عاد ملف الكهرباء إلى الواجهة في ريف حلب الشمالي والشرقي، ومنطقة "نبع السلام" شرق الفرات، بعد توارد أنباء يوم أمس، عن عزم شركة "AK ENERGY" للطاقة الكهربائية، على رفع سعر الكيلو واط المنزلي والتجاري.
وأثارت هذه الأنباء غضب السكان في المنطقة، بالتزامن مع غياب التوضيحات بهذا الخصوص من قِبل الشركة، وتفاقم الخلافات بين الشركة، والمجالس المحلية، لا سيما مجلس مدينة اعزاز، الذي رفع 7 دعاوى ضد الشركة في القضاء حتى الآن بسبب مخالفتها لبنود العقد بين الجانبين.
كتاب من الشركة للمجالس المحلية
وجهت شركة "AK ENERGY" كتاباً يوم أمس للمجالس المحلية في مدن اعزاز والباب والراعي وجرابلس وبزاعة وقباسين وتل أبيض ورأس العين، تؤكد فيه عزمها رفع أسعار الكهرباء، بحجة انتهاء العقد بينها وبين شركة أخرى في تركيا كانت تستورد منها الطاقة بأسعار مناسبة.
وجاء في كتاب الشركة: "بدأت شركتنا شراء الكهرباء من شركة آيفاش بتاريخ 3 من آب من العام الماضي، وتمكنا من خفض أسعار الكهرباء، ولكن تم انتهاء العقد بين الشركتين بتاريخ 3 من آب الحالي، وبدأت شركتنا بشراء الكهرباء من شركة إبياش اعتبارا من الرابع من الشهر الحالي، ولذلك لا يمكننا بيع الكهرباء التي سيتم أخذها من هذه الشركة بالأسعار الحالية".
وأضافت: "لهذا السبب وليكن مشتركينا على بينة من الأسعار الجديدة اعتباراً من تاريخ 9 من آب الجاري، سيتم بيع الكهرباء بالسعر الجديد، وهو (الاشتراك المنزلي 4.5 ليرات تركية على الكيلو الواط الساعي) و(الاشتراك التجاري والصناعي 5.5 ليرات تركية على الكيلو الواط الساعي)، مشيرة إلى أنه سيتم إعادة تنظيم الأسعار، عند التوصل إلى اتفاق جديد مع شركة آيفاش.
أهالي اعزاز يحذرون الشركة
حذّر أهالي مدينة اعزاز، شركة "AK ENERGY" من رفع سعر التيار الكهربائي، قائلين في بيان لهم إن "شركة الكهرباء كما أقرانها في المنطقة باتت تتحكم في أموال الناس منذ توقيع العقد معها قبل سنوات، ولم تعد تأخذ في اعتبارها حاجة الناس، أو تحترم العقود الموقعة معها".
وأشار البيان إلى أن "الشركة لم تعد تفهم إلا بالتعامل وفق ما يقتضيه غضب الشارع، لذا ووفق هذا الاعتبار فإنّ غضب الشارع الذي تستهين به لن يكون أقلّ حدّة من سابقه، بل سيتم اتخاذ جميع الخطوات التي من شأنها أن تضع حداً لهذا الاستهتار"، حسب البيان.
إيميل مرفوض و7 دعاوى في المحاكم
أكد المجلس المحلي في مدينة اعزاز، أن الشركة أرسلت له يوم أمس كتاباً عبر الإيميل، توضح فيه نيتها رفع الأسعار، إلا أن المجلس ردّ في اليوم نفسه، برفض المقترح مع التهديد بالمساءلة القانونية وفسخ العقد مع الشركة.
وقال مدير المكتب الإعلامي في مجلس اعزاز، عبد الله حاج عثمان، إن التبريرات التي أوردتها الشركة لرفع الأسعار غير منطقية، مضيفاً أن المجلس رفع حتى الآن 7 دعاوى ضد الشركة في القضاء، آخرها في 13 من تموز الماضي، بسبب مخالفتها لشروط العقد.
وذكر حاج عثمان في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن ولاية كلس حاولت الضغط على الشركة، من خلال منع مديرها من دخول الأراضي السورية، مشيراً إلى أن المجلس يبحث حالياً عن شركة بديلة لتغذية المدينة بالكهرباء.
وأبدى المجلس المحلي جاهزيته لتوقيع عقد جديد مع أي شركة أو جهة ترى نفسها قادرة على تغذية المدينة وريفها بالتيار بأسعار مناسبة، وفسخ العقد مع الشركة الحالية بشكل مباشر.
واتهم حاج عثمان الشركة بـ "الكذب"، إذ قال إن "AK ENERGY" زعمت أن ولاية كلس رفضت طلباً لها بإدخال محولة كهرباء جديدة إلى المنطقة لتعويض النقص الحاصل، بينما نفت الولاية ذلك خلال لقاء مع المجلس، ما يعني أن الشركة "تلعب على الحبلين" وفق وصف المتحدث.
وختم حاج عثمان بالقول: "هناك دعاوى ضد الشركة قد تؤدي إلى فسخ العقد، والمجلس يسعى لتأمين البديل، ونحن مع أي قرار يتخذه الأهالي بهذا الخصوص، كما ندعوهم لإثبات موقفهم ومساندة المجلس للتوصل إلى حلول تناسب الجميع".
خياران على الطاولة
رفضت الشركة التعليق رسمياً على حديث المجلس المحلي، كما أنها امتنعت عن التصريح بشأن رؤيتها القادمة بملف الكهرباء، وصحة الأنباء التي تشير إلى عزمها رفع سعر التيار في المناطق التي تغذيها شمالي سوريا.
وحصل موقع تلفزيون سوريا على تفاصيل حصرية بهذا الخصوص، تفيد بأن اجتماعاً عُقد اليوم في العاصمة التركية أنقرة، بين وزارة الطاقة التركية، ومسؤولين في شركة "AK ENERGY" لبحث مستجدات واقع الكهرباء شمالي سوريا.
ويقول مسؤول في الشركة - فضل عدم ذكر اسمه - في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: "انتهى دعم الكهرباء منذ 20 يوماً (وهو دعم مقدم من الحكومة التركية على غرار دعم بعض الشركات الخاصة بتركيا)، وبعد انتهاء العقد مع الشركة القديمة، والتوقيع مع شركة أخرى، نضطر لشراء الكهرباء بسعر مرتفع والبيع بخسارة خلال هذه المدة".
بدوره قال المجلس المحلي في اعزاز، إن الحكومة التركية وافقت منذ أشهر على دعم سعر الكهرباء في شمالي سوريا، كما هو الحال بالنسبة لبعض الشركات في تركيا، مشيراً إلى أنه لا يتحمل مسؤولة رفع الدعم أو تبعات القرار.
وأكد المسؤول أن اجتماع أنقرة سينتج عنه أحد الخيارين الآتيين، إما رفع سعر الكهرباء والإعلان عن ذلك رسمياً وتحمّل الشركة لتبعات القرار ونتائجه مهما كانت سلبية، أو التوصل لاتفاق على اسمرار دعم الكهرباء، بالتالي بقاء السعر على ما هو عليه"، مشيراً إلى أن القرار النهائي ستتضح معالمه قريباً.
واقع الكهرباء بريف حلب
كانت مناطق سيطرة الجيش الوطني بريف حلب تعتمد بشكل أساسي على "مولدات الأمبير" التي يقتصر عملها على نحو 8 ساعات خلال اليوم، وبقدرة محدودة، ومع التطور في البنية التحتية وتطور التجارة والصناعة، وزيادة عدد السكان نتيجة عمليات التهجير القسري، حاولت المجالس المحلية استجرار الكهرباء من تركيا، بما يضمن الجودة وتوصيل التيار على مدار الساعة.
وبدأت الفكرة تُطبّق بشكل فعلي في مدينة اعزاز في شهر نيسان عام 2018، حيث وقع المجلس المحلي عقداً مع شركة "AK Energy" لتوريد الطاقة، لمدة 10 سنوات، ثم انتقلت التجربة لمدن أخرى مثل الباب وجرابلس.
وأبرمت الشركة عقوداً مع مجالس اعزاز والباب وجرابلس والراعي، ورأس العين وتل أبيض، وتُلزم هذه العقود الشركة بتوصيل الطاقة الكهربائية للمستهلك على مدار 24 ساعة باليوم، دون أي عائق أو انقطاع، على أن تحصل الشركة على رسوم لمرة واحدة على كل عداد كهربائي.
ولاحقاً بدأت شركة أخرى بتوقع العقود مع المجالس المحلية لتوريد الطاقة، وهي "الشركة السورية التركية للكهرباء" (STE enerji)، وتركز عملها في مدن عفرين ومارع وصوران وأخترين، وأريافها، وذلك بطريقة مشابهة، عبر توقيع عقود مع المجالس المحلية لهذه المناطق.
شركة "AK ENERGY"
بدأت شركة "AK Energy" أعمالها في 1 من حزيران 2017 طبقاً لقانون تنظيم وتخصيص قطاع الكهرباء، ووفقاً لترخيص رقم 9123455 الممنوح من غرفة الصناعة والتجارة في ولاية غازي عنتاب التركية، حسبما ذكرت الشركة على موقعها الرسمي.
وتتفاخر "AK Energy" عبر موقعها، أنها "الشركة الأولى في المنطقة التي تميزت بامتلاك جميع الرخص للقيام بتوليد الطاقة الكهربائية والنقل والتوزيع والتزويد إلى المشتركين في مناطق الشمال السوري وذلك وفقاً للترخيص الممنوح لها من قبل الحكومة التركية والمجالس المحلية".