أعلن حزب العمال خلال هذا الأسبوع أن الأولوية في معالجة طلبات اللجوء ستكون من نصيب المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول آمنة من بين أكثر من 100 ألف مهاجر وصلوا بواسطة قوارب صغيرة إلى المملكة المتحدة.
وستعلن وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر عن تغيير للقانون يتيح لموظفي وزارة الداخلية معالجة طلبات المهاجرين غير الشرعيين الذين قدموا إلى البلاد خلال السنة والنصف الماضية، ويقدر بعض الناس أن هذه الخطوة ستتيح لنحو سبعين ألف مهاجر الحصول على حق اللجوء في المملكة المتحدة.
ومن جانبه تعهد السير كير ستارمر بإعادة الانضباط لمنظومة اللجوء والتي أصبحت تكلف دافعي الضرائب 5 مليارات جنيه إسترليني بالسنة بعد توزيع أكثر من 35 ألف مهاجر على الفنادق.
وسيلغي حزب العمال بنداً مهماً ضمن قانون الهجرة غير الشرعية الذي صدَّق عليه ريشي سوناك والذي يمنع أي شخص وصل بطريقة غير شرعية إلى بريطانيا منذ آذار من العام الفائت من الحصول على حق اللجوء، إذ تعهد سوناك "باحتجاز وترحيل سريع" لكل من وصلوا بطريقة غير شرعية، لكن تلك المخططات لم تنفذ بسبب تجميد خطة رواندا.
عارض حزب العمال خطة رواندا، وألغاها منذ وصوله إلى الحكومة، بحجة فشلها وعدم القدرة على تطبيقها لأنها لن تعمل على ترحيل سوى 1% من المهاجرين. ولذلك تعهد ستارمر بمعالجة طلبات لجوء المهاجرين وإنهاء التكاليف المترتبة على استضافة المهاجرين في الفنادق، ومعالجة ما تأخر معالجته من طلبات اللجوء والتي وصل عددها إلى 120 ألف طلب، مع التركيز على إعادة من رُفض طلب لجوئهم إلى بلدانهم الأصلية.
تكليفات قديمة متجددة
وضعت كوبر خطة جديدة لوحدة عمليات الإعادة السريعة التي عادت للاستعانة بمئتي موظف من وكالة الهجرة وإنفاذ القانون، إذ سبق لهؤلاء الموظفين أن كلفوا بإدارة عمليات الترحيل إلى رواندا، والآن سيكلفون بترحيل من رفض طلب لجوئهم إلى بلدانهم الأصلية.
وضعت الوزيرة كوبر هدفاً نصب عينيها وهو توظيف أو إعادة تكليف 800 موظف آخر حتى نهاية هذا العام ضمن مخططاتها الساعية للتركيز على موارد وزارة الداخلية المخصصة لإعادة أكبر عدد ممكن ممن رفضت طلبات لجوئهم إلى دول آمنة في تحول ملحوظ عن الجهود التي بذلتها الحكومة السابقة بخصوص ترحيل المهاجرين إلى رواندا.
وفي بيان للوزيرة يصدر صباح يوم الاثنين، سترفع وزيرة الداخلية آخر التحديثات للبرلمان حول تطور عملية تشكيل قيادة أمنية جديدة على الحدود، حيث سيجري حشد نحو 100 ضابط من الوكالة الوطنية لمكافحة الجرائم بهدف القضاء على العصابات وسحقها كما أعلن ستارمر.
يقدر كثيرون بأن نحو 101 ألف مهاجر وصلوا إلى بريطانيا بواسطة قوارب صغيرة أو غيرها من الطرق غير القانونية قد حرموا من حق اللجوء بموجب بند ورد في قانون الهجرة الذي صدّق عليه سوناك، غير أن كوبر ستلغي هذا البند عبر سنّ تشريع ثانوي.
وبحسب تقديرات مجلس اللاجئين فإن سياسة حزب العمال قد تمنح حق اللجوء لنحو 70 ألفاً من المهاجرين، ويعتمد ذلك على نسبة الحاصلين على حق اللجوء خلال السنة الماضية، والتي وصلت إلى 62%.
الأولوية للقادمين من دول آمنة
وستعطى الأولوية لطلبات المهاجرين القادمين من دول آمنة مثل الهند وفيتنام وألبانيا، بما أن جنسياتهم لا تخولهم الحصول على حق اللجوء في المملكة المتحدة إلا بنسبة ضئيلة، وقد تم إقرار تلك الخطة لأن هؤلاء من الأسهل لهم العودة إلى بلدهم، بخلاف القادمين من دول غير آمنة مثل سوريا وأفغانستان.
يذكر أن 3% فقط من طالبي اللجوء القادمين من الهند قد قُبلت طلبات لجوئهم بحسب ما أعلنته وزارة الداخلية البريطانية، وكذلك 7% من الألبان، و46% من الفيتناميين.
وقد شكل طالبو اللجوء القادمون من فيتنام أكبر عدد من المهاجرين القادمين بقوارب صغيرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بواقع 1060 مهاجراً.
ويعتقد المسؤولون في وزارة الدخلية البريطانية أن المهاجرين القادمين من مناطق معينة في العراق بوسعهم العودة إلى وطنهم بسهولة أكبر من غيرهم، فقد حصل نحو 24% من العراقيين على حق اللجوء في المملكة المتحدة، مقارنة بـ99% من القادمين من سوريا، و97% من القادمين من أفغانستان، و84% من القادمين من إيران. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، تجاوز عدد حاملي هذه الجنسيات الثلاث 2100 من الواصلين. ويُعتقد أن هنالك نحو 12 ألف مهاجر من تلك الدول الثلاث بقيت طلبات لجوئهم معلقة بانتظار البتّ بأمرها حتى لا يعودوا إلى وطنهم، ولهذا يتعين على حزب العمال أن يعلن عن خططه التي ستشمل المهاجرين القادمين من دول غير آمنة إثر رفض طلبات لجوئهم.
يذكر أنه لا يحق لبريطانيا إعادة المهاجرين إلى تلك الدول بسبب تشريعات داخلية ودولية يأتي على رأسها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية اللاجئين الخاصة بالأمم المتحدة والتي تمنع إعادة المهاجرين إلى دول قد يتعرضون فيها للتعذيب أو الاضطهاد.
تراكم في الطلبات ونقص في الكوادر
من غير المزمع لكوبر أن تجعل من إنهاء معالجة المعلق من طلبات اللجوء هدفاً لها وذلك لأن نقطة الخلاف الأساسية تتمثل بنظام الطعن في القرار القاضي برفض طلب اللجوء، لأن ذلك جزء من نظام العدالة الجنائية الأوسع والذي يعاني هو الآخر من تراكم الطلبات ونقص في الكوادر.
وعن ذلك، ذكر مصدر من وزارة الداخلية أنه: "لا شيء سهل في كلا الأمرين، لكن المكسب كبير بالنسبة للمبلغ الذي كان يُدفع على الفنادق المخصصة لطالبي اللجوء ناهيك بالمبالغ الطائلة التي كانت ستُدفع مستقبلاً على ذلك".
بيد أن حزب العمال سيتعرض لانتقادات وتشكيك بشأن قراره الذي يسمح للمهاجرين القادمين بقوارب صغيرة بتقديم طلب لجوء، لأن هذا القرار سيشجع مزيداً من المهاجرين على قطع تلك الرحلة الخطيرة لعبور بحر المانش.
فمنذ أن تولى حزب العمال السلطة في بريطانيا في الخامس من تموز الجاري، وقعت ست وفيات بين صفوف المهاجرين في بحر المانش، إلى جانب وصول 2143 مهاجراً، ليصبح عددهم حتى تاريخ اليوم من هذا العام 15717 مهاجراً قطعوا بحر المانش بوساطة قوارب صغيرة، مسجلين بذلك زيادة تعادل 50% عن عددهم خلال الفترة نفسها من العام الفائت، وبزيادة تقدر بـ3% عن الزيادة التاريخية في أعداد المهاجرين خلال عام 2022.
وبهذا الصدد، قالت وزارة الداخلية البريطانية: "إننا نعزز القدرة على تسريع عمليات الترحيل إلى دول آمنة بالنسبة للأشخاص الذين لم يحصلوا على حق الإقامة هنا، إلى جانب عملنا على تنسيق الإجراءات من أساسها لمنع العصابات ووقف عملها من خلال قيادة أمن الحدود الجديدة، ثم إن وزارة الداخلية اتخذت أولى الخطوات الحاسمة التي سيتبعها مزيد من الإجراءات خلال الأسابيع المقبلة".
المصدر: The Times