تظاهر الآلاف في مدن وبلدات شمال غربي سوريا، اليوم الجمعة، تحت عنوان "نموت ولا نصالح الأسد"، تنديداً بالتطبيع العربي مع النظام السوري، مؤكدين أن "التطبيع مع هذا النظام المجرم جريمة لا تُغتفر".
وخرجت مظاهرات في مدينة اعزاز وتل أبيض ومارع بريف حلب، تطالب بإسقاط النظام السوري، وترفض التطبيع معه.
وتطرق سياسيون وحقوقيون إلى خطورة النظام السوري الحليف لإيران على الدول والشعوب العربية، والآثار الكارثية على المدى البعيد التي قد تنتج عن إعادة تأهيله والتطبيع معه أو التفكير في إعادته إلى جامعة الدول العربية.
لنا وقفة معكم أمام الله
قال أحد منظمي المظاهرة في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، السياسي السوري، عبد المنعم زين الدين، مخاطباً الدول والحكومات والشعوب "نحن الشعب السوري خرجنا بثورتنا دون إذنٍ منكم، ولن يضرنا تخاذلكم، لقد قدمنا لكم كل محبة وودّ، ولا نتمنى لكم إلا الخير، فلا تضعوا يدكم بيد بشار الأسد الكيماوي، الذي لم يقدم لكم إلا الإجرام، ولم يصدّر لكم إلا الكبتاغون".
وأضاف زين الدين في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا" إن "الشعب السوري لم يوجه أي إساءة للدول والحكومات، بالمقابل على هذه الأنظمة ألا تسيء للسوريين وبلدنا، وأكبر إساءة لسوريا وشعبها أن تقولون عن بشار المجرم إنه رئيسها، أكبر إساءة عندما تقولون عن الثورة السورية إنها إرهاب وحرب أهلية، كما أن أكبر إساءة لسوريا أن يمثلها مجرم قاتل في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة".
وواصل زين الدين رسالته للدول العربية الراغبة بالتطبيع مع النظام قائلاً "تجمعنا معكم العروبة والإسلام والإنسانية، عار عليكم أن تصالحوا السفاح وإخواننا المعتقلون ما زالوا في سجونه، لا تنسفوا مواقفكم المشرفة تجاه الثورة السورية بالتطبيع مع مجرم لن يقدم لكم إلا الشر".
وأشار إلى أن النظام السوري "تحالف مع الحوثيين في اليمن والميليشيات الإيرانية لقصف الدول العربية، وتحالف مع حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني لسحق الشعوب العربية".
ووجه السياسي الشكر للدول التي ما زالت ثابتة على موقفها في رفض التطبيع مع النظام السوري، مؤكداً أن "الثوار السوريين ثابتون على ثورتهم، يرفضون بيع تضحيات الشهداء، أو نسيان عذابات المهجرين والمعتقلين".
وختم زين الدين رسالته بالقول "إلى كل الدول والحكومات والشعوب، لنا وقفة معكم أمام الله تعالى يوم القيامة، لنا وقفة معكم أمام تاريخكم وأحفادكم، الثورة ستنتصر والشرف كل الشرف لمن سيُسَجَل اسمه في قائمة المتضامنين معها".
"الأسد" خطر كبير على الدول العربية
بدوره قال المحامي مازن جمعة، في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، إن "بعض الأنظمة الوظيفية في الدول العربية تخشى على نفسها من الثورات، لذلك لجأت إلى دعم بشار الأسد ونظامه".
واعتبر جمعة أن "مساريّ أستانا وسوتشي هما من فتحا شهية الدول للتطبيع مع النظام السوري"، مضيفاً أن "الحل يتمثل بانسحاب القيادة السياسية ممثلة بالائتلاف من كافة المسارات السياسية المشينة، وأن ترتقي القيادة العسكرية وتخلط الأوراق".
وشدد على أن "نظام الأسد خطر كبير على الدول العربية، فهو حليف لإيران، ومنبع أساسي للمخدرات والكبتاغون"، مضيفاً أن "إيران موجودة في سوريا كالسرطان، ولا تنطلي حيلة الادعاء بإخراجها من البلاد بواسطة التطبيع، على الشعب السوري".
"خيانة للعروبة والإسلام والإنسانية"
وأفاد الرئيس السابق للحكومة السورية المؤقتة، الدكتور جواد أبو حطب، بأن "الشعب السوري نزل إلى الساحات اليوم، للتعبير عن غضبه ورفضه لمحاولة بعض الدول العربية إعادة تأهيل النظام التطبيع معه، متناسية جرائمه بحق الشعب السوري على مدار أكثر من 12 عاماً".
وذكر أبو حطب في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، أن "هذه الدول تحاول إعادة الشرعية للنظام، بالرغم من أنه هجّر نصف الشعب السوري، وقتل نحو مليون شخص، وأخفى مثل هذا العدد في سجونه، فضلاً عن استخدامه الأسلحة الكيميائية وأسلحة الدمار الشامل"، واصفاً التطبيع مع النظام بأنه "خيانة للعروبة والإسلام والإنسانية".
من جهته قال أحد وجهاء مدينة اعزاز، المختار محمد العريض، إن "المظاهرة تهدف لإيصال رسالة غضب واستنكار إلى جميع دول العالم، وعلى رأسها السعودية التي هرولت مؤخراً للتطبيع مع نظام الأسد"، مستائلاً "ما سبب هرولتكم تجاه نظام تحالف مع إيران ضدكم؟ ما سبب تقديم الدعم لمن أغرقكم بالكبتاغون؟".
تقارب سعودي مع النظام
وكان وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، قد وصل يوم الأربعاء الماضي، إلى مدينة جدة السعودية تلبية لدعوة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، وذلك في أول زيارة لمسؤول رفيع من النظام إلى المملكة منذ العام 2011.
وجاءت زيارة المقداد أيضاً قبيل اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد، اليوم الجمعة في جدة، للتباحث بشأن عودة النظام للجامعة العربية.
وفي بيان صحفي مشترك في ختام الزيارة، أكدت المملكة العربية السعودية والنظام السوري على تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات، وضرورة دعم النظام لإنهاء وجود "الميليشيات المسلحة، ووقف التدخلات الخارجية في الشأن السوري".
واتفق الجانبان على "أهمية حل الصعوبات الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية".
المعارضة السياسية والعسكرية تعلّق
ودعا "الائتلاف الوطني السوري"، المملكة العربية السعودية لمراجعة موقفها من النظام السوري، معتبراً أن هذا التقارب "سيُعقد العملية السياسية".
وقال الائتلاف، في بيان، إن "نظام الأسد لم ينخرط جدياً في أي عملية سياسية متعلقة بالملف السوري، وإنما عمد إلى المماطلة والعرقلة في كل خطوة باتجاه تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بسوريا وعلى رأسها القرار 2254؛ بهدف الوصول إلى لحظة الشرعنة وإعادة التعويم".
وأضاف البيان أن التقارب مع النظام السوري "ليس خياراً للحل في سوريا، لأن أي تعزيز لسلطة مجرم الحرب في سوريا سيؤدي إلى ارتكابه مزيداً من المجازر والجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين الذين ما يزالون يتمسكون بثورتهم ومطالبهم المحقة في إسقاط النظام ومحاكمته وبناء سوريا الحرة".
وأشار إلى أن الوصول إلى حل للمشكلات الإنسانية والسياسية في سوريا "يبدأ بمحاسبة نظام الأسد، إذ إنه هو الراعي للميليشيات الأجنبية والطائفية التي استقدمها لقتل الشعب السوري، وهو المسؤول عن تصنيع وتصدير المخدرات إلى العالم، كما أن عودة اللاجئين منوطة برحيل نظام الأسد بشكل أساسي ولا يمكن عودة أي لاجئ إلى مناطق سيطرة نظام الأسد التي ما تزال تغص “مسالخها البشرية” بالأبرياء بسبب مطالبتهم بالحرية".
من جهته، قال رئيس هيئة التفاوض السورية، بدر جاموس، إن "التطبيع مع النظام السوري لإعادته إلى الجامعة العربية دون الالتزام بالحل السياسي، وعدم تطبيق القرارات الأممية، وعلى رأسها بيان جنيف والقرار 2254، واستئناف عملية سياسية جدية وفق آلية زمنية محددة، سيعطي ضوءاً أخضر للنظام للتهرب من الاستحقاقات المطلوبة منه".
وطالبت هيئة التفاوض السورية الدول العربية بـ"مزيد من الضغط والعمل على مشاورات حقيقية وطنية للحفاظ على سوريا، وتمكين الشعب السوري من حياة آمنة كريمة ومستقرة"، مشددة على أن "التطبيع المجاني ضد مصلحة السوريين، ولن يحقق الاستقرار، وسيزيد من هجرة السوريين بسبب فقدان الأمل بالتغير السلمي".
أما "الجيش الوطني السوري"، فقد دعا الدول العربية للامتناع عن تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد، محذراً من "خطر هذه الخطوات التي تنطوي على عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها".
ولفت "الجيش الوطني"، في بيان له، أول أمس الخميس، إلى أنه يرفض ويدين أي خطوات تطبيع مع النظام السوري، ويعتبر أن أي خطوة لإعادة تدوير وإحياء النظام من شأنها أن تشجعه على الاستمرار بسياسة القتل والاعتقال والتهجير بحق أبناء الشعب السوري.