أدى تراجع الدخل بين مختلف فئات السوريين إلى لجوء عدد غير قليل منهم نحو حرف ومهن تقليدية يحاولون عبرها تأمين لقمة عيشهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها، وفشل نظام الأسد في وقف الانهيار الاقتصادي في المناطق التي يسيطر عليها.
ومع حلول فصل الصيف تعمل العديد من السوريات على صنع "رب البندورة (الطماطم)" الذي يباع كمنتج يدوي الصنع، ويعد أفضل جودة من الذي تنتجه المصانع، كما تفضله العائلات السورية بشكل أكبر.
ورصد موقع "تلفزيون سوريا" العديد من حالات التصنيع في ضواحي دمشق وريفها، حيث تنتشر أرقام هواتف على مجموعات "الواتساب" لبيع رب البندروة ومنتجات أخرى بحسب الموسم، تشمل "دبس الفليفلة، والمكدوس، ومربيات المشمش والكرز والفريز والباذنجان وغيرها".
ويعد "دبس البندورة" أساسياً داخل العديد من المأكولات السورية، وخصوصاً المحاشي بأنواعها وصلصة الفاصولياء والباميا والبازلاء والمعكرونة والبطاطا، وغيرها.
الكلفة زادت 100%
وقالت أم ضياء (48 عاماً) إنها بدأت في مصلحة تصنيع دبس البندورة ومنتجات منزلية أخرى منذ نحو عامين، وأصبح لديها زبائن كثر يرسلون لها بطلبيات بهذا الخصوص.
وأضافت أم ضياء لموقع "تلفزيون سوريا" أن الوضع الاقتصادي الصعب دفعها للعمل بأي شيء يمكن أن يحقق لها دخلاً ولأطفالها، وإن كان في الأمر مشقة.
وأشارت إلى أن ارتفاع أسعار البندورة وانقطاع الكهرباء المستمر لساعات طويلة وغلاء وقود مولدات الكهرباء، رفع من أسعار الكلفة علينا أكثر من 100 في المئة خلال عام واحد فقط.
ولفتت إلى أن كيلو غرام البندورة بالجملة نحو 3200 ليرة سورية، حيث تصل سحارة عشرين كيلو غرام إلى أكثر من 60 ألف ليرة.
وتحتاج العائلة السورية المكونة من 4 أشخاص بين 10 كيلو غرام إلى 15 كيلو غراما بالمتوسط من دبس البندورة سنوياً، لأنها تستخدم في معظم الأكلات السورية، بحسب أم ضياء.
ويفضل السوريون المنتجات المنزلية عن المصنوعة في المعامل والمصانع، باعتبارها أجود وخالية من المواد الكيميائية كالمواد الحافظة والملونات.
ويصل كيلو غرام دبس البندورة الصناعي إلى 1800 ألف ليرة سورية، بينما يصل المصنع يدوياً بين 22 ألف ليرة و25 ألف ليرة، بحسب الجودة، وفق أم ضياء.
وتحتاج أم ضياء إلى ما يصل لـ 300 كيلوغرام من البندورة حتى تنتج 10 كيلو غرامات من دبس البندورة الناشفة الممتازة، يقل أحياناً أو يزيد بحسب نوعية البندورة وجودتها.
"مية فرنجي"
من جانبها، قالت فاطمة الحلبي، (39 عاماً) التي تقيم في منطقة صحنايا بريف دمشق، رب البندورة أو دبس البندورة معروف في مدينتي حلب باسم "مية فرنجي" منذ عقود طويلة وهي دارجة على لسان الناس حتى اليوم هكذا.
وأردفت الحلبي في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، أنها تساعد زوجها بصناعة "رب البندورة" أو "مية الفرنجي" الذي يعمل مدرساً في تأمين دخل أفضل للعائلة في ظل الغلاء الفاحش الذي تشهده مناطق سيطرة النظام السوري.
وأشارت إلى أن الغلاء الفاحش في كل شيء دفع مصانع "الكونسرة" إلى صناعة مسحوق "رب البندورة" والذي تلجأ له العائلات الفقرة، حيث يبلغ سعر الكيلو غرام الواحد من مسحوق البندورة نحو ألفين ليرة سورية يعني أرخص من كيلو البندورة البلدي.
وشددت الحلبي على أنها لا تنصح أبداً باستخدام هذا المسحوق لأنها مواد كيميائية كلها ملونات وبهارات وملح وزيوت ولا يوجد به أي فائدة صحية.
وعن سبب تسمية "مية فرنجي" لرب البندورة في حلب قالت: إن ذويها كبار السن كانوا يقولون إن "زراعة البندورة تأخرت في حلب، ويقال إنه تم إدخالها إلى المدينة قبل قرن ونصف تقريباً عبر القنصل البريطاني، وكان يقال عن كل شيء أجنبي إفرنجي".
وأضافت أنه بعد أن انتشرت صناعة عصير البندورة عمل الحلبيون على سندويشة مشهورة اسمها "مية فرنجي" إذ يضعون رب البندورة على رغيف خبز ويضاف إليه زيت زيتون ونعناع وأحياناً يضاف إليها زعتر.
كيف يصنع "رب البندورة"؟
ولا يوجد فرق في صناعة رب البندورة يدوياً بين مدينة وأخرى، حيث تتفق أم ضياء وفاطمة الحلبي على طريقة الصناعة التقليدية التي تبدأ من شهر تموز إلى أواخر شهر أيلول، حيث درجة الحرارة مرتفعة والشمس ساطعة.
تغسل حبات البندورة بشكل جيد ثم تقطع وتبدأ مرحلة العصر في الماكينة أو يدوياً باليد في حال كانت الكهرباء مقطوعة، ثم يصفى العصير من قطع البندورة والبذور والقشر، ويضاف للعصير الملح وبعض الليمون والزيت ثم ينشر على الأسطح في أواني تحت أشعة الشمس حتى ينشف لعدة أيام.
الجدير بالذكر أن مناطق سيطرة النظام السوري تشهد أزمات اقتصادية متعددة من ناحية غلاء الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، وانخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار، وغياب العديد من السلع الأساسية إلا في الأسواق السوداء بأسعار مضاعفة مثل وقود السيارات والطحين.