تحدث خبير سياسي إسرائيلي عن تداعيات الأزمة السياسية الأخيرة بين موسكو وتل أبيب، وقلق الأخيرة من أن تؤثر على عدة ملفات تديرها مع الروس أبرزها استمرار حرية التحرك العسكري الإسرائيلي في الأجواء السورية.
وقال يوناثان فريمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، خلال مقابلة مع وكالة "الأناضول" التركية، هناك ثلاثة ملفات مهمة قد تطولها الأزمة بين موسكو وتل أبيب، إثر طلب وزارة العدل الروسية حظر أنشطة "الوكالة اليهودية".
وتشمل الملفات عرقلة هجرة اليهود الروس إلى إسرائيل، وحرية عمل الجيش الإسرائيلي في سوريا، وتأثير موسكو على مفاوضات الملف النووي الإيراني.
وكانت وزارة العدل الروسية طالبت مرتين على التوالي خلال الشهر الجاري بإيقاف أنشطة "الوكالة اليهودية"، المسؤولة عن تنظيم هجرة اليهود إلى إسرائيل، بذريعة أن أنشطتها مخالفة للقانون.
وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الأحد الماضي، من أن إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية سيكون حدثا خطيرا وسيؤثر على العلاقات بين البلدين.
التنسيق الروسي الإسرائيلي على المحك
وأضاف الخبير الإسرائيلي، أن أحد مخاوفنا من الأزمة الحالية هو فقدان القدرة الكافية للعمل في سوريا.
وبحسب فريمان، فإن إسرائيل تلحظ بشكل أكبر أنه بات من الصعب العمل في سوريا وربما تكون روسيا قد غيرت سياستها.
وترتبط روسيا وإسرائيل بتنسيق أمني في الساحة السورية، في أعقاب التدخل الروسي في خريف 2015، ضمن اتفاقية تعرف بـ "آلية منع التصادم"، يتيح لإسرائيل حرية النشاط العسكري في سوريا.
وشنت إسرائيل في الأشهر الأخيرة مئات الهجمات الجوية والصاروخية داخل سورياـ تقول تل أبيب إنها لاستهداف الوجود الإيراني ومنع اقتراب "الحرس الثوري" إلى حدودها.
وفي سياق متصل، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، الثلاثاء الماضي، بأن الروس أطلقوا صواريخ من منظومة الدفاع الجوي " S-300" تجاه الطائرات الإسرائيلية في أعقاب الغارة على منطقة مصياف في أيار/مايو الماضي.
ووصف غانتس هذه الحادثة بأنها تحدث "لأول مرة"، الأمر الذي تخشاه تل أبيب بأن يكون تغييراً في سياسة التنسيق الروسي معها في سوريا.
أزمة الوكالة اليهودية
وعن التأثيرات الأخرى لأزمة الوكالة اليهودية، قال يوناثان فريمان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، إذا تم تقويض عمل الوكالة، فإن ذلك سيؤثر على قدرة مئات آلاف الأشخاص الذين يريدون الهجرة من روسيا إلى إسرائيل.
كما تخشى تل أبيب أن تغير موسكو موقفها فيما يتعلق بمفاوضات الملف النووي الإيراني، بما لا يتوافق مع المصالح الإسرائيلية.
ويشار إلى أن التقديرات الإسرائيلية ترى أن أزمة الوكالة ذات بعد "سياسي" وليس "قانونياً"، يتعلق بالموقف من الحرب الروسية في أوكرانيا.
ويرى الخبير السياسي الإسرائيلي، بأنه لم يكن من المصادفة أن تتصاعد أزمة الوكالة وتأخذ شكلاً أكثر حدّية بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل قبل أسبوعين.
ومن الأسباب التي دفعت موسكو للتهديد بإغلاق مكاتب "الوكالة اليهودية"، بحسب فريمان، يتعلق بوجود عدة مئات من المواطنين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، قدِموا للمشاركة في الحرب بأوكرانيا ضد روسيا.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 شباط/فبراير الماضي، التزمت إسرائيل الحياد حفاظاً على علاقاتها مع روسيا في الساحة السورية.
في الأشهر الأخيرة طرأ بعض التغيير في إسرائيل تجاه الحرب الأوكرانية، عبر زيادة الدعم وتقديم المعدات العسكرية، غير الفتاكة، للأوكرانيين.
كما خلقت الحرب في أوكرانيا حالة من الاستقطاب والفرز العالمي، غير المسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة، انحازت فيه إسرائيل إلى معسكر الغرب وفقاً للتقديرات الروسية.
وفي هذا السياق، شهدت منطقة الشرق الأوسط عقد قمتين لمعسكرين متناقضين، قمة جدة بقيادة بايدن هدفها دمج إسرائيل إقليمياً، في المقابل رد بوتين بعقد قمة ثلاثية في طهران مع نظيريه الإيراني والتركي.