شارك رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري خالد حبوباتي، الثلاثاء، في المؤتمر المتوسطي الرابع عشر لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر المنعقد في العاصمة المصرية القاهرة، بعد أسبوع من مشاركته في أعمال الدورة الـ47 للهيئة العامة للمنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر في العاصمة القطرية الدوحة.
وطالب حبوباتي في المؤتمر بـ "مساعدة الشعب السوري ليكون قادراً على التعافي"، مشيراً إلى أن البلاد "تعرضت لكارثة الزلزال ولكي تستطيع إعادة تأهيل البنى التحتية يجب رفع العقوبات الاقتصادية عنها لأنها تعيق ذلك"، متجاهلاً بذلك قصف النظام السوري للمدن السورية وتهجير السكان المسبب الرئيسي للأزمات الإنسانية في سوريا. وأن العقوبات فرضت على النظام السوري.
وأشار حبوباتي في تصريحات نقلتها وكالة أنباء النظام سانا إلى أن نقص التمويل أجبر المنظمة على استبعاد 1.5 مليون شخص من دائرة المساعدة، مطالباً بتكثيف المساعدات للسوريين وعدم الاكتفاء بالسلات والمساعدات الغذائية.
الهلال الأحمر السوري واجهة لجلب الأموال
وعلى مدى عقود ستة، شكّلت منظمة الهلال الأحمر السوري واجهة إنسانية جالبة للأموال المجانية من الجهات المانحة، وغطاءً للاستيراد المشبوه بعيداً عن أنظمة العقوبات، فضلاً عن كونها ممراً للوصول إلى لوبيات العلاقات العامة في الغرب، في حين انحازت خلال السنوات الأخيرة في عملها الإغاثي والإنساني إلى جانب الحرب ضد السوريين، وارتبط نشاطها بشكل وثيق مع الأجهزة الأمنية، وشاركتها في حصار المناطق المعارضة وحرمانها من المساعدات الأممية والدولية.
وكشفت منظمات إنسانية وحقوقية في العديد من التقارير عن تورط الهلال الأحمر السوري في سرقة المساعدات التي وصلت إلى متضرري الزلزال المدمر، حيث تتحكم أجهزة المخابرات وشبكات الفساد و"رجال الأعمال" بعملية شراء مواد المساعدات ومستلزمات المشاريع، كما يتحكمون في آليات التوزيع من دون معايير إنسانية.
يعود تأسيس "الهلال الأحمر العربي السوري" إلى العام 1942، بموجب مرسوم جمهوري، وتم تسجيلها في العام 1943 في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كجمعية ذات نفع عام من دون أن تحمل صفة رسمية، حيث كانت منظمة "الصليب الأحمر" التي أنشأتها فرنسا تقوم بمهامها في سوريا، وتم الاعتراف بالهلال الأحمر بعد الاستقلال بشكل رسمي، وانضمت، بعد إعلان امتثالها للمبادئ السبعة، إلى تحالف الصليب الأحمر والهلال الأحمر في العام 1965.
بعد استيلاء "البعث" على السلطة، وفي العام 1966، صدر مرسوم جمهوري أعاد تأسيس الهلال الأحمر ونظم عملها بتبعية مباشرة لنظام الحكم تحت سلطة الحزب، وأنشأت المنظمة مرافق صحية تستجيب للخدمات الصحية والإغاثية المجانية، وأعلنت مهمتها بتلبية نداء الطوارئ والكوارث على المستوى الوطني، وعرفت نفسها بأنها "منظمة إنسانية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وذات شخصية اعتبارية".
ويتبع للمنظمة 14 فرعاً رئيسياً و 75 شعبة تتوزع في المحافظات السورية، ولها نظام داخلي ونظام أساسي ينظم عملها، بما في ذلك انتخاب وتشكيل مجالس الإدارة في الفروع ومجلس الإدارة العام والمكتب التنفيذي والرئيس، ويبلغ عدد المتطوعين في المنظمة في جميع المحافظات أكثر من 12 ألف متطوع، وفق ما ذكرت دراسة أعدها مركز "جسور للدراسات".
وعلى الرغم من المهمة الإنسانية وشعارات احترام حقوق الإنسان التي تنادي بها، فإن المنظمة لم تستطع الخروج عن عباءة المؤسسات الحكومية في سوريا، التي أقل ما توصف به المحسوبية والترهل الإداري، فضلاً عن الفساد والارتهان لتدخلات الأجهزة الأمنية والضباط والمسؤولين النافذين.
كما فشلت مبادئ المنظمة الإنسانية ونظامها الداخلي في سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها، حيث بقي رئيسها السابق، عبد الرحمن العطار، نحو 35 عاماً في منصبه، وعُين رئيسها الحالي، خالد حبوباتي، بموجب قرار صادر من رئيس حكومة النظام السوري، في حين عُطّلت انتخابات مجالس الفروع، وجرى تعيينهم على أساس الولاء للنظام ورضا الأجهزة الأمنية.
وعبر رئيسيها، السابق والحالي، استغل النظام السوري الهلال الأحمر كآلية للسيطرة على الجهود الإنسانية في سوريا، حيث كان يُشترط على جميع المنظمات غير الحكومية التي تسعى للعمل في سوريا توقيع مذكرة تفاهم مع الهلال الأحمر، والحصول على موافقتها على الأنشطة والفعاليات، وفق تقرير أصدره "المركز السوري للعدالة والمساءلة".