بعد مرور أكثر من عقد على الحرب التي أرخت بثقلها على العلاقات بين السوريين في حياتهم اليومية، وبعدما نزح 6.9 مليون سوري داخل بلدهم، واجتثت مجتمعات بكاملها من جذورها وانتقلت لتعيش ضمن مجتمعات مضيفة تعاني بالأصل هي أيضاً، وبعدما تقوض النسيج الاجتماعي السوري بشكل كبير، توحدت مجتمعات كثيرة لتقف في وجه كل الضغوطات والمخاطر، وبما أن فئة الشباب تمثل 26% من الشعب السوري، لذا فقد كانت من أكثر الفئات المتضررة بسبب هذا التمزق الذي اعترى المجتمع.
إلا أن الحلم بدأ في عام 2019، داخل غرفة في الطابق الثاني من كنيسة في بلدة صحنايا الصغيرة بريف دمشق، وتمثل هذا الحلم بفرقة تناغم التي يدعمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث جمعت تلك الفرقة بين 80 شاباً وشابة من مختلف مشارب الحياة، ووحدتهم في محبتهم للموسيقا والغناء من أجل الأمل والوحدة والسلام.
وبعد عام على ذلك، وتحديداً في عام 2021، تخلى ما يقارب من 230 شاباً وشابة يمثلون فسيفساء الشعب السوري، بأديانه ومناطقه وأعراقه، عن كل اختلافاتهم، وأخذوا يؤلفون ويلحنون الأغاني التي تعبر عن شوقهم للحب والسلام، وتوقهم للتواصل والتقارب ضمن مساحة آمنة حتى يتحاوروا ويتناقشوا ويتبادلوا الأفكار.
وفي اليوم العالمي للسلام، نحتفي بأعضاء فرقة تناغم الذين اعتنقوا الإنسانية ديناً لهم، وسخروا تنوعهم ليكون مصدر قوة، فتحولوا إلى سفراء للسلام والتغيير الإيجابي داخل مجتمعاتهم وبين أقرانهم.
في زمن يضطرب فيه العالم بأسره، وبوجود 6.8 مليون لاجئ سوري تستضيفهم 128 دولة، سيجتمع من تخرجوا من فرقة تناغم العام الماضي، ولكن مع أبناء جلدتهم السوريين من مختلف بقاع العالم هذه المرة، عبر مساحة افتراضية، بهدف تقديم الدعم لبعضهم، إلى أن يلتقوا معاً وجهاً لوجه من جديد، ليعبروا بالغناء عن كل ما تحمله قلوبهم ويجول بخاطرهم.