icon
التغطية الحية

دراسة حديثة ترجّح أن تكون "العُزلة" سبباً في انقراض النياندرتال

2024.09.12 | 18:57 دمشق

456456
رسم تخيلي لإنسان النياندرتال
 تلفزيون سوريا ـ وكالات
+A
حجم الخط
-A

رجّحت دراسة حديثة أن تكون العزلة من بين الأسباب التي أدت إلى انقراض إنسان "نياندرتال" الذي ما تزال أسباب انقراضه لغزاً محيراً.

وفي حين يرى بعض العلماء أن الانقراض كان نتيجة تغيّرات مناخية، يرجح آخرون أن يكون ناجما عن أوبئة، ولكنّ دراسة عيّنة من وادي رون، من سلالة قضت 50 ألف سنة من دون تبادل جينات مع مجموعات أخرى، تطرح احتمال أن يكون الانقراض جاء نتيجة هذه العزلة الجينية.

أقام إنسان نياندرتال في أوراسيا حتى نحو 40 ألف سنة قبل الميلاد، وتعايش مع الإنسان العاقل، قبل أن ينقرض.

في حديث لوكالة فرانس يرس، يقول الباحث في المركز الوطني للبحوث العلمية التابع لجامعة تولوز بول ساباتييه، والمعد الرئيسي للدراسة التي نشرتها مجلة "سيل جينوميكس" أمس الأربعاء، لودوفيك سليماك: "إنها اللحظات الأخيرة التي كانت فيها مجموعات كثيرة من البشر على الأرض، في مرحلة استراتيجية وغامضة جداً لعدم فهمنا كيف يمكن لبشرية بأكملها، كانت منتشرة من إسبانيا إلى سيبيريا، أن تنقرض فجأة".

وعُثر على العينة التي تحمل اسم "ثورين"، في إشارة إلى شخصية من إحدى روايات جون رونالد تولكين، عام 2015 في كهف ماندرين الذي كان يؤوي بالتناوب مجموعات من إنسان نياندرتال والإنسان العاقل.

وهذا الاكتشاف نادر، ويمثل أول إنسان نياندرتال يتم اكتشافه في فرنسا منذ العام 1978. ففي مختلف أنحاء أوراسيا، لا يوجد سوى نحو أربعين منهم.

وأضاف سليماك: "بمجرد سحب الجثة من الأرض، أرسلت قطعة عظم صغيرة، متأتية من ضرس، إلى كوبنهاغن لتتسلمها الفرق المتخصصة في علم الوراثة". وأردف: "نحاول منذ عشر سنوات الحصول على حمض نووي في ماندرين، سواء أكان حيوانياً أو بشرياً، ولم ننجح مطلقاً في تحقيق ذلك، إذ بمجرد سحب العظام من الأرض، يتحلل الحمض النووي بسرعة كبيرة".

وبحسب التحليلات الأثرية، "يتراوح عمر هذه الجثة ما بين 40 و45 ألف سنة، لكن بالنسبة إلى علماء الوراثة تعود إلى 105 آلاف سنة، وكان أحد الفريقين مخطئاً حتماً".

زواج الأقارب

استغرق الأمر 7 سنوات من البحث لطرح الموضوع. وأظهرت تحليلات نظائرية أن "ثورين" عاش في مناخ شديد البرودة، يتوافق مع العصر الجليدي الذي لم يشهده سوى إنسان نياندرتال المتأخر.

إلا أن الجينوم الخاص به قديم جداً. وقال عالم الوراثة السكانية والمعد الرئيسي للدراسة مارتن سيكورا من جامعة كوبنهاغن في بيان مصاحب للدراسة: "إنها بقايا من أقدم مجموعات إنسان نياندرتال في أوروبا".

وأضاف: "إن السلالة المؤدية إلى (ثورين) انفصلت عن سلالات إنسان نياندرتال المتأخرة الأخرى منذ قرابة 105 آلاف سنة. ثم قضت هذه السلالة 50 ألف سنة من دون أي تبادل جيني مع إنسان نياندرتال الأوروبي الكلاسيكي"، بما في ذلك مع السكان الذين عاشوا على بعد أسبوعين فقط مشيا، على قول سليماك. وهي عزلة لا يمكن تصورها لدى الإنسان العاقل، وخصوصاً أنّ وادي رون كان آنذاك أحد ممرات الهجرة الرئيسية بين شمال أوروبا والبحر الأبيض المتوسط.

وأوضح سليماك قائلاً: "كان علم الآثار يفيدنا منذ فترة طويلة بأن بشر نياندرتال عاشوا في مناطق صغيرة جداً، على بعد بضع عشرات من الكيلومترات حول موقع معيّن". وعرفنا تالياً أنهم كانوا يعيشون في مجموعات صغيرة، ويعانون من مشاكل مرتبطة بزواج الأقارب.

وتابع: "لدى الإنسان العاقل ثمة دوائر أوسع بشكل غير حدود، ومناطق تغطي عشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة، فضلا عن أن انتشار الأغراض، والأصداف، والتواصل الاجتماعي، وبناء شبكات اجتماعية منظمة جدا تشكل خلفية عالمية لكل مجموعات الإنسان العاقل".

وأضاف سليماك أن هاتين المجموعتين "لا تفهمان العالم قط، ولا تنظمان نفسيهما في العالم بالطريقة نفسها"، معتبراً أنّ هذه العناصر هي "مفتاح رئيسي لفهم" انقراض إنسان نياندرتال.

من جانبها، قالت عالمة الوراثة السكانية في جامعة كوبنهاغن والمشاركة الرئيسية في إعداد الدراسة ثارسيكا فيمالا: "عندما يكون الإنسان معزولاً لفترة طويلة جداً، يصبح التنوع الجيني محدوداً لديه، مما يعني قدرة أقل على التكيف مع التغير المناخي ومسببات الأمراض، كما أنّ ذلك يحدّه اجتماعياً لأنه لا يشارك ولا يتطوّر كمجموعة سكانية".