icon
التغطية الحية

حفاظاً على حقهن في الأمومة.. نساء سوريات يفكرن بتجميد البويضات

2024.06.22 | 06:24 دمشق

آخر تحديث: 22.06.2024 | 06:24 دمشق

Oocyte cryopreservation
ارتفعت مؤخراً نسبة الفتيات السوريات اللواتي لجأن إلى عملية تجميد البويضات ـ إنترنت
دمشق ـ نور عيسى
+A
حجم الخط
-A

ارتفعت مؤخراً نسبة الفتيات اللواتي لجأن إلى عملية تجميد البويضات، فمن بين كل تسع سيدات لجأت واحدة إلى ذلك الإجراء الطبي وفقاً لما ذكره أحد أطباء النسائية لموقع تلفزيون سوريا. حيث سبب الواقع الاقتصادي والأمني المتردي عزوف نسبة كبيرة من الشباب عن الزواج بسبب الهجرة وسنوات الخدمة الإجبارية في جيش النظام، إضافة إلى موت أعداد كبيرة منهم، ما رفع من نسب الفتيات العازبات في مناطق النظام، والتي وصلت وفقاً لتقارير رسمية أصدرتها وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة النظام إلى أكثر من ثلاثة ملايين فتاة عازبة، والعدد بازدياد ما دفع بعددٍ كبير من الفتيات إلى اللجوء إلى تجميد البويضات خوفاً من حرمانهن من الأمومة.

ما آلية التجميد؟

ر. ع طبيبة (49عاماً) تعمل في مركز إخصاب في دمشق، أكدت في حديثها لموقع تلفزيون سوريا أن هذا الإجراء هو إجراءٌ طبي محض حيث يعود إجراء أول عملية تجميد للبويضات في سوريا لعام 2009 مشددة بأن كل الأحاديث غير الدقيقة عن تأثير هذا الإجراء على عذرية الفتيات تعدو كلاماً لا أساس له من الصحة، فالإجراء آمن، يتم بناءً على استخراج بويضات بتقنية الشفط بالموجات فوق الصوتية عبر المهبل، خلال 20 دقيقة حيث تكون الفتاة تحت تأثير التخدير طبعاً، مشيرةً إلى ارتفاع فرص نجاح هذا الإجراء الطبي لمن لم تتجاوزن 35 سنة، مضيفةً أن إجراء عملية تجميد البويضات يشمل أيضاً السيدات ممن تعرضن لمعالجة شعاعية وكيماوية، واللواتي تعرضت الأنسجة المبيضية لديهن للضعف أو التلف، ما يدفع بهن وتحديداً العازبات  إلى اللجوء إلى تلك العملية، كي لا يخسرن فرصهن في الإنجاب، مستذكرةً حادثة لفتاة صغيرة لم تتجاوز 13 من عمرها تعرضت لورم في سن مبكرة، الأمر الذي دفع بوالديها لاتخاذ قرار تجميد بويضاتها، بعد أن أخبرهما طبيبها بأن العلاج الكيماوي الذي تلقته قد يكون عائقاً للإنجاب في المستقبل، وبالتالي ما تحتاجه هو رعاية الخصوبة عن طريق تجميد الأنسجة المبيضية، ليوافق الوالدان مباشرةً حفاظاً على حق ابنتهما في أن تكون أماً مستقبلاً.

تكاليف باهظة تصل لأكثر من 20 مليون ليرة

بكلفةٍ تصل لأكثر من 20 مليون ليرة سورية! أي ما يعادل 1400 دولار متضمنة إبر التحريض وعملية السحب والتجميد، تختلف تبعاً لعدد البيوض التي يتم سحبها والتي إذا ما وصلت لثلاث بيوض في أمبولة واحدة ارتفعت معها الكلفة، لنحو 3 ملايين إضافية، أي ما يعادل مئتي دولار على الأمبولة الواحدة، وفقاً لما بينه أحد أطباء الإخصاب لموقع تلفزيون سوريا، والذي أكد أن تحديد سعر ورقم ثابت أمر صعب بسبب تغير سعر الصرف وضعف الليرة، مبيناً بأن السعر يختلف بحسب عدد البيوض التي تعيش من 5 إلى 10 سنوات، مؤكداً على إنجاب عدد من السيدات بعد 8 أو 9 سنوات من تجميد البيوض، لافتاً بأن الرسوم السنوية لحفظ البيوض وصلت اليوم لأكثر من 600 ألف ليرة سنوياً أي ما يعادل 35 دولارا، لتُشكِّل تلك المبالغ الكبيرة عائقاً إضافياً أمام تحقيق الأمومة على حد تعبير عفاف التي بينت في حديثها لموقع تلفزيون سوريا: "على ما يبدو بأن أبسط حقوق الإنسان باتت رفاهيةً لمن استطاع إليها سبيلا!"، وهي الموظفة في إحدى الوزارات، والتي وصلت لعمرٍ بات فيه إنجاب طفل بالنسبة لمن في عمرها ضربٌ من الخيال بعد أن بلغت 45 عاماً قائلةً: "حاولت منذ عشر سنوات أن أجمد بويضاتي إلا أن كلفة العملية التي وصلت حينها لأكثر من 3 ملايين ليرة هذا إضافة إلى المبلغ السنوي الذي يتوجب على الفتاة دفعه بشكلٍّ دوري، مقابل حفظ بويضاتها في المركز والذي وصل وقتها لنحو 10آلاف ليرة"، وتتابع "المبلغ فوق طاقتي الأمر الذي أجبرني على صرف النظر عن إجراء العملية، فالعملية باتت حكراً على من تمتلك المال، وها أنا اليوم أفقد فرص الإنجاب بشكلٍ نهائيٍّ"، مضيفةً "حتى لو تزوجت اليوم من يضمن لي أن أنجب؟ وفي حال أنجبت كيف سيكون الوضع الصحي لطفلي خاصة وجميعنا يعلم العواقب والنتائج الوخيمة لإنجاب طفل في هذا العمر سواء على صحة الأم أو الطفل".

أما سمر مُدرسة الكيمياء والتي تبلغ من العمر 37 عاما تقول "تمت خطبتي على شاب انتظرته طويلاً حيث حالت ظروفه بأن نتزوج لتستمر خطبتنا نحو سبع سنوات وصلنا فيها مراراً وتكراراً للانفصال.. قررنا في نهاية المطاف بأن نتزوج على أن يبقى كلٌّ منَّا في بيت أهله، على أن نؤجل الإنجاب في الفترة الحالية بعد أن تمكن زوجي الذي يعمل فني أشعة منذ سنة من السفر إلى أربيل".

ولجأت سمر إلى عملية تجميد البويضات منذ أن كانت في سن 33 ليقينها بتأخر زواجها، مؤكدةً على لجوء الكثير من صديقاتها المقتدرات مادياً، إلى تلك العملية على الرغم من زواجهن مع تأجيل الإنجاب إما لانتظار لم الشمل أو لتحسن الظروف أو لانتهاء الزوج من الخدمة العسكرية وغيرها من الأسباب.

ما مصير البويضات غير المستخدمة؟

هي فعلاً ظاهرةٌ غريبة جداً عن المجتمع السوري، قسمته ما بين مؤيد ومعارض، إلا أن الرغبة الجامحة للفتيات بالأمومة دفعت بالكثيرات إلى ضم آذانهن عن الأصوات المعارضة، التي يعتقد البعض منها بأن تلك العملية هي بدافع الإنجاب دون زواج، وهو ما أكدته إحدى الفتيات ممن لجأن إلى تجميد البويضات، قائلةً لموقع تلفزيون سوريا "اعتقدت أسرتي في بداية الأمر  بأن تجميد بويضاتي هو خطوة نحو إنجابي من دون زواج، ليستغرق وقت إقناعهم فترةً لا بأس بها، لأتمكن بعدها من إجراء العملية، بعد أن أصر والدي على مرافقتي إلى المركز الطبي، ليشرح الطبيب المختص له الأمر بكل تفاصيله"، مضيفة: تساؤلات كثيرة يطرحها المجتمع عن مصير البويضات التي لا يتم استخدامها، والتي يؤكد الأطباء على إتلافها بحضور السيدة نفسها التي ترجع لها تلك البويضات، أو تلك التي تتلف بعد مضي الفترة الزمنية المحددة، خاصة أن الأمر يتم بعقد قانوني وبحضور محامٍ، كل ذلك حرصاً على حفظ الأنساب الذي يقلق شريحة كبيرة من المعارضين للأمر، فالأمر يتم ضمن ضوابط قانونية وشرعية واضحة لا يمكن تخطيها".

خوف وخجل

وتبين إحدى المحاميات (طلبت عدم ذكر اسمها) بأن ظاهرة تجميد البويضات ارتفعت بشكلٍ ملحوظ مؤخراً، الأمر الذي باتت تلحظه بشكل كبير، خاصة أن القانون السوري يضمن حق ملكية الفتيات اللاتي لجأن إلى تلك العملية، مع منع نقل أو التبرع  بتلك البويضات لأي سيدة أخرى، مشيرةً بأن أيَّ فتاة ترغب بإجراء العملية عليها ملء استمارة في المركز الطبي الذي تقصده، ضماناً لحقها في ملكية البويضات، حيث تتضمن الشروط المدة والسبب إضافة إلى منع التبرع أو النقل لغيرها بشكلٍّ نهائي، أما بالنسبة للأطفال تحت السن القانوني والذين أجبرتهم الظروف لتجميد الأنسجة البويضية في سن الطفولة بسبب المرض، وتؤكد المحامية "على عدم أحقية الوالدين بإتلاف الأنسجة البويضية لطفلتهما حتى تصبح في سن الرشد، وهي من تتخذ القرار" مؤكدةً على خجل وخوف عدد كبير من الفتيات اللواتي يرغبن باللجوء إلى عملية التجميد من ردة فعل المجتمع أو الأهل، ما يجعلهن يلجأن إليها بسرية تامة، في حين يرى أحد أساتذة الطب في جامعة دمشق بأن تجميد البويضات بات إجراء ضرورياً في المجتمع السوري بعد ما وصلت الأوضاع الاقتصادية إلى حدٍّ بات التفكير بالحب وليس الزواج ضرباً من الخيال، ما أدى إلى تأخير سن الزواج بشكل كبير لا يمكن تحديد عواقبه على المجتمع في الفترات المقبلة.