يجمع حبات الزيتون من منزله ومنازل الأصدقاء والجيران ويقضي الساعات في إنتاج قطعة فنية واحدة.
يقول أبو شادي أحد جيران مازن شيباني "يلي بيطلع عندي من بذر الزيتون بجيبها (بعطيها) له، وبيطلع عندي بذر تمر كمان بجيبها له حتى يعمل اللوحات".
حاول الرجل وهو أب لثلاثة أطفال تعليم أولاده هوايته، لكنهم عندما اكتشفوا أن دخل اللوحات منخفض قياساً للوقت والجهد المبذول، رفضوا الاستمرار معه.
ويضيف شيباني أنه يعلم أن فنه لا يدر الدخل الذي يحتاجه لكنه الشيء الوحيد الذي ينسيه ما جرى ولا يزال يجري حوله.
ويوضح "ما في ميو (أحد) يشتري هالموضوع هاد (اللوحات). هذه المصلحة بدمي وأنا عم أحرم أولادي وحالي من أكل عيشي حتى أشتغل هاللوحات. حتى أولادي بلشوا (بدؤوا) معي، وصلوا لمرحلة ٦٠ ل ٧٠ في المئة. صاروا ممكن ينتجو، وقت (عندما) شافوا ما في مردود مالي قالوا لي خذهم احرقهم لندفى عليهم (نستخدمهم للتدفئة)".